19 - 06 - 2024

طاقة نور وطوق نجاة

طاقة نور وطوق نجاة

 وسط الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وتمر بها مصر على وجه الخصوص، لا أجد مخرجا من هذه الأزمة لأي شعب إلا في تطوير التعليم، لهذا تتغير حالتي ويدب الأمل في روحي حين أدخل جامعة تهتم بالثقافة والوعي والحوار مع الآخر.. أقول هذا بمناسبة الدعوة التي وصلتني من جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة لحضور احتفالية بعنوان "حوار الحضارات مصر ماليزيا إندونيسيا" حضرها ضيوف الشرف السفير لطفي رؤوف سفير دولة إندونيسيا والسفير زماني إسماعيل سفير دولة ماليزيا. وتضمنت الاحتفالية معرضا للكتاب وعددا من الندوات منها أمسية شعرية بمشاركة كوكبة من شعراء مصر: أحمد سويلم، أحمد بلبولة، مسعود شومان، عادل سميح، مع فقرة غنائية للمطرب أشرف علي، واقيمت على هامش المعرض، "المسابقة السنوية للشعر والقصة القصيرة" بجائزة مالية قدمتها د. نوال الدجوي، لدعم وتشجيع مواهب شباب الجامعة.

اشتمل المعرض على جناح خاص لسور الأزبكية وشارع المعز، كما ضم برنامجًا مميزًا تضمن عددا من ورش العمل منها : "الكتابة بالكلمة" للمصور الصحفي أحمد أيمن. "كتابة روايتك الأولى" للكاتب عبدالرحمن حجاج "الكتابة الإبداعية" للكاتب أحمد عيسى، وندوة لثلاثة من الكتاب المصريين المكرمين هذا العام هم: الكاتب عادل سعد لفوزه بجائزة الطيب صالح والصحفي محسن عبد العزيز لجهده المثمر في الإشراف على صفحة أهرام الجمعة والكاتبة هالة البدري عن مجمل أعمالها ونشاطها الثقافي.

جهد مشكور استمر لأعوام طويلة لتقديم هذه الخدمة لطلاب الجامعة، لفتت انتباهي في الحفل فقرات الفنون الشعبية الاسيوية التي امتزجت بالفنون الشعبية المصرية، وكلمة سفير إندونيسيا الذي استعرض فيها النهضة الكبيرة المبهرة لبلاده معتمدة على جهود الشباب في إقامة صناعات تكنولوجية حديثة في الاتصالات بشكل خاص وعلى تطوير الأماكن السياحية لاستقبال أعداد هائلة من السياح، وأيضا على وضع أسس دستورية للتسامح تتيح سهولة التعامل بين الديانات المختلفة والأعراق المختلفة على الجزر الأندونيسية على الرغم من أن الأغلبية مسلمون ومواجهة التطرف والإرهاب بإقامة العدل والمساواة.                    

 تجربة فريدة لواحدة من النمور الآسيوية تستحق الدراسة، وحسنا فعلت جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة بالاتجاه إلى آسيا لتعريف الطلاب بعالم قريب منا وله تجربة مميزة وصلات تعليمية عميقة سببها التبادل الطلابي الممتد لسنوات طويلة مع الأزهر الشريف. المعرض جاء نتاج جهد واضح للأديبة والإعلامية د. شيرين العدوي التي تشرف عليه منذ سنوات ولكل المسؤولين عن هذه الفكرة القيمة التي تربط الطالب بثقافة بلاده و الدكتورة نوال الدجوي على دورها الريادي في تطوير التعليم في مصر.

بحثت عن أصل الحكاية وكيف بدأت، أخبرتني الشاعرة د. شيرين العدوي المسؤولة منذ سنوات عن المعرض أن د. نوال الدجوي تؤمن أن المسرح قبل قاعة المحاضرات وأن النشاط قبل الدرس وأن النشاط والمسرح يصنعان انسانًا مختلفًا حتى في العلم. وقد أنشأت جمعية كتاب MSA لتنمي الحالة الثقافية في الجامعة كلها في فترة كانت البلاد تمر فيها بفترة عدم وضوح رؤية وأعلنت من خلالها عن مسابقة في الأعمال الفنية والأدبية حتى تشغل تفكير الشباب في عطلة الصيف عن التيارات التي تدمر البلاد، وكحافز مهم كي يتجهوا نحو الانتماء الوطني لأن الثقافة تعلي من شأن الانتماء وحب الحياة، وكانت تخطط لعمل حفل كبير لتوزيع هذه الجوائز، واقترحت عليها عمل معرض تقوم به كلية الإعلام بقيادة د. أماني فهمي عميدة الكلية بالتوازي مع الحفل وتدور من حوله أنشطة ثقافية محاكاه لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وبالفعل نجحت الفكرة وساعدنا وزراء الثقافة المتعاقبين على مدار السنوات السابقة وتقدم للمسابقة عدد كبير من الشباب من كليات مختلفة ومعظم الفائزين من طب وصيدلة وهندسة وبعضهم تجاوز نجاحه الأدبي فضاء الوطن منهم: الشاعر أحمد مشرف الذي  بدأ يكتب لأفلام عالمية وكان من أبناء الجمعية، وكذلك إلياء فايز زكي الذي فازت روايته ابن يعقوب بالجائزة ثم سافر إلى لندن ويكتب الآن روايته الثانية بالإنجليزية بإشراف كاتبة أمريكية كبيرة، وهناك مخرجون وأدباء نجحوا نجاحًا واضحًا. 

وتضيف د. شيرين العدوي : "قدم لنا د. خيري عبد الحميد رئيس الجامعة والأستاذة انجي منصور كل الإمكانات المطلوبة ولا يفوتني أن أشكر الاعلام الرقمي والمهندس احمد الدجوي والمهندس شادي الشاذلي اللذين صنعا فيلما جميلا عن معرض الكتاب والمساعدات القيمة من الأساتذة لؤي فهمي ورنا عمرو ودار أخبار اليوم التي تنظم المعرض منذ ثلاث سنوات.

خرجت من الاحتفال يملؤني الأمل بمستقبل قريب تلعب فيه الثقافة الدور الأول في بناء المصريين، رسالة أضعها أمام المسؤولين السياسيين الذين يخفضون من ميزانية وزارة الثقافة رغم أنها طوق النجاة، متى يدركون ذلك؟. شكرا لكل من ساعد على أداء مثل هذه الأنشطة على الرقعة المصرية كلها.
---------------------------
بقلم: هالة البدري

مقالات اخرى للكاتب

في محبة الكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات





اعلان