19 - 04 - 2024

المساحات المشتركة والمسافات الآمنة

المساحات المشتركة والمسافات الآمنة

من أزمات العلاقات والمعاملات، في البيوت والمجتمعات ، عدم الوعي بما يمكن أن أسميه "قانون المسافات الإنسانية الآمنة"، والخلط بين المساحات الشخصية والمساحات المشتركة، وهو ما يؤثر سلبا على جودة التواصل الإنساني والأسري والمجتمعي، وفي هذا قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ).

إن قانون المسافات الإنسانية الآمنة ، برأيي، هو "المسافات الآمنة الناتجة من حاصل طرح المساحات المشتركة من المساحات الشخصية، في حضور ثقافة الحوار البناء والذكاء المشاعري والفكري والسلوكي بين الدوائر محل التواصل الإنساني".

إن قانون المسافات الإنسانية الآمنة قادر على تعليم البشر الفرق بين الشخصي والمشترك، والواجب والكرم، والعدل والفضل، والحق والمستحق، ودوائر القرب والبعد، منعا للتعديات والانتهاكات ، والالتصاق والاختراق، والاستباحة وحب التملك والسيطرة والوصاية، وإلغاء الآخر.

لقد وضع الفيلسوف الألماني الراحل، آرثر شوبنهاور، نظرية لحل هذا الإشكال سمّاها "معضلة القنفذ"، فالقنافذ تجتمع في الشتاء للدفء، ولكنها تتعرض للوخز بسبب الشوك في ظل الالتصاق وإلغاء المسافات ، والحل بحسب نظريته هو أن تجتمع القنافذ مع وجود مسافة أمان تشعرها بالدفء والأمان معا.

إن الذين يدعون إلى الإرتقاء بالمساحات المشتركة، في العلاقات والمعاملات ، يجب أن يحافظوا أولا على قانون المسافات الإنسانية الآمنة ، بما يعزز صون حدود المساحات الخاصة للآخرين سواء في البيت أو"الغيط": (آراء/مواقف/ أوقات/تقديرات/أمان /  اطمئنان إلخ).

يلخص العالم الراحل د.مصطفى محمود المسألة قائلا قوله البليغ : (حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير ، فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المُهلكة).

فإما تجرع الخيبات أو صون المسافات.
-----------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان