صوت البرلمان البريطاني مساء اليوم ضد قرار وقف إطلاق النار الفوري في غزة، حيث أيد القرار 125 نائبا بمجلس العموم وعارض القرار 293 نائبا.
ومن المتوقع أن يتسبب هذا التصويت في استقالات بالجملة من حكومة الظل لحزب العمال المعارض اعتراضًا على موقف زعيم الحزب من القرار .. وأبرزهم: باولا باركر - عمران خان - ناز شاه - أفضل خان - ياسمين قريشي - هيلين هايز
ويعني تصويت مجلس العموم البريطاني أنه يعارض تعديل سياسة الحكومة الداخلية والخارجية ويعارض طلب هدنة إنسانية طويلة في غزة
وأكد النائب جيرمي كوربين عضو مجلس العموم البريطاني وزعيم حزب العمال السابق، عن تصويته لوقف إطلاق النار على قطاع غزة، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار لوضع حد لهذه الخسارة التي لا نهاية لها في أرواح الناس.
وكتب كوربين، عبر حسابه على تويتر: "كل شخص يُقتل في غزة له اسم ووجه وقصة، لقد قمت بالتصويت لصالح وقف إطلاق النار لوضع حد لهذه الخسارة التي لا نهاية لها في الأرواح الثمينة". وأضاف كوربين: "من العار أن يتجاهل الكثير من النواب أصوات الفلسطينيين الذين يناشدونهم أن يفعلوا الشيء نفسه".
وشهد برلمان المملكة المتحدة اليوم معركة للضغط على الزعماء البريطانيين لتغيير موقفهم الرافض للدعوة لوقف إطلاق النار فى غزة، ورغم أن المراقبين يرون تصويت النواب على اقتراح يدعو لإنهاء الأعمال القتالية على أنه رمزى إلى حد كبير، إلا أن موافقة النواب عليه كانت ستمثل إحراجا للقيادات.
وتزامن ذلك مع عودة رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون إلى الحياة السياسية بعد غياب أكثر من سبع سنوات، بعد أن عيّنه رئيس الحكومة، على نحو مفاجئ، وزيراً للخارجية خلفا لجيمس كليفرلي. جاء ذلك في تعديل وزاري تضمّن إقالة وزيرة الداخليّة سويلا برافرمان، بعد اتهامها شرطة لندن بالتحيّز أثناء التعامل مع الاحتجاجات الأخيرة المتعلقة بحرب غزة، وتعيين كليفرلي مكانها.
وكان كاميرون، الذي تولى رئاسة الوزراء عام 2010، استقال من منصبه عام 2016، بعد صدور نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) - إذ كان من مؤيدي البقاء ضمن الاتحاد. وشكلت عودة كاميرون إلى الحكومة، التي يتولاها المحافظون، مفاجأة لكثيرين، إذ كان قد ابتعد عن الحياة السياسية بعد استقالته.
وجاءت عودته في وقت بالغ الحساسية على الصعيد السياسي عالميا، في ظل الحرب الراهنة في غزة، وفي وقت يخشى فيه كثيرون من اتساع رقعة القتال إقليميا.
وتسببت مواقف كاميرون حيال الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي خلال سنوات عمله كرئيس للوزراء، ببعض الجدل؛ فعلى الرغم من دعمه الدائم لإسرائيل، فإن دعمه كان يتخلله بعض الانتقادات اللاذعة أيضاً. وكان كاميرون أول سياسي غربي يصف قطاع غزة بأنه "سجن مفتوح عملاق" و"معسكر اعتقال".
وفي مارس/آذار 2014، زار كاميرون إسرائيل للمرة الأولى كرئيس للوزراء، وقال أثناء زيارته إن إيمانه بإسرائيل "غير قابل للكسر" بينما حثّ السياسيين في البلاد على السعي إلى التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين لوضع "نهاية لكل الصراعات". وقال كاميرون خلال الزيارة إنه شعر "بنوع من الارتباط" بإسرائيل بسبب أصوله اليهودية "المحدودة نسبياً". ودعم ما سماه "الحلول الوسط المطلوبة، بما في ذلك وقف النشاط الاستيطاني وإنهاء التحريض الفلسطيني أيضاً". كما رفض الدعوات التي طالبت بمقاطعة إسرائيل وقال في الكنيست إن "نزع الشرعية عن دولة إسرائيل أمر خاطئ، إنه أمر بغيض. وسنهزمه معاً".
وفي شهر أغسطس/آب 2014، وبعد اندلاع حرب بين إسرائيل وحماس وفصائل فلسطينية أخرى في 8 يوليو/تموز، حذّر كاميرون إسرائيل من أن قتل المدنيين "خاطئ وغير قانوني" بعد مقتل أكثر من 1800 شخص. وجاءت تعليقات كاميرون بعد أن قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل انتهكت القانون الدولي بقصفها لأطفال خارج مدرستهم، حيث قال لبي بي سي إن الأمم المتحدة "على حق في التحدث علناً بهذه الطريقة، لأن القانون الدولي واضح للغاية في أنه لا يجب أن يكون هناك استهداف للمدنيين أو للمدارس، في حال كان هذا ما حدث". وفي عام 2015، قرر البرلمان البريطاني عدم مناقشة عريضة تطالب باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند زيارته بريطانيا بتهمة ارتكابه لجرائم حرب، على الرغم من جمع ما يقرب من 112 ألف توقيع، وهو الأمر الذي يستدعي رداً من قبل كل من الحكومة والبرلمان بحسب القانون البريطاني.
ومن غير المعروف كيف سيتعامل كاميرون مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في منصبه السياسي الجديد بعد مرور كل هذه السنوات، إلا أن الموقف الأول الصادر عنه بعد تعيينه وزيراً للخارجية، الاثنين، كان تأكيده خلال اتصاله مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس والحاجة إلى هدنة إنسانية للسماح بمرور آمن للمساعدات إلى غزة" بحسب بيان صادر عن مكتبه. وكان كاميرون نشر قبل تعيينه في منصبه، وبعد يومين فقط من أحداث 7 أكتوبر الماضي، على حسابه الخاص على موقع "إكس"، بياناً مرفقاً بعلم إسرائيل، قال فيه: "إن أفكاري وصلواتي تتوجه إلى شعب إسرائيل في أعقاب الأعمال الإرهابية الدنيئة التي تعرضوا لها خلال عطلة نهاية الأسبوع". وأضاف: "إنني أتضامن بالكامل مع إسرائيل في هذا الوقت الأكثر تحدياً وأدعم بالكامل رئيس الوزراء وحكومة المملكة المتحدة في دعمهما الثابت لها".
وتواجه المملكة المتحدة تحديات شعبية متعلقة بما يحصل حالياً في غزة، وخرجت يوم السبت الماضي في الحادي عشر من نوفمبر، والذي صادف يوم تكريم ذكرى الجنود البريطانيين الراحلين خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، مئات الآلاف من المتظاهرين المطالبين بوقف إطلاق نار فوري في غزة، في العاصمة البريطانية لندن وقدّرعددهم بين 300 و500 ألف شخص.