16 - 06 - 2024

تحية لشهداء دنشواي

تحية لشهداء دنشواي

 دنشواي قريه مصرية يصفونها بصعيد المنوفية لحمية أهلها واندفاعهم في الحق دون إدراك للعواقب وعدم تمتعهم بمرونة أهل الدلتا أو حملهم المفرط لصفات خبث يرجعها البعض احيانا أنها ضمن وسائل الدفاع عن النفس للفلاح المصري بحكم ميراث طويل من الصبر والمقاومة والتحمل والتحايل علي المعايش.

 بعد تخرجي من الجامعة وانتهاء خدمتي بالجيش بسلاح الدفاع الجوي عام ١٩٧٩ وتنفيذًا للتكليف الصادر لي ( كان هذا هو النظام المتبع لتعيين الخريجين وقتها) عملت لمدة ٣ أشهر بإدارة الشئون الاجتماعية بمدينة الشهداء بمحافظة المنوفية باعتباري أحد ابنائها،ومنها  طلبت نقلي للعمل بالوحدة الاجتماعية في قرية دنشواي التابعة للإدارة،لاعتبارات كثيرة وبدافع فضول المعرفة و لما يحمله اسم دنشواي في تاريخ الشعب المصري من فخر . 

ألان لا أعرف وبعد كل العقود الفائتة ما الذي طرأ من تغيير علي هذه القرية التي يتمتع اهلها بطيبة شديدة وسلام وهدوء نفس.

 المهم أنني حاولت خلال هذه المدة القصيرة التي عملتها هناك أن اقترب من اكبر عدد من الناس وجلست مطولا مع شيخ كان علي قيد الحياة ممن عاصروا حادثة دنشواي وحكي لي عن وقائع المحاكمة الظالمة وإعدام أبطال دافعوا عن كرامة القرية..و رأيت نماذج منتشرة من أجران الحمام التي كانت ماتزال تشكل ملمحا يميز هذه القرية..وتجولت في متحف دنشواي الذي يحكي سيرة هذا الحدث والذي لم تكن تتوقف المدارس من المحافظات المختلفة عن تنظيم الرحلات اليه كي تزرع في الاجيال الجديدة بعض من سيرة الدفاع عن الأوطان ورأيت بدايات إهماله وعدم الالتفات اليه فقد بدي شبه مغلق فبعد زيارة السادات للقدس كان هناك من يري أن تطوي صفحات الماضي التي تثير نعرات الكرامة والاستشهاد. ولا انسي أبدًا ابنة الفلاح البطل محمد زهران الذي حكم عليه بالإعدام مع ثلاثة أخرين والذي نظم فيه المصريون القصائد واعتبرته السيرة الشعبيه بطلًا . 

كانت هذه الابنة ممن يشملهم الضمان الاجتماعي وتاتي شهريا للوحدة للحصول عليه وكان هذا هو موعد لقائي المنتظم بها. ورغم حالتها الصحية وذاكرتها المتراجعة لكبر سنها الا أن حفظها عن ظهر قلب لكل المواويل الشعبية والأشعار التي دبجها الناس في وصف بطولة والدها الذي تم اعدامه وهو مرفوع كانت ملفتة ومثار تعجب وافتخار لكل من حولها لأنها رغم بسطتها ورقة حالها كانت تحظى بإحترام ومهابة بصفتها ابنة البطل زهران .

تحيه لدنشواي في الذكرى ١١٧ لهذه الحادثة الفارقة في تاريخ مصر الحديث والتي شكلت صفحة ناصعة في تاريخ الوعي الوطني للمصريين وتحية لذكرى شهدائنا الأربعة من فلاحي القرية الذي صدر حكم بشنقهم وهم حسن محفوظ،و يوسف سليم،و السيد عيسى سالم،و محمد درويش زهران. و تحية لرفاقهم ل١٢ الذين حكم عليهم بالاشغال الشاقه لمدد مختلفه و بجلد كل واحد فيهم خمسين جلده بتهمة ظالمة وهي مقتل ضابط إنجليزي من ضربة شمس و الذي كان يسعى اهل القرية لانقاذه. 

في هذه الذكرى لاتبقي الا السيرة العطرة للشهداء والأبطال ويذهب الي مزبلة التاريخ قبح الاحتلال وعار كل خائن لم يعرف معنى الوطن.

-------------------------------

بقلم: يحيى قلاش☆

نقيب الصحفيين الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

 الغزالي حرب وثقافة الاعتذار





اعلان