23 - 04 - 2024

الحوار والنظام الانتخابى

الحوار والنظام الانتخابى

الديمقراطية الحقيقية لاتعتمد على النظام الانتخابى وحده أيا كان اسمه وطريقتهK فالنظام الانتخابى هو أحد الأساليب والطرق للوصول إلى الديمقراطية الصحيحة، فهناك ماهو قبل الانتخابات وأثناء الانتخابات ومابعدها. ماقبل العملية الانتخابية هناك مايسمى بالدعاية الانتخابية وهى مرحلة مهمة وحاكمة على أساسها ومن خلال ممارساتها تكون النتيجة، هل ستكون هناك حرية للناخب عند الإدلاء بصوته؟ أم أن هناك إغراءات وضغوطات ووصايات قد تمت على هذا الناخب المسكين؟

فالإغراءات تتم عن طريق توزيع الأموال وهذا تراث تاريخى منذ أن كانت هناك انتخابات فى مصر!! وللاسف تدنت الأمور حتى تحولت الأموال إلى كراتين للمواد التموينية فى شكل أقرب إلى الاحسان!! وبالطبع من يملك الأموال تكون قدرته على الفوز أكبر من الآخر الذى لايملك، حتى أننا شاهدنا فى الانتخابات البرلمانية السابقة التسابق والفخر بالإعلان عن الملايين التى دفعت حتى ينال صاحبها وضع اسمه فى القائمة المطلقة التى تمثل نصف البلاد، مما يجعل التعيين احسن وأشرف !!! كما أن هناك طرق متعددة فى إطار تلك الإغراءات .

أما الضغوضات فهى متعددة من خلال إلزام العاملين فى مؤسسات ومشروعات صاحب الأموال، أو من أمثال تجار الانتخابات المتخصصين خاصة فى القرى مع المواطن الغلبان الأمى . اما الوصايات فقل فيها ماتريد من تراث موروث وحتى الآن من الوصايات الدينية والقبلية والجهوية والطائفية والمناطقية ...الخ

فهل فى ظل هذه الممارسات وتلك الوصايات يمكن أن نتحدث عن حرية فى الاختيار وتعبير الناخب عن رأيه؟ أما أثناء العملية الانتخابية وبكل صراحة وهذا معلوم للجميع . هل يذهب الناخب لكى يدلى بصوته كما يريد؟ أم أن كل مرشح قادر أن يجند عددا هائلا من المواصلات لتوصيل الناخب إلى اللجنة وذلك بعد أخذ بطاقة الرقم القومى منه قبل يوم الانتخابات، أو تسليم الناخب الكرتونة قبل توصيله للجنة! (وهذا كان تقليدا لجماعة الإخوان ولايزال مع غيرهم) ناهيك عن وقوف أتباع المرشح حول اللجان لترهيب وتهديد الناخبين من الفقراء أو من لهم عليهم سطوة اجتماعية أو قبلية. 

نعم هنا يمكن للإشراف القضائى أن يلعب دورا مهما للضبط والربط، خاصة بعد قرار مد الاشراف القضائى على الانتخابات بعد انتهائها دستوريا فى يناير ٢٠٢٤. ولا نعلم هنا هل هذا المد سيكون عن طريق تشريع قانون فقط، ام أن طريق تعديل دستورى حيث أن انتهاء الاشراف جاء بمادة دستورية، وكل هذا فى ظل الحديث عن عدم المساس بالدستور فى الحوار الوطنى ( مجرد تساؤلات للتوضيح) . أما بعد الانتخابات، فهل بالفعل يقوم النائب بما يحب أن يقوم به؟ وهل هناك إرادة بالفعل بأن يقوم البرلمان بدوره الحقيقى والصحيح؟ وإلا هل يعقل أن يمر البرلمان السابق والحالى حتى الآن ولم نشاهد استجوابا واحدا للحكومة!!

اما النظام الانتخابى وكيف يكون؟ فقد شاهدنا الحوار حول تلك القضية فى قاعات الحوار الوطنى، وكانت الآراء تدور حول: نظام القائمة المطلقة حتى يتحقق تمثيل فئات الكوتة (من مسيحيين ، نساء، شباب، معوقين، عمال وفلاحين، عاملين بالخارج!) . ونظام القائمة النسبية غير المشروطة والتى تعطى الفرصة للأحزاب وكل القوى السياسية فى التمثيل البرلمانى، وبالطبع ثالثا النظام الفردي الذى اعتدنا عليه . 

هنا وبعد جلسة مناقشة تلك القضية وجدنا حملات إعلامية ليلية تؤيد بكل صراحة ووضوح نظام القائمة المطلقة لكى يتم تمثيل الكوتات! وهذا يعنى أنه الاتجاه القائم. هنا نقول إن نظام الكوتة لايجب أن يكون طوال الوقت، بل فترة محددة حتى لايكون هناك عوار دستورى يعطى فرصا غير متساوية للبعض على حساب الآخرين. فمثلا كوتة العمال والفلاحين كانت ٥٠ فى المائة والخمسين الأخرى للفئات، وفى كل الأحوال فالنسبتان تعطيان الفرصة لكل الفئات الأخرى التى تتمثل فى الكوته الحالية. 

وهنا أتحفظ كالعادة على كوتة المسيحيين لأن استمرارها سيؤدى إلى قسمة الوطن على أرضية دينية دستوريا وهذه لبننة مستقبلية للوطن لانريدها ولا نتحملها على الاطلاق. فليس المسيحى هو من يمثل المسيحيين، وليس المسلم من يمثل المسلمين وإلا تصبح مصيبة المصائب. فالنائب هو نائب الشعب المصرى جميعه، أما النظام النسبى غير المشروط بالحصول على نسبة معينة للتمثيل البرلمانى ومع خلطه بالفردي، فأعتقد أنه النظام الذى يمكن أن يتوافق مع الظروف الحالية التى يمر بها الوطن، وفى كل الأحوال وقبل كل هذا نحتاج إلى الانفتاح السياسى وإعطاء الفرصة للمعارضة كي تقوم بدورها فى إطار الدستور والقانون، لأن مصر فى هذه الظروف الصعبة والتحديات غير العادية تحتاج إلى كل أبنائها البررة والمخلصين. 

حمى الله مصر وشعبها العظيم.
---------------------------------
بقلم : جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان