في ظل عدوى التطبيع وسرعة عجلتها خلال السنوات الأخيرة والتسويق لهذا الأمر بصورة غير مسبوقة، إذ بالبطل محمد صلاح ينسف كل هذه الأوهام ببندقية متهالكة ولكن بعزيمة من فولاذ وشجاعة منقطعة النظير، كونه يواجه جنود جيش الاحتلال المدججين بأحدث الأسلحة، وبالفعل كانت شجاعة عملية وحقيقية وأنتجت نتاجا قمة الروعة والتميز بقتل الثلاثية وإصابة الثنائية، وهذا إنجاز متميز للغاية في ظل فارق الامكانيات ليؤكد البطل للكيان الصهيوني أن القصة ليست قصة سلاح ومعدات حديثة، بقدر ما هي إرادة مقاتل وبكل يملك العزيمة والإرادة ولا يأبه بأي اشياء أخرى، عندما قرر أن ينفذ ما يريد وهو ما تحقق على أرض الواقع.
طرح التطبيع أرضا
وإذا انتقلنا من شجاعة المواجهة إلى إسقاط أوهام العدو وتطبيعه، سنجد أن هذه العملية التي قام بها البطل صلاح صدمت مروجي التطبيع صدمة غير عادية، بعدما تخيلوا أن ما قاموا به من خطوات في هذا السياق أنتج ثمرته وأرسي قواعد جديدة لجيل جديد تم عمل غسيل دماغ له، وأن الأمور صارت طبيعية مع كلمات غاصب، ولكن هذه البندقية المتهالكة التي كانت في يد من ذهب أطلقت رصاصة الرحمة على كل هذه المحاولات التي بذل فيها عملاء عرب جهودا مضنية ليرضوا عملاءهم وأسيادهم، وأكدت لهم ولغيرهم أنه لن يصير الدم ماء مهما كانت المحاولات والالتفافات على عقيدة الامة، وايمانها الراسخ بأن العدو الحقيقي هو هذا الكيان المجرم، الذي يقتل أشقاءنا في فلسطين كل يوم، ولن يكون معه سلام بأي حال من الأحوال، أما الذين يقدمون له فروض الولاء والطاعة للحفاظ على عروشهم فهذا شأنهم.
صدمة الكيان
النقطة المهمة وربما القاتلة من وجهة نظري للكيان الصهيوني هو اختراق البطل صلاح لكل هذه التحصينات الأمنية، سواء السور والذي تكلف بناؤه الملايين، أو المعدات والأجهزة الأمنية التي زرعت فيه أو الجنود الذين يتواجدون بجواره، كل هذا نسفه البطل، وصدم الكيان صدمة عنيفة وفتح بابا لأسئلة معقدة وصعبة داخل الكيان وعلى رأسها.. ما الذي يمنع تكرار هذه العملية مرة أخرى؟ وهذا سؤال صعب للغاية ولم تتم الإجابة عليه حتى الآن، فهذه العملية كشفت الكيان أمنيا، وعرته امام شعبه بعد أن كان يتباهى بقوة تحصيناته وإجراءاته الأمنية، فاذ به يصحو على كابوس كبير وهو أن جنديا بمفرده وببندقية متهالكة ينسف كل هذا.
نقطة مؤثرة ومهمة في تقديري، وهي أنه في الوقت الذي كان نتنياهو وبن غفير يستعدون للاحتفال من وجهة نظرهم بما جرى في غزة ومقتل عدة قيادات من الجهاد ومسيرة الاعلام بالقدس، فإذ بصلاح يصدمهم الصدمة العنيفة ويقلب عليهم المنضدة بعملية ليست في الحسبان، سواء من حيث المكان والحدود المصرية التي يعتبرها الكيان الحدود الأكثر أمانا، وفي الزمان حيث الانتهاء بما حدث بغزة والقدس، وهذه العملية تنسف كل هذا ويضع البطل نتنياهو في مواجهة صادمة وغير متوقعة وأسئلة لم تجد إجابات مع ناخبيه، ولن تجد طالما هناك صلاح وأمثاله من الأبطال.
----------------------------------
بقلم: أحمد عبد العزيز