01 - 07 - 2025

مركز "كارينجي": هل هناك مستفيدون من حرب إسرائيل وحماس؟

مركز

أجرت "Judy Dempsey"-رئيسة تحريرمركز أبحاث "Carengie"، ومقره بروكسل-استطلاعاً للرأي تحت عنوان "هل هناك مستفيدون من الحرب بين إسرائيل وحماس؟ حيث وجهت الكاتبة سؤالها إلى عدد من الشخصيات البارزة لاستطلاع أرائهم في ضوء فرضية أنه على المدي القصير، قد يبدو أن حماس وإيران تستفيدان من الأحداث المروعة التي تقع في إسرائيل وغزة. لكن الوضع متقلب ولا يشي بأى قراءات واضحة، ومن الممكن أن يتحول الفائزون الافتراضيون، سريعاً، إلى خاسرين.. وجاء الاستطلاع كالتالي :-

  1. يرى "Cornelius Adebahr"، زميل مقيم في كارنيجي أوروبا، أنه من المؤكد أن هذا الصراع سيصب في صالح القادة المتطرفين ومُصنعي الأسلحة، مع الإشارة إلى أن استعارة مصطلح "11 سبتمبر الإسرائيلية" الذي انتشر بسرعة لا يشير، فقط، إلى الفشل الاستخباراتي الهائل الذي جعل الدولة اليهودية غير مستعدة على الإطلاق، لكنه أيضاً يحمل دروسًا مهمة حول ما يجب فعله بعد ذلك. وبقدر ما كان للولايات المتحدة كل الحق- ومعظم الدعم العالمي- للرد على الإرهابيين في أفغانستان، إلا أنها أهدرت أكثر من مجرد تريليونات الدولارات والكثير من النوايا الحسنة العالمية في حملتها العسكرية التي تلت ذلك. ومن المآخذ على الحروب في أفغانستان والعراق، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 300 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، تركيز  العقول والعتاد الأميركي على منطقة واحدة محددة من العالم، ما سمح للصين بالصعود دون عوائق، لتصبح المنافس الأكبر لواشنطن اليوم. لذلك، سيكون من الحكمة بالنسبة لإسرائيل، أن تستفيد من دروس الولايات المتحدة الأمريكية وأن تفكر على المدى الطويل. قد "تنتصر" في الحرب ضد حماس، مثلما نجحت الولايات المتحدة في هزيمة طالبان سريعاً وإسقاط دكتاتور العراق "صدام حسين". ولكن، في المقابل، عليها أيضاً أن تنظر إلى المكان الذي تريد أن تصل إليه بعد عشرين عامًا من الأن، الأمر الذي يجب أن يحدد ما ستفعله بعد ذلك.
  2. أما "Muriel Asseburg"، زميلة في قسم أفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية  (SWP)، ترى إنه من السابق لأوانه الجزم بمَن الذي سيصعد في النهاية إلى القمة ويستفيد من هذه الجولة من الحرب التي بدأتها حماس بهجوم مفاجئ في طوفان الأقصى، والتي تحمل في طياتها احتمالات اندلاع صراع  إقليمي كبير ودمار هائل. لم ينتصر في الوقت الراهن سوى التطرف، ليهمين بذلك المنطق الصفري. فمن ناحية، أثارت صور تغلُب حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني على السياج الحدودي، والتسلل إلى القواعد العسكرية في إسرائيل، واحتلال الدبابات وتدميرها، إعجاب الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشارع العربي.ومن ناحية أخرى، في الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية، اتخذ العديد من القادة والساسة مواقفهم بشكل لا لبس فيه وقوفاً إلى الجانب الإسرائيلي، مرددين الحاجة إلى الانتقام والنصر العسكري، مع القليل من الاهتمام بتأثير ذلك على المدنيين في غزة،فيما يُنظر إلى الفلسطينيين، مرة أخرى، باعتبارهم إرهابيين في المقام الأول، بينما انتقدت "إيسيبورج" نهج "معنا أم ضدنا" لأنه يترك الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم ممن يناضلون من أجل التحول السلمي للصراع، والمساواة في الحقوق، والتعايش، بمفردهم.
