19 - 04 - 2024

عجايب غراب أبيض | بطل خارج السجاد الأحمر

عجايب غراب أبيض | بطل خارج السجاد الأحمر

قبل الكشف عن أي معلومة عنه أو دوافعه، أسرع ناسه وشعبه  برسم ملامحه. قالوا لبعضهم ولأنفسهم، وهم ينتظرون مالم يأت بعد ويلعنون الغلاء والفساد والطغيان والقهر، إنه كان يعد الأيام تحت الشمس وفي البرد كي تنتهى مدة خدمته. وقالوا إنه يتقاضى شهريا ما لايساوي إكرامية "بقشيش" يدفعها واحد من أبناء "الباشوات الجدد" مجنبا بعيدا عن مكانه ومخاطره لفتاة تخدمه بفندق 5 نجوم خلال رحلة سياحة للخارج، أو ثمن"تي شيرت" بماركة عالمية. 

قبل أن يعلموا باسمه، اخترعه الناس في مواجهة عتمة إعلام يذكرهم بيونيو 67،  بطلا بلا أضواء أو سجاد أحمر أو ألقاب ونياشين وفخامة وسيادة، وبدون صور ملونة عملاقة، أو عناوين ضخمة تتصدر كل الشاشات ونشرات الأخبار والصحف. صاغوه من معاناتهم ويأسهم، "البطل الضد" الطاهر من دنس تسلط السلطة والمال والأعمال الحرام والأكاذيب والنفاق والخذلان.. والخوف. بطلهم هو، وحتى لو لم يغيروا من أجله كلمة بمذكرة رئيس مجلس محلي قرية أو حي شعبي، لا نصوص دستور بجلال قدره. 

بطل بدون علاقات وشبهات "بزنيس" وعمولات وصفقات مطبعين وممانعين عن أحدث المعدات العسكرية وأكبر "المقاولات القومية". بطل يتحدى ببندقية عتيقة استهزاء أعدائه، لكنها لم تخجل أن ترتفع ولا تنحنى أمام أحدث ترسانة وتكنولوجيا وأفخم وأقوى تجهيزات على الجانب الآخر من الحدود، والمؤمنة باتفاقات ومعاهدات مع قادة لم يكونوا أبدا منتخبين ديمقراطيا. 

ربما يعمدون لإخفاء مكان قبره ولدفن جثمانه في الظلام وبلا عزاء. لكنه وقبل كلمة واحدة عن "الحادث" في إعلامهم الطبول الصفيح استقر في قلوب هنا بلا حصر، جليا كشمس يونيو آخر، وعميقا كجذور الشجر في طين هذا البلد وأساسها، وتحوطه أفئدة كل محبي سلام العدل والحق والحرية في  العالم. 

وعجايب.
---------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | مناهضة التطبيع تهمة تقود للسجن





اعلان