14 - 05 - 2025

"بُشري" بألوان الاديبة و الفنانة التشكيلية سناء هيشري

كيف نتعامل مع الألم العاطفي ؟ كيف نجعله محتملا؟ هل العثور علي مكان بداخلنا حيث يوجد الفرح سيكون كافيًا لنعيش أفضل الصعوبات أو حتي المعاناة التي تسببها الحياة كما تقترحها الرّوائيّة والأديبة والفنانة التشكيلية سناء هيشري من خلال رسوماتها التشكيلية و ألوانها وفلسفتها. 

لقد استخدم الناس دائما القصص و الحكايات لنقل رسائل و ذلك قبل وقت طويل من اختراع الكتابة، إذ أن هذه الحكايات مكّنت من نقل معارف الأجداد وثقافتهم، كما ساهمت في الحفاظ علي الذاكرة 

تجمع بين الالوان و الرسم و الرواية عبر مجال فني حديث و مُتميّز في سياق السرد البصري تُقدّمه لنا سناء هيشري

فمن خلال اللوحات الفنية و الحكايات الصغيرة انشأت الراوية والفنانة (سناء) رابطا خاصا مع الناس في نقل الرسائل الاكثر تعقيدا بطريقة دبلوماسية

لوحة وألوان و قصّة أداة قويّة لإيصال صوت ورسالة إلي العالم 

ترسم الفنانة لوحة تعكس حكاية لطفلة فقدت والدها الذي توفي في اليوم السابق لعيد ميلادها السابع، والأم بعد ذلك بشهرين، وفي مواجهة هذه المحنة المأساوية قرّرت الطفلة (بُشري) أن تكتب كل يوم رسالة، و ترسم كلمات جميلة للتعبير عن اشتياقها لأمها وأبيها ، تكريما لهما بأجمل العبارات. 

هذا الحرمان و الألم جعلها تكتب وتكتب لمدّة سنوات الي هذا اليوم وِتُصبح أصغر شاعرة عمرها لم يبلغ بعد الثالثة عشر عاما ، تكتب قصائد مُميزة ، يفوح منها عطر الأصالة والغريب أنه عند قراءتها لن تجد عبارات عن الماضي الأليم ولا المستقبل فقط ، بل الآن واللّحظة التي تعيشها هذه الطفلة ، ربّما هذا السبب الذي يجعلها تستمتع بكل لحظة دون أن تسأل نفسها أسئلة تشلّ حركتها و تُرجعها للزمن الذي مضي ولا للمستقبل الذي ينتظرها.

موضوع الطفولة موضوع هام جدا تهتمّ به الفنانة (سناء) المُتخصصة في فنون الجرافيك والتصميم المرئي برسم الأطفال ، فتقول حول هذا الموضوع " دراسة رسم الأطفال تأخذنا بلا شكّ الي عالم مُختلف.. عالم الحقيقة و الواقع ".

لحظة قرأت أوّل سطر لأشعار الطفلة (بُشري)، انبهرت و تفاجأت و أدركت أنني أمام مُبدعةٌ وموهبة شعريّة قد وُلد شعرها من الاشتياق و حب الأمومة 

قصائد ثريّة تجمع بين الشوق والأمل و الحنين تُخاطب العقل والروح من خلال كلماتها الصادقة التي تأخذك الي عالم من التفاؤل و الجمال.

"أُسارع الحياة والأمل علّي أري الفرحة قريبا " هذا سطر من ضمن كتاباتها 

عبر ألواني وتقنياتي أعود لذكريات هذه الطفلة وأشعارها الجميلة لِتحتضنها لوحتي الفنية التشكيلية لِتعكس رحلة يتيمة تغلّبت علي الألم العاطفي بالبحث عن مكان بداخلها حيث يوجد الفرح ، فنظرت إلي وضعها بعين متفائلة وأجبرت نفسها علي أن تكون متفائلة، هذه الميزة هي التي قللت من مخاوفها و منحتها الأمل و بالتالي جعلتها تشعر بالبهجة. 

هذا الأمل والتفاؤل والبهجة انعكس علي لوحة البورتريه للفنانة (سناء) التي تعدّ مُزدوجة المعني وذو وجهين تُقرأ علي أشكال مختلفة ، لوحة فنّيّة تستحضر جمال وأناقة وابتسامة فتاة صغيرة بينما تخفي وراءها ألم و اشتياق و حنين.  

و كالعادة تأخذنا الفنانة التشكيلية سناء الي عالم من الغموض 

هذه اللوحة الفنية الممتدّة علي 130 سنتمترا طولا و 120 عرضا و التي تحمل توقيع للفنانة سناء تحكي عن فتاة يتيمة ، زاوية بسيطة و معقّدة في نفس الوقت  من العالم الواقعي و لكن عندما نتعمّق ونُغيّر المنظور و عندما ننظر إلي عمق هذه الشخصيّة نعرف تماما قيمتها 

مزج الفنانة بين الواقع و الخيال و بين الأدب الفنّي و الرسم التشكيلي تعكس قِيَمًا تعليميّة و ابداع بدرجات لونيّة 

و لعلّ الطّابع الغالب علي هذه اللوحات هو الميل نحو التخيّل و التصوّر بالألوان لِتروي قصّة واقعيّة  تدور احداثها في بيئة حضرية لتتناول موضوع في غاية الأهمية 

ببساطة نحن امام لوحة تولد متعة النظر والتعاطف تجاه هذه الطفلة التي تتصدّرها لِتُقرّب المتفرّجين منها بكل اهتمام و شوق لمعرفة قصّتها.