مع الايمان الكامل والمستقر أنها نصف المجتمع وشريكة الحاضرة والمستقبل، وأنها صانعة الأجيال والمسؤولة عن ناتج جمع وضرب مخرجات المجتمع وتحويلها إلى واقع صحيح ومتعافي، إلا أننا ودون شك أيضا نرى أن "المرأة المعاصرة" بدأت تفقد كثيرا من صورة الأم والجدة والمعلمة التى تربى عليها الشرقيون وقدرها القدماء ووصلت إلى حد عبادتها احيانا فى مصر القديمة.
بلاغة القران أعتبرها معجزة أخرى تضاف إليه، فعندما تحدث عن المرأة الحاكمة وقوة سيطرتها على الرجال من حولها، فى قصة ملكة سبأ، لم يقل وجدت امرأة تحكمهم، بل قال ﴿إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ لأن القرآن يقينا يعرف سطوة المرأة لدرجة التملك لا مجرد الحكم.
الواقع المرير الذى نعيشه وتعيشه حواء الشرقية معنا الآن، ولا أتحدث عما يحدث في التواصل الاجتماعي والوصول لسباق حقيقى على التفاهة والعرى والسطحية أيضا، أحدثك عزيزي القاريء عن المرأة المسيسة أو العاملة بالسياسة أو تحديدا من ترغب أن تعمل بها وتنشر المواقع والصحف صورها ومتطلبات هذا النشاط.
في محافظات أقصى جنوب الصعيد ومنذ ثورة يناير بات واضحا أن هناك من شرح العمل السياسى لحواء بالخطأ وتوافق ذلك مع خروج ما يزيد عن 80 حزبا سياسيا، وأكاد أنا المهتم بهذا الجانب لا أستطيع أن أذكر عشرة منهم بالكاد.
بات مطلوبا ولزوم الديكور والتصوير أن تكون هناك مواقع سياسية داخل هذه الاحزاب - التى لا يعرفها أحد في الشارع - أن تجلس في الصف الاول لاجتماعات هذه الأحزاب وندواتها ، أن تجلس ثلاث جميلات أو أكثر "وانت وحظك" لا يتحدثن مطلقا وتقريبا لا يسمعن ومؤكد لا يستوعبن ماذا يدور في القاعة، فقط يقمن بالتصفيق للحضور وأحيانا لا مانع من التعرف على عدد من أنصاف المشاهير الذين جمعهن حظ الجلوس في المقاعد إلى جانبهن في الحصول على خدمات لمن حولهن "غالبا في التضامن والتربية والتعليم وفقط وقد يصادفن رؤساء أحياء ووكلاء وزارة"
وأما عن مؤهلات "فتاكات بتاعة السياسات" فهى محددة على سبيل الحصر، لابد أن تكون حسنة المظهر والشكل العام ولا يشترط أبدا مستوى التعليم، وأن تكون تملك صفحة عبر التواصل، عليها ما لا بقل عن 2000 شاب يبحثون عن اسم نسائى وحبذا لوكانت عليه صورة جميلة، ثالثا أن تكون كل خبرتها السياسية معرفة أن مصر تتميز بجو دافيء شتاء ولطيف ممطر صيفا، وأن تكون من مستخدمي "أدوات التجميل الصيني" وأيضا أن تكون مؤثرة في مجتمعها المحيط بحيث أن "سلفتها وجارتها وزوجة ابنها يعرفونها جيدا ويعرفون رقم هاتفها"، وتكون محظوظة للغاية لو أن لها صلة قرابة أو جيرة أو صداقة مع ناشط فيسبوكى أو صحفى من خريجي الدبلومات الفنية، وقطعا يستطيع أن يوصل صوتها حتى آخر الشارع الذي تسكن به.
ليس هكذا يا سادة أكد المشرع المصرى على دور حواء السياسي، وقطعا ليس هذا تمكينا للمرأة بل تكميم لها، وأكاد أجزم أن مصر بها ما يزيد عن 14 ألف استاذة جامعية لايزيد عدد العاملات منهن بالسياسة عن 500 أستاذة أو أقل.
ليست هذه هى حواء الشرقية التى نضعها فوق الرؤوس ونعتز بها، فالمرأة الشرقية والمصرية تتمثل في الأميرة فاطمة إسماعيل إحدى بنات الخديوي إسماعيل، التى قررت يوما ما، وقف مساحة من أراضيها وتبرعت بحوالى 6 أفدنة لإقامة مبنى للجامعة الأهلية (القاهرة الآن)، ووهبت مجوهراتها الثمينة للإنفاق على تكاليف البناء، وأوقفت 674 فدانا على مشروع الجامعة، تجاوبا مع الحركة الوطنية ورعاية للعلم وتشجيعا للعلماء.
المراة الشرقية المصرية هى صفية زغلول "أم المصريين" التى كانت الشخصية المصرية الثانية والتى لعبت دورا بارزا فى الحياة السياسية المصرية (ولدت عام 1878م وتوفيت فى 12 يناير 1946) تاركة وراءها حياه غير تقليدية لفتاة مصرية وزوجة مخلصة مؤمنة بزوجها ؛ هى حرم سعد زغلول أحد أكبر وأقوى زعماء مصر وقائدة ثورة 1919 فى مصر.
المراة الشرقية المصرية العظيمة هي "ملك حفنى ناصف" إحدى أبرز الناشطات المصريات الداعيات إلى الاستقلال الوطني المصري والنشاط النسوى فى نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
السيدة المصرية القدوة هي سميرة موسى أول عالمة ذرة فى مصر،"ميس كورى الشرق" وأول معيدة فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، والتى أزعجت الأعداء فكان قرار تصفيتها.
القصة قصة علم وقيم وصوت حاسم حازم، وليست قصة "فون والسلام، ولا رغى كلام" او عذرا الموضوع "مش كحل ومسكرة وحبه مسخرة"
---------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