يُخطئ من يظنُ أن الصحافةَ سيفٌ مصلت علي رقاب البشر والمؤسسات، وأن هدفها كشفُ العورات، والإشارة إلي مواطن الخلل وحسب . ولكنها إلي جانب ما سبق نافذةٌ، يتطلعُ عبرها القراء والمتابعون لأوجه البذل والعطاء، التي تستحق الإشادة والثناء .
من تلك المؤسسات مستشفي ومركز مغربي للعيون بالسيدة نفيسة، والذي تعاملتُ معه أثناء مرافقتي لحالة تخصني، انتهي بها المطاف إلي هذا المستشفي بعد رحلة طويلة وشاقة بين مراكز وأطباء العيون، فوجدتْ من دقةِ التشخيص والرعاية ما أنساها مشاكل العينين، واضطراب الرؤية بواسطة خبراء مميزين في أمراض العيون .
ومستشفي مغربي هو صرحٌ طبي شامخ، شيد بجوار مسجد السيدة نفيسة، فسرتْ - ببركة المجاورة - فيه الرحمةُ، وأطلَّ علي عبق الماضي، وسحر عمارة القاهرة الفاطمية، والأيوبية، والمملوكية، واستمد شموخه من إقامته بالقرب من قلعة صلاح الدين المرتفعة علي ربوة تتحدي الزمن، وتُنعش ذاكرتنا بمجد الأولين التليد !
وأؤكد أنه قد خيَّمت علي العاملين بهذا الصرح روحُ وإخلاصُ الأولين، فبدا المستشفي أشبه بخلية نحل، يعرفُ كلٌ دوره، ويؤدي واجبه بمرونة، ساعدت في التغلب علي كثرة زوار المستشفي !
أولُ ما يُدهشُك عند زيارة المستشفي نظافةُ المكان، حيث يعمل مختصو النظافة علي مدار الساعة، وهو ما يحول بينك وبين وقوعِ عينيك علي شائبة، أو تقصير في نظافة، سواء في صالات الانتظار، أو حتي الحمامات، ناهيك عن حجرات الكشف !
ولا يقل الحال مع موظفي الاستقبال، والشئون الإدارية، حيث يتفاني الكلُّ في خدمة رواد المستشفي، ومن بين هؤلاء الموظفين علي سبيل المثال لا الحصر (إيهاب مندور) مسئول التعاقدات بالمستشفي، الذي يأسرك بأخلاقه، وابتسامته العريضة، وسعيه الدءوب في تذليل كل عسير، وعدم السماح لظهور شبح الروتين المُهيمن - للأسف - علي نظام العمل بكثيرٍ من المستشفيات الحكومية !
ويتميز المستشفي كذلك بقطاع تمريض مُدهش، وفريق طبي معاون، يُمارس عمله باقتدار واحترافية لافتة .
وأهمُّ ما في الأمر استعانةُ مستشفي مغربي بأطباء، وخبراء، آمنوا بأن الطبَّ رسالة، وليست تجارة، ينشد أصحابُها الثراء علي حساب المرضي !
ومن هؤلاء الخبراء د. طارق فتحي استشاري الحول وعيون الأطفال، والذي يُعد أحدَّ رموز مستشفي مغربي بالسيدة نفيسة، فقد جمعَ إلي مهارته، وخبرته في طبِّ وجراحة العيون، حسنَ الخلق، وجمال المُحيا، وإخلاصا في الكشف، والتشخيص دون التفات للوقت، فراحة المرضي، والتشخيص الصحيح هما هدفه الأسمي ، وغايته التي تفاني ويتفاني في تحقيقها !
وهنا .. ألفتُ إلي أنّ الانتهاء لخبير في مجال العيون بقيمة د. طارق فتحي، سبقته رحلةٌ طويلة مع أطباء قلَّما تجد فيهم من هو بمثل مهارته وضميرِه المهني .
----------------------------
بقلم: صبري الموجي
مدير تحرير الأهرام