هذا أيضا خبر وسيء، وظل رهين المحبسين: الخوف والرجاء في وعود فوعود منذ 40 يوما. والخبر هو حبس الشيخ "عبد الرحمن صابر البطاوي" إمام مسجد بطوخ، عندما استدعوه يوم 27 يوليو الماضي لأمن الدولة هناك ليسألوه عن شقيقه زميلنا الكاتب الصحفي "محمد البطاوي" المقيم في الولايات المتحدة منذ 5 سنوات.
وهو تماما كوالد زميلنا المقيم ببلجيكا الكاتب والباحث "أحمد جمال زيادة" الرهينة بدوره منذ 22 أغسطس الماضي بحكم رابطة الدم بصحفي، لاعلاقة له بالسياسة، ولم يجر اعتقاله، أو حتى اتهامه بسبب شأن عام من قبل.
والشيخ "عبد الرحمن" رجل دين (41 سنة) يعاني مرضا مزمنا يستحق الرعاية، ويعول زوجة حامل وطفلين أكبرهما 14 سنة من ذوى الاحتياجات الخاصة. فما ذنبه أن يلحق بمعاناة حبس الأهالى (آباء وبنون وأشقاء و...)وتلفيق التهم الجاهزة "إياها" لهم، وفقط لأنهم أقارب لصحفيين يسعون لممارسة المهنة؟.
وما معني أن يجرى ترويع "الشيخ عبد الرحمن" و استدعاؤه مرارا وتكرارا لأمن الدولة بطوخ على مدى العامين الأخيرين لسؤاله عن مكان شقيقه الأصغر المعلوم(!)، والذي سافر من مطار الدولة الأول "القاهرة"،وبموافقة السلطات، ودون وجه لدعوى أو محاكمة أو قضية مفتوحة، وبعلم زملائه بمؤسسة "أخبار اليوم" والنقابة والجميع. وهذا بعد حبس باطل لنحو 26 شهرا، وإخفاء قسري لم ينته إلا عندما تكلمت النقابة، وكانت حينها تتكلم، في بيان يونيو 2015 وسألت علنا :"أين زميلنا؟". ولماذا يجرى اليوم تعذيبه بإيذاء شقيقه وعائلته؟، وحتى بعدما غادر ليشق بهدوء في صخر الغربة وجليدها حياة له ولأسرته الصغيرة، وبعيدا بآلاف الأميال عما يجرى في مصر ولها وعن شئونها.
أكتب اليوم عن محنة هذا الشيخ الأزهري، وهو قابع في جوف ضيق مكتظ قذر مهين للآدمية بسجن طوخ، وبعدما علمت بالخبر السئ من مصادر بالمدينة من خارج العائلة. وقررت بدون الرجوع لأحد ألا أشارك في الصمت. ولأن كل ضحية لحبس ظالم أو يشتبه في ظلمه هو شأن عام، يخص كل المصريين والإنسانية، ولا يخص عائلته وحدها/ الرهينة بدورها. ولأن الفارق بين ما تكشف للآن عن حبس والد "زيادة" وشقيق" البطاوي" أقل من شهر واحد، يستدعى التساؤل: هل نحن أمام حملة جديدة قبل"الانتخابات الرئاسية" لأخذ الأبرياء رهائن لأنهم أقارب لصحفيين وبرابطة الدم؟،وهل المقصود تخويف ماتبقى من صحفيين وصحافة؟.
بين مجلس الصحفيين الحالي (13 عضوا بالنقيب) ، اثنان على الأقل وفق ما نعلم وتكشف بين ضحايا هذه التجربة المروعة المؤلمة: النقيب "خالد البلشي"، وتركوا شقيقه بعد نحو 20 شهرا من الحبس الاحتياطي، وعضو المجلس "محمد الجارحي"، ومازال شقيقه مسجونا للآن. وكأنه لم يعد يكفي أن نطلب الحرية لأكثر من 26 صحفية وصحفيا اليوم. فأصبحنا ننادى بها أيضا لوالد "زيادة" وشقيقي "البطاوي" و"الجارحي"، ولانعرف لمن غدا؟.
وعجايب!
------------------------------
بقلم: كارم يحيى