19 - 04 - 2024

انتصار أخر في مسيرة حافلة.. أردوغان رجل تركيا القوي

انتصار أخر في مسيرة حافلة.. أردوغان رجل تركيا القوي

انتصار أخر في مسيرة حافلة بالتقدم والنجاحات، حيث فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة لرئاسة تركيا حتي 2028، الأحد، متفوقا على مرشح المعارضة، كمال كليجدار أوغلو.

وحسب النتائج النهائية، التي نشرتها وكالة الأناضول للأنباء، فقد حصل أردوغان على نحو 52 في المئة من الأصوات، مقابل نحو 47 في المئة لمنافسه كليجدار أوغلو.

ومن المرجح أن تكون أخر عقبة انتخابية في حياة أردوغان السياسية، إذ تكون السنوات الرئاسية الخمس المقبلة، الأخيرة في مسيرة حكمه .

ولد أردوغان عام 1954 في إسطنبول، وأصوله تعود لمدينة ريزة على البحر الأسود.

أنهى دراسته الثانوية في العام 1973، وبعدها درس في جامعة مرمرة في كلية العلوم الاقتصادية وتخرج منها عام 1981.

ينتمي أردوغان لـ"التيار الإسلامي"، لعب كرة القدم شاباً قبل أن يدخل عالم السياسة، وكان ناشطاً في اتحاد الطلبة الوطنيين الأتراك، وترأس الفرع الشبابي لحزب السلامة الوطنية الإسلامي في منطقة بي أوغلو في إسطنبول عام 1976، ولاحقاً ترأس الفرع الشبابي للحزب في إسطنبول حتى عام 1980.

وعقب إغلاق الأحزاب بعد انقلاب عام 1982، توقف عن العمل السياسي، ليعود إلى السياسة مجدداً مع تأسيس حزب الرفاه، واختير رئيساً له في إسطنبول وعضواً للقيادة المركزية.

انتُخب عام 1994 رئيساً لبلدية إسطنبول لتكون انطلاقته الفعلية وازدياد شعبيته في البلاد، إذ حقق أردوغان نجاحات في البلدية زادت شعبيته.

ونظراً لإلقائه شعراً دينياً في العام 1997 حوكم بالسجن وأنهيت رئاسته لبلدية إسطنبول ما زاد من شعبيته أكثر، وبقي في السجن 4 أشهر، ليخرج ويؤسس في العام 2001 مع أصدقائه حزب العدالة والتنمية.

وفي انتخابات العام 2002 تولى الحزب مقاليد الحكم في البلاد حتى الوقت الحالي بشكل متواصل في حالة نادرة بتاريخ تركيا السياسي.

وتولى أردوغان رئاسة الوزراء عام 2003 بعد إزالة المنع السياسي بحقه، ثم رئاسة البلاد عام 2014، وانتخب مرة ثانية عام 2018 وفق النظام الرئاسي الجديد.

تعرّض لمحاولة انقلابية من قبل أفراد في الجيش عام 2016 تمكّن من إحباطها.

و أعلن مجلس الدولة التركي، أعلى محكمة إدارية في البلاد، الجمعة 10 يوليو 2020،  إبطال مرسوم عائد لعام 1934 كان يقضي بتحويل مسجد آيا صوفيا في إسطنبول إلى متحف، حتى وقّع أردوغان مرسوماً يعيد فتح الموقع كمسجد يؤدي المؤمنون فيه الصلاة.

وأنشأ أردوغان جسور وطرق سريعة ومطارات، وجسر البوسفور الثالث، وأول محطة للطاقة النووية افتُتحت منذ أيام.

وشهدت تركيا علي يد أردوغان تشييد أكثر من عشرة ملايين مسكن، وهو رقم "أكبر من نصف ما تم تشييده في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي مجتمعة خلال الفترة ذاتها"، كما قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة أنقرة مليح يشيلباغ لوكالة "فرانس برس". وشهد الاقتصاد التركي ازدهاراً كبيراً منذ تسلم أردوغان الحكم، ما سمح بتحسين أوضاع الفقراء وتوفير إمدادات الكهرباء والمياه وزيادة دخل الفرد وتوزيع الثروة ونشر الرعاية الصحية وبناء مدارس ومراكز رعاية طبية.

كما عمل أردوغان على توسيع شعبيته داخل الشارع المحافظ، وخصوصاً بقرار السماح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعات وفي الوظيفة العامة، إضافة إلى بناء مئات المساجد في البلاد. وسعى أردوغان لتحجيم تدخّل مؤسسة الجيش في الشأن السياسي، وواجه جماعة الخدمة المتغلغلة في مؤسسات الدولة.

تعرّض لمحاولة انقلابية من قبل أفراد في الجيش عام 2016 تمكّن من إحباطها، وعمل بعدها على اعتقال الآلاف من المؤسسة العسكرية ومحاكمتهم. كما أنه غيّر الكثير من القوانين وعدل الدستور، ومنها نظام الحكم في البلاد الذي حوّله من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

و بدأ منذ 2005 محادثات لتحقيق انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تعطّلت لاحقاً.

وسعى أردوغان لتوسيع نفوذ بلاده في الخارج، سياسياً وعسكرياً، وشهدت السياسة الخارجية تذبذباً خصوصاً مع جيرانه والدول العربية، من سورية إلى مصر والعراق واليونان، وبعض دول الخليج.

لكنه بدأ منذ نحو عام ونصف العام جهوداً لتحقيق مصالحة مع معظم هذه الدول.

أما في الصراع الأوكراني، فقد تمكن من الحفاظ على علاقات مع كييف وموسكو، وعرض نفسه وسيطاً بينهما، من دون أن يثير غضب حلفائه في حلف شمال الأطلسي.

فشل في المحافظة على استقرار الوضع الاقتصادي، خصوصاً مع الارتفاع الكبير لنسب التضخم

وفشل أردوغان نسبيا في المحافظة على استقرار الوضع الاقتصادي، خصوصاً مع الارتفاع الكبير للتضخم وتراجع سعر الليرة التركية، وارتفعت الأسعار، وبدت الحكومة عاجزة عن السيطرة على تراجع الوضع المعيشي.

وحاول أردوغان تدارك هذا الوضع، مع عمله على رفع الأجور للموظفين، وإطلاق وعود لتحقيقها في المرحلة المقبلة، ومنها جعل الأتراك يستفيدون من مشاريع النفط المكتشفة حديثاً وتوفير الغاز مجاناً.

وخلال فترة الحملة الانتخابية، حشد أردوغان أنصاره في الميادين خصوصاً في المدن الكبرى، وتمكّن من حشد أكثر من مليون و700 ألف مواطن خلال تجمع كبير في إسطنبول في 8 مايو الحالي.

واعتبرت وكالة "أسوشيتد برس"، أن هناك عدة تحديات داخلية بالأساس واجهت أردوغان قبل انتهاء ولايته، وقد تستمر معه بعد إعادة انتخابه، تشمل: أزمة غلاء المعيشة الحادة التي يلقي الخبراء باللوم فيها على سوء إدارة الحكومة للاقتصاد، في حين يعتقد أردوغان أن أسعار الفائدة المنخفضة تعمل على ترويض التضخم، على عكس النظرية الاقتصادية التقليدية، وتضغط على البنك المركزي ليعكس وجهة نظره.
فيما اعتبر مراقبون أن تركيا شهدت انتقادات فيما يخص وضع الحريات العامة، وهي نقطة استغلتها المعارضة التي لوحت بإعادة أنقرة إلى مسار أكثر ديمقراطية.
تعاني تركيا أيضًا من آثار زلزال قوي تسبب في دمار 11 مقاطعة جنوبية في فبراير، وتعرضت حكومة أردوغان لانتقادات بسبب تأخرها وتوقف استجابتها للكارثة، فضلاً عن التراخي في تنفيذ قوانين البناء التي أدت إلى تفاقم الخسائر.

ويري مراقبون بأن ملف أردوغان الأبرز هو ضبط التوتر الحادث مع القوى الغربية، وسيكون الرئيس التركي وحزبه أكثر حرصًا على ألا يصل الأمر إلى حد القطيعة مع أي دولة من نظر براغماتية بين الغرب وتركيا.






اعلان