  3. أشار "Nathan Brown"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، إلى أنه ليس من الواضح بعد من المستفيد من مبادرة حماس المذهلة، وربما يكون هذا هو بيت القصيد. فهناك بالفعل خاسرون واضحون: قتل (مدنيين) إسرائيليين؛ وسكان غزة تحت حصار أكثر صرامة؛ إذلال القادة الإسرائيليين؛ والقادة غير المَعنيين في رام الله؛ الدبلوماسيون الأمريكيون لديهم خطط تغمرها الفوضى، لافتاً إلى أنه على مدى أكثر من خمسة عشر عاماً، تفاوضت إسرائيل وحماس على مجموعة من الشروط في غزة، مستخدمين العنف (الوحشي) لتعديل تلك الترتيبات ولكن ليس التخلي عنها. وفي المقابل دفع أهل غزة ثمناً باهظاً، ووجدت حماس نفسها غير قادرة على الارتقاء إلى مستوى المهمة التي أوكلتها لنفسها كـ "حركة مقاومة" .وقد دفع ذلك البعض داخل حماس إلى التخلي عن الحذر، مع الإشارة إلى أن العواقب غير المُخطَط لها- وليس الجرأة التكتيكية- هي التي ستحدد من المستفيد من مقامرة حماس.
  4. ترى "Caroline De Gruyter"، مراسلة الشؤون الأوروبية لـ "NRC" هاندلسبلات، إنه من الصعب في هذه المرحلة رؤية مستفيدين من هذه الحرب. ولا يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين، أنفسهم، أن يجنوا أي مكاسب من العنف والتصعيد. لكن لا شك أن بعض الأطراف الخارجية ستحاول الاستفادة، خاصة وأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أحد الصراعات العتيقة في العالم التي لم يتم حلها، بل أصبحت مجمدة على مر السنين، لكنها تتطلب الكثير من التنازلات والمرونة من جانب الأطراف المعنية، مشيرة إلى وصف المؤرخ العسكري الإسرائيلي "مارتن فان كريفيلد" بأن مثل هذه الصراعات "صراعات منخفضة الحدة". ففي التسعينيات، نصح الجيوش بالتخلي عن عقائدها الحربية الكلاسيكية والتوجه إلى العمل الشرطي وحرب الشوارع. والآن بعد أن تغير العالم مرة أخرى، وتحول ميزان القوى في المنطقة والعالم، فجأة بدأت هذه الصراعات في الذوبان وبدأ القتال العنيف مرة أخرى. ونحن نرى هذا في إسرائيل وفلسطين. لقد رأينا ذلك في ناجورنو كاراباخ قبل بضعة أسابيع. البوسنة وكوسوفو أيضاً على حافة الهاوية. هذه الأمثلة تذكرنا بأنه لا يوجد شيء أفضل من السلام الحقيقي حفاظاً على أرواح المدنيين.
  5. أشار "Kawa Hassan"، زميل مقيم في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "Stimson" إلى إن هذا الهجوم الجريء الذي شنته حماس يمثل نهاية المواجهة الكلاسيكية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، لينشأ شرق أوسط جديد، حيث لم يتبق سوى خط أحمر واحد يتعين تجاوزه: الحرب الإقليمية المباشرة الشاملة بين إسرائيل و"محور المقاومة" الذي تقوده إيران .ومن الدروس الصعبة المستفادة من هجوم 7 أكتوبر 2023 الشعور بالاستقرار الزائف في الشرق الأوسط، وكيف أن عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية يمكن أن يدفع المنطقة إلى حافة الهاوية. وإذا تحقق سيناريو نهاية العالم المتمثل في المواجهة الإقليمية، فسوف يؤدي ذلك إلى كوارث جيوسياسية وإنسانية في الشرق الأوسط وخارجه، خاصة وأن تدمير غزة من شأنه أن يدفع الأجيال الجديدة إلى التطرف في المنطقة وفي الغرب، فيما ستستفيد روسيا أيضاً من هذا التحول، إذ سيكون الحلفاء الغربيون منهكين بالأعباء ولن يتمكنوا من مواصلة دعم أوكرانيا عسكرياً ومالياً.
