10 - 05 - 2025

بعبارات موجعة .. كاتب سوري يعرض مكتبته للبيع قبل أن يتراجع

بعبارات موجعة .. كاتب سوري يعرض مكتبته للبيع قبل أن يتراجع

بعبارات موجعة عرض الكاتب السوري أنس الغوري مكتبته للبيع قبل أن يتراجع في اليوم التالي ليؤكد أن إخوة ساندوه وأنه لم يعد بحاجة لبيعها.

والغوري كاتب سوري من مواليد 1985، ويقيم حالياً في الأردن. صدرت له رواية "سرقوك منك" عن دار "الكتاب الثقافي" في الأردن (2021)، و"ذاتٌ حافية.. نصوص عارية إنسانياً" عن دار "فضاءات" للنشر والتوزيع وله العديد من النصوص والمقالات الأدبية المنشورة في الصحف والمواقع العربية.

وقال أنس الغوري في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أول من أمس الأحد:

"أكتب هذه الكلمات مكرهًا، مدفوعًا باليأس والألم العصيّ على ارتداء أيّ لباس لغوي مناسب.

ولأنّ سوادنا الأعظم يفتقر لثقافة التماس العذر؛ فأنا مضطر بتحشرج على التبرير حتّى لا تجلدني سياط ألسنة أصحاب الأحكام المسبقة، أولئك المرضى بأرواحهم، ذاك المُستتر المحجّب الملوّن.

غزانا أسود الحظّ ورمانا بلعناتٍ لا حدّ لها جعلتني أقرب لكائنٍ مستلب العقل. أدور وأتلفّت ولا أجد إلّاي. كنت ولازلت أعمل أربعة عشر ساعة قهريّة في سبيل الرغيف وحيز الأمان والستر، لكن أن يصل الأمر للمرض الجسماني دون تأمين صحي فهذا فوق ما أستطيع تالله! إنّه ذبحٌ للروح!

وصلت وعائلتي لمآل يُستعاذ منه. وأنا بكلّ ما أنا عليه من ضعف وعجز يستبيح ماء الوجه لا أملك "لا بيضاء ولا صفراء"، لا أملك إلّا كتبي!

هبطتُ لمنزلة من البؤس الأسود جعلتني النوائب مادة للطّحن بإرحائِها.

أقدّم عائلتي على كتبي، عائلتي التي فرّت من الحرب للعيش بسلام دون أذى لأيّ إنسانٍ كائنٍ من كان. 

أعرض للبيع كتبي كلّها، التي هي أوطاني، عوالمي، محراب قلبي وقِبلة روحي ومرقاة ذاتي، دمي، لحمي، كلّي وبعضي.

ثلاثة أمراض ألمّت بنا وأنا معهم، وفي مقدمتهم والدي المُقعد الذي حاله يزداد تدهور، الذي لي هو صديقي وحبيبي وسقف قلبي. 

بعد انهيار مقاومتي للألم رضخت للذهاب للطبيب والذي بدوره بعد المعاينة أصرّ على إجراء تحليل محدد، وبعد التحليل أُفجع بثمن تكاليف الدواء الباهظ التي ليس لها عندي من بارقة وصول هذا الوقت. لكن، ما يحرث القلب ويزلزله هو عائلتي. 

أقول ما أسلفت، فقط، لأسلم من الألسنة المسوِّطة بالأحكام الجائرة، تلك التي يتعذر عليها أن تقبض على عذر من سبعين لأيّ كائنٍ إنسانيّ.

إنّه وربي لمدعاة للهزء والعبث أن يكون المال اليوم آية من آيات العذاب لفئة من الخلق، ناس الهامش.

عذرًا "هوراس"! إنّني أقلق من الآتي ولا أجد في الحاضر من بهجة!

لستُ جبانًا في ملاقاة الحوادث، بيدَ أن لي اقتدار محدود، ولا أجابه ما أقْبَل من نوائب وأنا مُدبر، بل أتسمّر كاعتراض وأواجه. 

هذه كتبي، جميعها للبيع، دفعة واحدة؛ الظروف تحتم ذلك. ليس لي من هذا العرض إلّا ألمه المحفور بإزميل "دانتي"، ومن عائده إلّا توسم الستر.

مثلما كانت تصد عنّي الجهل وتواظب على غسل قلبي، آمل أن تدفع عنّي ما أنا به وعليه!

جميع الكتب نسخ أصلية. مجموعها يقدّر ب 1370 كتاب، عدا المجلات الثقافية من "العربي، نزوى، الثقافة العالمية، الآداب الأجنبية". متنوعة، في شتى الحقول المعرفية. الأدب ضمنها له النصيب الأكبر. 

جمعتها ب"صبر عنكبوت" من عدّة مكتبات وأكشاك، ومن أكثر من بلد عربي وأجنبي. 

تقدير ثمنها عائد لضمير المشتري الذي آمل منه أن لا يبخس ويستغل الظرف"

ويعاني كثير من الكتاب الموهوبين في العالم العربي من أحوال اقتصادية صعبة ، نتيجة عدم وجود مؤسسات ثقافية تقوم بدورها وانصراف السلطة عن رعاية المثقفين في أغلب دوله وكذلك هضم حقوق النشر وعدم وجود سوق مشجعة للكتاب تضمن عوائد مناسبة.