01 - 07 - 2025

الخوف من ترانسفير لأهالي غزة يخيم على مصر

الخوف من ترانسفير لأهالي غزة يخيم على مصر

مع نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين عن منازلهم في شمال غزة والفرار إلى جنوب القطاع الساحلي، تتصاعد المخاوف في مصر من أن تحول إليها الأزمة الإنسانية المتفاقمة عبر حدودها.

تتعرض مصر، وهي الدولة الوحيدة غير إسرائيل التي تشترك في حدود مع غزة المحاصرة، بالفعل لضغوط من الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية للسماح للفلسطينيين الحاملين لجوازات سفر أجنبية بالخروج من معبر رفح مع القطاع.

لكن المخاوف الرئيسية التي تنتاب القاهرة هي أنه كلما طال هجوم إسرائيل على غزة، معمقًا معاناة الفلسطينيين، زاد الضغط على مصر لقبول تدفق اللاجئين إلى سيناء، وهي شبه جزيرة قليلة السكان وقاحلة شهدت عدم استقرار في الماضي.

كانت رسالة مصر واضحة للدبلوماسيين الغربيين: انها ستقدم المساعدات إلى غزة لكنها ستقاوم أي ضغط لقبول أعداد كبيرة من الفلسطينيين وحذر سامح شكري وزير خارجية مصر يوم الاثنين من أن "النزوح القسري" ليس حلاً للأزمة الفلسطينية.

وبلغة أكثر صراحة، قال مسؤول مصري رفيع لنظيره الأوروبي: "تريد منا أن نستقبل مليون شخص؟ حسنًا، سأرسلهم إلى أوروبا. أنتم تهتمون كثيرًا بحقوق الإنسان - حسنًا استقبلوهم".

وقال المسؤول الأوروبي إن المصريين "غاضبون جدًا" من الضغط عليهم لاستقبال اللاجئين، متذكرًا هذه المحادثة.

لكن من المرجح أن يزداد هذا الضغط كلما طال الهجوم الإسرائيلي، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن تشن إسرائيل غزوًا بريًا لغزة، وهي أرض فقيرة ومكتظة بالسكان يبلغ عددهم 2.3 مليون، أي أكثر من أربعة أضعاف سكان سيناء.

شنت القوات الإسرائيلية حصارًا على غزة بعد هجوم من حماس أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخصٍ، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وقتل القصف أكثر من 2750 شخصًا في غزة، متجاوزًا الضحايا المسجلة خلال حرب إسرائيل غزة التي استمرت 50 يومًا في عام 2014، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين.

كما قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والمياه والوقود والسلع إلى القطاع، الذي تسيطر عليه حماس، وأمرت نحو نصف سكان غزة بالانتقال جنوبًا من الشمال المكتظ بالسكان وتتحدث وكالات الأمم المتحدة بالفعل عن أزمة إنسانية كارثية. 

وعمقت تحذيرات بنيامين نتنياهو في بداية الأزمة من أنه يجب على سكان غزة "المغادرة" الشكوك بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد طردهم إلى مصر، على الرغم من نفي الحكومة لذلك.

ودعت بعض الدول الأوروبية علنًا إلى فتح معبر رفح للسماح للمدنيين الفلسطينيين بالفرار، مع دعوة وزير إيطالي لمصر إلى "إظهار قيادتها للعالم العربي" لكن وسائل الإعلام المصرية الرسمية قالت إن تفريغ غزة من سكانها "سينهي حلم الدولة الفلسطينية" كما سيعفي إسرائيل من مسؤولياتها القانونية كـ "قوة احتلال"، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية.

تعد هجرة الفلسطينيين إلى شمال سيناء سيناريو كابوسي بالنسبة للقاهرة، والذي سيطلق ضغوطًا مزعزعة للاستقرار تريد تجنبها حيث تفتقر المنطقة، التي كانت في السابق قاعدة لمسلحي داعش، إلى البنية التحتية للتعامل مع أعداد كبيرة، كما تمر مصر بأزمة اقتصادية.

وأشار مايكل وحيد حنا، محلل في المجموعة الدولية للأزمات، إلى وجود أسئلة دون إجابة بشأن ما سيعتبر العدد المناسب من الفلسطينيين بالنسبة لمصر خلال الأزمة.

وقال: "كم عددهم ولكم من الوقت؟ وحتى لو كان الأمر للحماية الإنسانية المؤقتة، فبعد الهجوم الإسرائيلي قد لا يكون هناك شيء للفلسطينيين للعودة إليه. أو ربما لن تسمح إسرائيل لهم بالعودة".

وأشار حنا إلى أن النزوح الفلسطيني السابق أصبح دائمًا وقضى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان والأردن عقودًا في تلك البلدان دون أي احتمالات للعودة إلى قراهم وبلداتهم.

وقال حنا إن هناك أيضًا عوامل أمنية ربما تكون في أذهان المصريين وقال: "خاضت مصر تمردًا لداعش في شمال سيناء وكانت الارتباطات مع المتطرفين في غزة قضية رئيسية آنذاك" ولن ترغب القاهرة في ضبط مجتمع منفي قد يضم مسلحين يريدون محاربة إسرائيل من أراضيها.

وبدأت حماس كفصيل فلسطيني مستوحى من الإخوان المسلمين، والتي أعلنتها القاهرة منظمة إرهابية بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2013 في تحرك حظي بدعم شعبي واسع أطاح بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.

وبينما تستمر المفاوضات بشأن المعبر، تسمح مصر بتجمع الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية على الطريق إلى الحدود في شمال سيناء، لكن لم يتحرك شيء، بحسب كبار المسؤولين المصريين، لأن إسرائيل رفضت دخولها.

وقال مارتن غريفيثس، رئيس الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، لفايننشال تايمز إن مصر كانت "بناءة منذ البداية" بشأن المساعدات، لكن القاهرة رسمت خطًا أحمر حول السماح بتدفق الفلسطينيين عبر المعبر.

وقال دبلوماسي غربي: "يقول المصريون: نحن مستعدون في ظروف معينة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولكن لن نسمح تحت أي ظرف من الظروف لأي شخص من غزة بدون جنسية مزدوجة بالدخول إلى مصر" و "تقول إسرائيل العكس بالضبط: إنها مستعدة للسماح للناس من غزة، وبأعداد كبيرة جدًا، بالمغادرة، ولكنها غير مستعدة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية ونحن الآن عالقون بسبب ذلك".
-----------------------------
فايننشال تايمز البريطانية