  6. اعتبر "Francois Heisbourg"، مستشار خاص في مؤسسة POUR LA RECHERCHE STRATEGIQUE أنه في هذه المرحلة، يمكن اعتبار  إيران مستفيدًا استراتيجيًا: فمن المرجح أن انضمام المملكة العربية السعودية إلى "اتفاقيات إبراهام" قد خرج عن مساره المرسوم. ربما تكون قطر، الداعم الرئيسي لحماس، تتذوق بهدوء انتقامها من منافسيها العرب في الخليج. كما أن تركيا، صديقة الإخوان المسلمين، تبدو أيضاً مستفيدة مقارنة بالمملكة العربية السعودية ومصر. وبعد أن نجحت حماس في تحقيق مفاجأتها الاستراتيجية ببراعة، أصبحت الآن تحلق عالياً على حساب السلطة الفلسطينية العاجزة. وعلى الرغم من أن البنية التحتية لحماس في غزة سوف تتحطم في الأسابيع المقبلة، إلا أن الجماعة (الإرهابية) لن تتوقف عن القتال، إذا لزم الأمر من المنفى. ومن الأن، من المرجح أن تستفيد روسيا من تهميش الحرب في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تتمتع الصين بتوهج مبدئي في حال أصبحت وسيطاً محتملاً، بينما قد تعيد الولايات المتحدة، التى تخلت عن دورها كمحرك استراتيجي رئيسي في المنطقة بعد ما يسمى بأزمة الخط الأحمر عام 2013، عندما لم تتدخل في الحرب في سوريا، ترتيب أولويتها واستعادة دورها. وهذا من شأنه أن يعزز مصداقية الولايات المتحدة في أوروبا. وفي الواقع، هناك بعض الحديث في واشنطن عن ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل وأوكرانيا.
  7. يرى "Hugh Lovatt"، زميل سياسات في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن هذه الجولة المروعة من العنف لا تحقق سوى أوهام قصيرة الأمد بالنصر. فعلى الرغم من الانتقام الإسرائيلي العنيف الذي يتعرض له سكان غزة بسبب تصرفات حماس، يبدو أن الجماعة الإسلامية عززت مكانتها بين الجمهور العربي، والعديد من الفلسطينيين الذين يدعمون الكفاح المسلح، على نحو متزايد، إلا أن مستقبل حماس يبدو قاتمًا. وإسرائيل عازمة على استئصالها من غزة وملاحقة كبار قادتها. وبالنسبة لإسرائيل أيضاً فإن أي شعور بالنصر سوف يكون قصير الأمد. وإذا نجحت في الانتقام من حماس، فسوف يتبقى لها قطاع غزة الممزق دون أي استراتيجية واضحة للخروج. ولتجنب الفراغ الأمني، سيكون عليها إما أن تحكم القطاع نفسه، كما كان الحال قبل اتفاقات أوسلو؛ أو إعادة السلطة الفلسطينية الهشة والتي سوف تكافح من أجل فرض سلطتها. ومن شأن أي من الخيارين أن يخلق محركات جديدة لعدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن في المنطقة.
  8. أشار "Aaron David Miller"، كبير زميلي برنامج إدارة شؤون الدولة الأمريكية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إلى أنه من المستحيل تَخيُل تقييم نهائي بشأن المستفيد من هجوم 7 أكتوبر. ما زلنا في الأيام الأولى من الأزمة التي يمكن أن تمر بالعديد من التقلبات والمنعطفات التي يمكن أن تحول الفائزين بسهولة إلى خاسرين- وخاصة حماس، التي قد تؤدي تصرفاتها إلى هجوم إسرائيلي واسع النطاق في غزة، من شأنه أن يهدم سلطتها ويدمر قيادتها. ولكن إذا انتهى الصراع اليوم، فسيكون المستفيدون واضحين وضوح الشمس. أولاً، حماس، التي أثبتت فشل الإسرائيليين استخباراتياً. وأعادت مركزية القضية الفلسطينية في المنطقة وربما في المجتمع الدولي. لقد أخذت رهائن يمكن مبادلتهم بالسجناء الفلسطينيين – وهي قضية عاطفية عميقة في الشارع الفلسطيني يمكن أن تعزز هيبة حماس. ثانياً، إيران، التي يسمح لها دعمها لحماس بفتح نافذة على الصراع العربي الإسرائيلي تستطيع من خلالها بسط نفوذها وإضعاف إسرائيل. ومن الواضح أنها استفادت من هجوم حماس الذي أدى إلى تآكل قوة الردع الإسرائيلية وتقييد التطبيع الإسرائيلي السعودي ووضع إيران في قفص الاتهام. ولكن مثل حماس، فإن مكاسب إيران قد تتآكل إذا نجحت إسرائيل في إضعاف قبضة حماس في غزة أو إذا اتسع الصراع وأدى إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران .وأخيراً، الرابح الثالث هو حركة الاحتجاج الإسرائيلية. ومن غير المتوقع أن تتمتع الحكومة الإسرائيلية التي أشرفت على أسوأ فشل استخباراتي وهجوم إرهابي في تاريخ إسرائيل بالمصداقية اللازمة لشن محاولة لتقويض استقلال القضاء الإسرائيلي وتهديد ديمقراطيتها. وفي الواقع، هناك حديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية من شأنها أن تزيد من دفن الإصلاح القضائي، وربما تكون المكاسب التي حققتها حماس وإيران باهظة الثمن.
