16 - 06 - 2024

لسنا في رحلة إلى الرئاسة .. يا سادة!

لسنا في رحلة إلى الرئاسة .. يا سادة!

اطلعت كما غيري علي ما نشر من مبادرة تكوين فريق رئاسي وبدون أية تفاصيل، اختصر الصديق المهندس يحيي حسين عبد الهادي الموضوع في صورة نشرتها الأستاذة جميلة إسماعيل ودعوة من المهندس أكمل قرطام وشخصيات من حضروا تلبية للدعوة وكلهم مقدرون ولهم اعتبارهم السياسي، وموضوع اللقاء الذي تراوح كما يبدو من الصورة بين السياسة والترويح عن النفس وهو أمر كلنا في حاجة إليه في ظل أوضاع تبعث علي الارتباك والتردد وفقدان البوصلة وتستدعي مقاومتها، حتي لا نقع فريسة لحالة فقدان مناعة تصيب النفس وتصيب الجسد لا قدر الله.

ولفت نظري فيما كتبه المهندس يحيي حسين من قوله أنه سافر وعاد ( صد رد)، في إشارة لها دلالتها  من أن الامور كما – أفسرها - لم تنح المنحي الذي تستدعيه الحالة، وأننا مازلنا دون مستوي ومسؤولية وخطورة  اللحظة السياسية الراهنة.  فحكاية الفريق الرئاسي هذه تبدو لي وكأننا في رحلة إلى انتخابات الرئاسة، وهو الأمر الذي ينم- معذرة - عن عدم إدراك خطورة وتعقيد الحالة المصرية المقبلة ، أو غير المقبلة ، علي انتخابات بعد أشهر معدودة، فالمواجهة إذا كنا سنواجه حقا، ليست بين نفر من المعارضة ونظام سياسي في ظل ظروف تتوافر فيها عوامل مواجهة فيها سلطة وأحزاب وشخصيات مستقلة وإعلام وأناس تقرأ وتسمع وتناقش وتشارك بغضب وبدون غضب وحملات انتخابية وقوانين  لإجراء الانتخابات (وحاجات مالهاش حصر).

فالمواجهة هذه المرة ليست مع سلطة في قوة وجبروت سلطة نظام مبارك أو مابعده ومابعد مابعده حتي، ولكنها تجاوزته بمراحل .. تجاوزته بشدة الاستبداد وشدة القمع والإغلاق وكتم أنفاس بلد بحالها إلي الدرجة التي استوطن فيها الخوف من كتابة سطور في الفضاء الافتراضي يمكن أن تصل بصاحبها إلي ايام وشهور وسنوات في السجن.

والمواجهة هذه المرة أيضا ليست مع سلطة في قوة وتشابك طبقة من أصحاب المصالح والثروات، مثلما كانت عليه طبقة مصالح وثروات ونفوذ رجال مبارك وما بعده وبعد مابعده حتى، ولكنها تجاوزته إلي الدرجة التي ستدافع عن نفوذها وثرواتها بتوحش بعد أن وعت درس الرئيس المخلوع المسجون النائم علي سرير داخل قفص الاتهام يرد علي القضاء قائلا: افندم. ووعت درس الرئيس المعزول، ودرس مابعده ونفذت كل خطة في وقتها.

والمواجهة هذه المرة ليست فيها أحزاب وقوي سياسية تتحرك وتراكم خبرات ووعي وتحشد جماعات وأفرادا، ولكنها الآن أحزاب لا تستطيع أن تغادر مقراتها الضيقة ولا تقيم مؤتمراتها الجماهيرية إلا وهي في مرواغة دائمة مع الأجهزة من أجل النفاذ من ثقب ضيق، هو المسموح به للعمل داخل مقراتها.

والمواجهة هذه المرة أيضا هي مواجهة بلا خطوط دفاع لأننا انفصلنا فيها أحزابا وأفرادا - ونتيجة لما سبق - عن الناس وانفصل الناس عنا، وأصبحنا في جزر منعزلة ندير فيها مصالحنا الضيقة .. ونحاول فيها أن نتدبر تكملة المعيشة يوما بيوم .. ولا نربط الأمور ببعضها، فنصدق أن الغلاء عالمي، وأنه أتي إلينا عبر البحار والسماء، وليس لنا دخل فيما نحن فيه .. ونغضب، فندعو الله أن يكشف الغمة أو نصدق أننا أحسن من غيرنا فنخرس.

والمواجهة هذه المرة أيضا واستكمالا لطبقة المصالح، فيها إعلام استطاع أن يمارس كل أنواع الدجل والنصب علي الناس فكان نصيبه من الكراهية والتجاهل كبيرا، ولكنه ايضا فعل مفعوله في التغييب والإحباط. 

المشهد كما يبدو شديد التعقيد، والأزمة مستفحلة، فلا نحن لدينا بوصلة وتوافقا في كيفية المواجهة والخروج منها، ولا النظام الذي نواجهه لديه بوصلة وتوافقا لكيفية التعاطي واحتواء ما يحدث والبقاء علي أنفاس بلد بضمان شعبي يعضد مايسعي إليه من ضمانات خارجية.

 ما العمل؟

 في ظل هذا يأتي سؤال ما العمل؟ 

ربما الإجابة الوحيدة علي هذا السؤال تكون علي شاكلة (العمل عمل ربنا) ونعم بالله، ولكنها تحمل أيضا معاني حجم الأزمة وفقدان الأمل في قوتنا وعافيتا.

وفي ظل هذا أيضا، تبدو لي مبادرة الفريق الرئاسي كما لو كانت رحلة ترفيهية تظل دون مستوى الأزمة وتعقيدات اللحظة. 

فهل مازلنا غير مصدقين أو لا نستوعب ما وصلنا إليه مما ليس له من دون الله كاشفة، كما نقول دائما.

هل مازلنا غير مصدقين أن الناس التي تكمل عشاها نوما لا تعرفنا ولا تسمع عن الفريق الرئاسي ولا تعرف ماذا تفعل غدا وهي مشحونة بالغضب الذي قد يستهدفنا أيضا.

فهل مازلنا في شقاق وشكوك في دواخلنا، ولا نستطيع أن نتوافق علي رؤية تحسن من صورتنا، وتجعل الغاضبين يسمعون ويشاركون ويستعيدون إمكانية الأمل في تغيير حقيقي، إذا  كان مقدرا لمصر أن تشهد انتخابات، وتجعل السلطة تستشعر الخطر ممن توافقوا، فتحسب حساباتها وحساباتنا ونبدأ عملية جادة وجديدة لرأب ما نحن عليه أولا، والتوافق الذي يفتح الباب لكسب ثقة وإضافة من ابتعد وزيادة خلصاء موجودين، أو ننتظر رعبا أكبر من هذا.
------------------------

بقلم: نور الهدي زكي
نقلا عن صفحة الكاتبة الشخصية على "فيس بوك"

مقالات اخرى للكاتب

لسنا في رحلة إلى الرئاسة .. يا سادة!





اعلان