19 - 06 - 2024

محمد صلاح

  محمد صلاح

أنت "بتحب" محمد صلاح؟ تقصد محمد صلاح اللاعب، و"اللا" محمد صلاح البطل؟.. هكذا أصبح محور الحديث خلال هذه الآونة.. ما بين التباهي بفخر العرب وعاشقي الساحرة المستديرة، جناح ليفربول الإنجليزي ولاعب المنتخب الوطني محمد صلاح، الذي تلألأ في سماء أوروبا، والاحتفاء بمحمد صلاح، البطل الذي استُشهد قبل أيام بعد أن اصطادت دانته ذات المواصفات المحدودة ثلاثة رؤوس ممن ينتمون لبني صهيون ذوي العَتاد والعُدة، والذين لا يكاد يمر يوم واحد ويستبيحون- بميليشيا إسرائيلية مستوطنة- مزيدًا من أراضي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وما يرتكبونه من تدمير عشرات المنازل وتهجير مئات المواطنين وانتهاك لساحات الأقصى واعتقال الشباب الفلسطيني في مشاهدَ يوميةٍ لجرائم حرب مروعة تحت أعين المجتمع الدولي، من دون مساءلة أو انتقاد أو عقاب.

ولعل اندهاش الإعلام العبري من وجود ثغرات في المنظومة الإسرائيلية بعد ما فعله محمد صلاح، المجند الذي كل عتاده سلاح روسي قديم كيف له أن يقتل مجندًا ومجندة من جيش الاحتلال، ثم يعبر الحدود وينتظر لساعات، ليشتبك مرة أخرى مع جنود آخرين، فيقضي على أحدهم ويصيب غيره، قبل أن يرتقي شهيدًا، لهو أمر بدهي،  إذ إن سلاحا متهالكا واحدا هزم منظومة عسكرية كبيرة ترعاها دول غنية، لينسف وهم التطبيع مع المحتل والاستسلام لهذا الكيان الغاصب، وأن الحق سيعود، حتمًا، يوما ما لذويه..

أما وأنْ يظهر بعض من يسمون أنفسهم عقلانيين يدينون ما فعله الجندي المصري البطل، لمخالفته قواعد الانضباط، فهم لم يكلفوا عقولهم عناء التفكير فيما يرتكبه جنود الاحتلال يوميًا من قتل وانتهاك واستيطان في الأراضي المحتلة دون لوم أو شجب أو استنكار من هذا المسمى عقلانيًا تجاه هؤلاء الصهاينة، وكأنهم يُعملون عقولهم لصالح طرف واحد فقط، ويرون بعين واحدة.

وعود على بدء، نشوة الاحتفاء في الأوساط العربية بمحمد صلاح الجندي، غير أنها تؤكد أن جل محاولات تل أبيب تطبيع العلاقات مع أفراد أو مؤسسات بعينها لن ترقى لكونها تطبيعا مع شعوب، ومن ثم ستظل حبرًا على ورق، ما دام يواصل الكيان الصهيوني سياسته الغاصبة ومعاداته السامية، فإنها مع ما حققه الملك محمد صلاح اللاعب الذي احتل قلوبًا قبل العقول، برهان ساطع على أن المصري يستطيع بلوغ قمة القمة إذا ما أراد. 
------------------
بقلم: عزت سلامة العاصي

 



مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان