23 - 04 - 2024

مؤشرات | رسائل الشهيد محمد صلاح وعمليات العوجا وبرقة وعين نطفيم

مؤشرات | رسائل الشهيد محمد صلاح وعمليات العوجا وبرقة وعين نطفيم

من الشرقية إلى القليوبية إلى كل ربوع مصر، سيولد إبن بطل وشهيد مؤمن بعدو واحد ينتهك كل حقوق الإنسان، وسط عالم يحكم بمكيالين، وتقوده أمريكا في مناطق عديدة، ومنها منطقتنا العربية وفي الشرق الأوسط، لحماية هذا الكيان اللقيط، والذي يحمل إسم إسرائيل "الصهيونية".

في ظل عدم احترام لأي اتفاقيات في الأراضي المحتلة، مع تقاطر الحكومات المتطرفة، التي لا تسمع إلا نفسها، وتقنن العنف والعنصرية بكل معانيهما ضد الفلسطينيين، وتقتل وتعربد وتبتلع الأراضي، وتحمي المتطرفين والمستوطين، فعلى كل هؤلاء ومن يحميهم ويتعاطف معهم أنهم ليسوا في أمان، ولن يهنأوا بغمضة عين، وسيظلون يبحثون عن ملجأ ومخبأ وظل ضئيل يحتمون فيه.

تلك هي الرسالة التي يجب أن يدركها الحمقى في تل أبيب، من حادث العوجا، وما قام به الشهيد محمد صلاح إبراهيم، إبن كفر العمار بالقليوبية، والذي هو بطل في نظر كل المصريين والعرب، وليس كما وصفه الصهاينة بأنه "إرهابي"، وبغض النظر عن كل التفسيرات التي قيلت حول الحادث، فإن هناك سرا وراء ما جرى، ربما تكشف عنه الأيام، أو يظل في قلب الشهيد إلى يوم الحساب أمام ربه.

ولكن كل التفسيرات لا تخرج عن كون ما جرى تعبير عن غضب يتراكم في قلوب كل الناس، وليس محمد صلاح إلا واحدًا من الغاضبين من كل جرائم إسرائيل ومن يساندها، وهو ما لا تفهمه حكومات التطرف في إسرائيل، ولن ينهيه أية إتفاقيات سلام، من 1978 و1979 وحتى الآن، فإذا كانت تدرك إسرائيل فيه ومن وراءها فهي في حالة وهم كبير جدا، وعليها أن تدرك أن الطريق الصحيح للسلام هو القبول بالآخر، والتوقف عن "هضم" حقوق الآخرين، والتوقف على إثارة الفتن، والتوقف عن دعم التطرف.. وأنه لن تحميها ترسانات الأسلحة لديها ولدى من يدعمها.

وهناك نقطة أخرى تكشف عنها أحداث "العوجا"، وهي حالة الجبن التي يعيشها الجنود والعسكر الصهاينة على الأرض، فجندي واحد أثار الرعب في نفوس الجنود الصهاينة، ومن الواضح أنهم لم يستطيعوا المواجهة، بعد مرحلتين من المواجهة مع (محمد صلاح) الأولى التي قتل فيها جندين، وربما هناك إصابات لأخرين، في تأكيد واضح لضعف المنظومة الأمنية الصهيونية، والثانية مع قوة الدعم، والتي قتل فيها جندي، وإصابة آخرين، لتستعين، وفقا للصحف الإسرائلية بالطائرات المسيرة "بدون طيران" والتي استهدفت الشهيد المصري.

نعود للتاريخ قليلا، لنتذكر الشهيد سليمان خاطر، إبن قرية إكياد البحرية التابعة لمدينة فاقوس بالشرقية، وهو أحد عناصر قوات الأمن المركزي المصري، والذي أطلق النار على مجموعة من السياح الإسرائيليين عند نقطة حراسته التي تقع بالقرب من منتجع رأس برقة بمنطقة نويبع بمحافظة جنوب سيناء في 5 أكتوبر 1985 فقتل منهم سبعة وجرح أربعة فيما عرف بحادث رأس برقة.

وأتذكر جيدا كم كانت حالة السعادة في الشارع المصري، بهذا العملية، وكانت حالة الغضب مشتعلة بين المواطنين المصريين والعرب من سياسات الصهاينة المتطرفة، وتحولت الجامعات إلى مظاهرات حاشدة مرحبة ومدافعة عن سليمان خاطر، والمطالبة بمحاكمته محاكمة مدنية، وليست عسكرية.

وعن قرب رصدت حالة الغضب المصري حيث قمت بتغطية مظاهرات الطلاب والمواطنين في مسقط رأسه في محافظة الشرقية، وجامعة الزقازيق، وكان معي الزميل المرحوم الصحفي حمدي سليم، ويومها نظمت جريدة "الأهالي" حملة تحت عنوان ( مصر كلها سليمان خاطر)، تعبيرا عن حالة الغضب من الصهاينة، وظل إسم سليمان حيا رغم موته أو قتله ، أو إنتحاره في زنزانته.

نفس الشيء تكرر في عملية معبر "عين نطفيم" أو "رأس النقب" على يد الجندي أيمن محمد حسن محمد إبن مدينة الزقازيق بالشرقية -شفاه الله-، وقد تابعتها صحفيا وقتها، وأيمن كان مجندًا بسلاح حرس الحدود المصري، والذي اجتاز الحدود المصرية-الإسرائيلية في 26 نوفمبر 1990 وهاجم عدة مركبات عند معبر عين نطفيم شمال غرب إيلات، رداً على إساءة جنود إسرائيليين للعلم المصري، وقيام الإسرائيليين بمذبحة المسجد الأقصى الأولى.

 ووفقا للمعلومات وقتها فقد تمكن  أيمن من قتل 21 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً وجرح 20 آخرين بعد مهاجمة سيارة جيب وحافلتين إسرائيليين وعندما أصيب في رأسه عاد إلى الحدود المصرية ليسلم نفسه، ويدخل محاكمة عسكرية ليسجن 12 عاما، ولكن تم الأفراج عنه بعد 10 سنوت.

في كل الحالات يتبين أن رد الفعل في تلك الحوادث وغيرها، هو حالة الغضب من سياسات إسرائيل المتطرفة، .. وهي الرسالة الأهم الواجب أن تدركها تل أبيب .. وتقرأ نتاج سياساتها قبل كل شئ، فالسلام يعني الأمان للآخر، والاعتراف بحقوقه.
----------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | رعاية القتل والانحطاط الأخلاقي





اعلان