  9. يرى "Pol Morillas" مدير مركز برشلونة للشؤون الدولية  (CIDOB)إنه لا يمكن لأحد أن يستفيد من حرب يمكن أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار المحلي والإقليمي والعالمي. وعلى الصعيد العالمي، أُعيد فتح جبهة حرب قديمة جديدة، بعد ما يقرب من عامين من المعاناة في أوكرانيا بعد الهجوم الروسي. كما أن الاتحاد الأوروبي لديه الكثير ليخسره من إعادة إشعال صراع قديم، إذ تعد عملية السلام في الشرق الأوسط واحدة من أقدم جوانب السياسة الخارجية والدبلوماسية الأوروبية. كما يجب أن يأخذ موقف الاتحاد الأوروبي في الصراع في الاعتبار طبيعة وحجم الرد الإسرائيلي، ولا يمكن لبروكسل أن تدعم الاستخدام غير المتكافىء للقوة. إن إدانة الهجمات (الإرهابية) بأشد العبارات أمر ضروري، ولكن لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يرسل إشارات متناقضة حول الحاجة إلى العمل من أجل السلام من ناحية والتصعيد من ناحية أخرى .ولا ينبغي لها أيضاً أن ترسل إشارات متناقضة بشأن إلغاء مساعداتها لفلسطين، لأن مصداقيتها باعتبارها جهة فاعلة في السياسة الخارجية غالباً ما تعتمد على هذه الجبهة على وجه التحديد. لم تكن علاقة الاتحاد الأوروبي سهلة قط فيما يتصل باستخدام القوة في الشئون العالمية، لذا فإن "لغة القوة" اليوم لابد أن تظل متسقة مع الموقف التقليدي للاتحاد باعتباره لاعباً عالمياً.
  10. أشار "Marwan Muasher"، نائب رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي،إلى أنه يجب النظر إلى عملية حماس في سياق الاحتلال الإسرائيلي وغياب أي أفق سياسي خلال السنوات العشر الماضية. لقد تحولت غزة عملياً إلى سجن كبير منذ الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967. وفي ظل هذه الظروف، فإن عملية حماس كانت تعبيراً عن اليأس الشديد وليست محاولة لبدء عملية سياسية. وفي المقابل، فإن الفلسطينيين في غزة سيدفعون ثمنًا باهظا، وهو الثمن الذي ظلوا يدفعونه باستمرار لسنوات عديدة. والخاسر الأكبر الآخر هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فمن المحتمل أن ترحل حكومته، سواء قريباً أو بعد بضعة أشهر من الآن. وسوف يلومه الجمهور الإسرائيلي على قيادته الضعيفة وعدم قدرته على التنبؤ بهذه العملية، مثلما حدث مع حكومة جولدا مائير وموشيه ديان الإسرائيلية في أعقاب حرب عام 1973. أما الخاسر الثالث فهو التحالف السعودي الأمريكي ومفاوضات الانضمام إلى "أتفاقات إبراهام". لقد أظهرت عملية حماس أن التوصل إلى اتفاقيات سلام بين إسرائيل والدول العربية دون فعل الشيء نفسه مع الفلسطينيين هو أسطورة لن تجلب السلام.
  11. يرى "Marc Pierini"،زميل في مؤسسة كارنيجي أوروبا، إنه مع تطور المأساة منذ السابع من أكتوبر، دخلت قيادة حماس وحكومة نتنياهو في دوامة من العنف دون أي فائدة سياسية تلوح في الأفق. وسيزداد حتمًا عدد الضحايا مع حدوث الانتقام والهجمات المضادة. ورغم أن هجوم حماس ليس مقبولاً، إلا أن أصداءه سوف تتردد لفترة طويلة في جميع أنحاء البلدان الإسلامية، وخاصة بين الشباب. ولأنه لم يكن من الممكن تصوره، فإنه سوف يؤدي إلى تأجيج الخطابات المناهضة لإسرائيل، وهو ما سيؤثر بدوره على القادة السياسيين.وسيؤدي ذلك إلى إحراج سياسي للدول العربية التي لديها معاهدات أو اتفاقيات مع إسرائيل (مصر، الأردن، المغرب). أما أولئك الذين يعملون على صياغة مثل هذه الاتفاقيات (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) فسوف يشهدون تجميد المفاوضات، إن لم يكن انهيارها تمامًا. كما ستجد الدول التي تدعم حماس سياسياً (تركيا) أو مالياً (قطر) صعوبة في الاضطلاع بدور دبلوماسي في إنهاء الحرب، حيث ستظل الدعوة إلى حل الدولتين غير مسموعة. إيران وحدها، الداعمة لحماس منذ فترة طويلة والعدو اللدود لإسرائيل، قد تجد مكسباً سياسياً قصير المدى في الفوضى الحالية، لكن حتى هذا ليس مؤكداً.
  12. أشار "Shimon Stein"، السفير الإسرائيلي في ألمانيا، إلى أنه بعد (المجزرة المروعة التي تعرض لها المدنيون)، وقتل عدد لا يحصى من المدنيين الأبرياء الذين بدم بارد، بالإضافة إلى الأطفال والنساء المسنات والرجال الذين تم اختطافهم، فمن الواضح من هو الخاسر الأول. وكلما طال أمد الحرب، كلما زاد عدد الخاسرين المتوقعين للأسف.وتعتقد حماس أن العملية التي أطلقتها ستكون خطوة نحو هدفها بعيد المدى، وهو تدمير إسرائيل عن طريق الإرهاب. إنهم لم يكونوا ولن يكونوا أبدًا شريكًا في أي مفاوضات لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في نهاية المطاف طالما أنهم لا ينبذون الإرهاب، ويقبلون اتفاقيات أوسلو لعام 1993، ويعترفون بحق إسرائيل في الوجود. ويعتقدون أنهم قدوة لنضال الشعب الفلسطيني المستمر. وبالإضافة إلى حماس، يعتقد أعضاء آخرون في "محور المقاومة"- الجهاد الإسلامي، وحزب الله، وإيران- أن هذا العمل (الإرهابي) المروع يخدم مصالحهم. ويتعين على المجتمع الدولي أن يظهر إدانته القاطعة والمستمرة لأي شكل من أشكال الإرهاب.
  13. أشارت "Maha Yahya"، مديرة مركز مالكولم كير كارنيجي للشرق الأوسط، إلى أنه لعقود من الزمن، كانت هناك مغالطة ترتكز عليها عملية صنع القرار الإقليمي والدولي. وهي أن الاستقرار يمكن تحقيقه مع إبقاء السكان بأكملهم تحت احتلال وحشي، ومجردين من حقوقهم. وقد بلور توقيع اتفاقيات إبراهام بين إسرائيل وبعض الدول العربية هذه السياسة، ما يشير إلى التخلي عن خطة السلام العربية لعام 2002 القائمة على مبدأ تبادل الأرض مقابل السلام .كما فتحت هذه التطورات الباب أمام جمهورية إيران الإسلامية للتدخل بقوة أكبر وتعزيز ادعاءها بأنها المدافع عن الفلسطينيين وعن الأماكن المقدسة في القدس. ومن خلال تورطها مع حماس وغيرها، أكدت إيران قدرتها مرة أخرى على إحداث تأثير كبير خارج حدودها. ومع حالة الفوضى التي تعيشها منظمة التحرير الفلسطينية الآن، فقد أكدت حماس أيضاً على نفسها باعتبارها الطرف الأكثر قدرة على قلب الوضع الراهن رأساً على عقب. واليوم، تعمل هذه المغالطة أيضًا على تعزيز الدعم الدولي لرد إسرائيل على الهجمات المروعة ضد مواطنيها. نستطيع أن نسمع طبول الحرب بينما تفرض إسرائيل، دون رادع، عقاباً جماعياً على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة الذين عاشوا تحت الحصار طوال العشرين عاماً الماضية. قد يؤدي الغزو البري إلى توسيع الصراع إلى البلدان المجاورة وربما إلى أبعد من ذلك. لتسود لعبة صفرية من التدمير المتبادل.
    ----------------------------
    تقريرJudy Dempseyرئيس تحرير المركز
    عرض وترجمةشيرين ماهر
  14. رابط التقرير