28 - 03 - 2024

بريد القلوب (2) خبطتان في الرأس

بريد القلوب (2) خبطتان في الرأس

يقول صاحب القلب المكلوم في رسالته إلى بريد القلوب :

"أكتب إليكم وأنا في قمة الوجع والخذلان ، فلقد تعرضت لخبطتين في الرأس، الأولى من زوجتي الأولى وأم بناتي الثلاث التي طلبت الطلاق بناء على ضغط أهلها ، بعد حبسي في قضية لا ناقة لي فيها ولا جمل، والحمد لله ظهرت براءتي وتم إطلاق سراحي.

أعطيتها ما أردت ، وأنا في عجب من قبولها بضغوط أهلها ونسيانها العيش والملح بعدما أحضرت لي متضامنة العيش والحلاوة.

ركزت من جديد، رغم الغبن الذي تعرضت له، وسرعان بتوفيق من الله ما وقفت على قدمي مجددا في تجارتي بمجال العطارة، واخترت زوجة أخرى من قريتي في أرياف الدلتا وصعدت بحياتها الاجتماعية من مستوى إلى مستوى، وبعدما استقرت الأمور، وجدت محاولات من زوجتي الأولى لعودة المياه إلى مجاريها، ولكن شريطة انفصالي عن زوجتي الثانية، وهو ما رفضته.

مرت الأيام وأنا متمسك بأداء حقوق بناتي الثلاث وأمهم، وحقوق زوجتي الثانية وابني منها، ولكن تعرضت لصدمة ثانية بعدما فوجئت بزوجتي تطلب الطلاق أكثر من مرة، عقب رفضي طلبها النظر في مصروفاتي على بناتي من زوجتي الأولى  ، وتبرر ذلك بخوفها على أموالي ومستقبل ابني الصغير منها، رغم ما هي فيه من خيرات وأملاك حصلت عليها مني، هدايا تلو هدايا.

أنا في حيرة من أمري، أنفقت و كأني لم أنفق، و أحسنت و كأني لم أحسن، والآن للمرة الثانية يتم مساومتي على منع الحق و إيذاء طرف لصالح طرف آخر.

أنا ابتعدت ، واعيد حساباتي مرة أخرى ، وأطلب نصحكم.

ماذا أفعل؟"

ولصاحب القلب الحزين أقول:

روايتك للأزمة تؤكد استمرار وجود أولاد الأصول، ولكن دائما من المهم  سماع الرواية الثانية، والطرف الثاني، وهو ما أنصحك به في البداية، فلابد أن تسمع الزاوية الثانية للأحداث من أم بناتك أو زوجتك الثانية ، لتعرف أنت قبلنا، لماذا صنعت الأولى ما صنعت ولماذا وصلت الثانية إلى ذلك؟

لا تحزن ، كل معروف صنعته لن يضيع سدى طالما كان لوجه الله ثم لأداء واجباتك ، ولكن اعتني بروحك وروحانياتك جيدا، واهتم بنفسك وقلبك جيدا في فترة التباعد الحالية ، ولا تبخس الآخرين حقوقهم ، وارفع شعارا ثلاثيا أراه رمانة ميزان للعلاقات والمعاملات وهو :" الله ، الذات ، الآخرين"، وهو عين مقصد حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال :"إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ".

الوعي الجميل على يد مختص، ودوام السعي النبيل على درب المعرفة والمعروف، بابان مهمان لتصحيح المسار، وحمايتك من الاستباحة والخذلان والاستحقاق السلبي، كما جاء في رسالتك ، فما أبشع الخذلان وقت الاحتياج، والاستباحة وقت الرخاء، والاستحقاق دون حق.

وإذا كان من حق زوجتك الأولى الإنفصال بسبب حبسك، للضرر الذي قدرته وقتها، فهو حقها قانونا وشرعا من باب العدل لا الفضل والكرم ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

لقد أحسنت أنك وفيت حقوق بناتك من زوجتك الأولى رغم احساسك بالخذلان ، فهذا من شيم الرجال الكرام، فالحقوق لا تسقط بحالة المشاعر ولا بالتقادم وأحسنت أنك رفضت عدوان الثانية التي تريد طرح شجرة المال في بستانها فقط، وللحق، ما رأيت مثل ظلم النساء للنساء، فالزوجة الأولى تشترط العودة مقابل خراب بيت الثانية، والثانية تسعي لحرمان الأولى وبنات من بني جنسها، من حقوقهن المالية، ولعمرك فإن قبلت بالظلم أول مرة فإنك ستكون أسير الظلم بل قد تكون ضحيته يوما ما فاحذر.

اتجه لإصلاح الزوجة الثانية، والذهاب إلى مستشار أسري، لرعاية مسار التصحيح والاستقرار واعادة التعاقد بينكم من جديد، وحافظ على ذمتك المالية، ولا تحول نفسك أبدا إلى بنك مركزي لصرف الأموال وفقط ، وتمسك بمسافة ايجابية نبيلة مع أم بناتك، فعسى إن لم يفلح الأمر مع الثانية وأصرت على الافتراق بعدما ذاقت الشهد معك أن تطرق باب الأولى باتفاق جديد.

في كل الأحوال لا تظلم، وأعلم أن ما تنفقه اليوم من مال أو مشاعر أو وقت أو صبر جميل لن يضيع في الغد باذن الله.
-------------------------------------
يقدمه كل جمعة: حسن القباني






اعلان