30 - 04 - 2024

نقابة الصحفيين ببن معركة المبنى والمعني

نقابة الصحفيين ببن معركة المبنى والمعني

عقب عودة واجهة النقابة مرة أخرى  وسلمها للحياة ساد شعور بالفرحة بين اوساط الصحفيين، كما أن الخطوة التى اتخذها النقيب ومجلس النقابة الجديد بإزالة التعديات والتشوهات التي كانت موجودة بالدور الرابع بالنقابة لاقت استحسان الجميع من أبناء المهنة أيضا، حيث كان  الهدف منها حرمان  الجمعية العمومية من رئتها التي تتنفس بها حيث الندوات والمؤتمرات واللقاءات الفكرية والزخم الثقافي والابداعي، وهو ما ساهم في إطفاء النقابة وتراجع دورها بشكل كبير، وهذا يؤكد أن الانتخابات الأخيرة لم تكن فقط حقوق مادية للصحفيين وحريات وخلافه، بل دور النقابة ومبناها الذي يعد الاصل فيه أن يكون منارة للجميع، وهذا يؤكد على حقيقة مفعدها  أن الانتخابات كانت معركة المعنى والمبنى معا.

محاولات مبكرة لإنشاء مقر

النقابة منذ نشأتها وهي في صراع ونضال من اجل المبني والمعني ، ولو عدنا الى تاريخ مبني النقابة فحتى ديسمبر من العام 1941 لم يكن للنقابة مقر، رغم أن موافقة الحكومة على إنشائها اقترنت بشرط توفير مقر لها، الأمر الذي سارع من اجله نقيب الصحفيين وقتها  محمود أبو الفتح بالتنازل عن شقته بعمارة الإيموبيليا لتصبح أول مقر لها.

عندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942 وجد مجلس النقابة أن الصحفيين في أشد الحاجة إلى مكان أكثر اتساعا لعقد جمعيتهم، واهتدي المجلس إلى قاعة نقابة المحامين الكبرى لعقد هذا الاجتماع، وأثناء عقد الاجتماع استرعى انتباه مجلس النقابة وجود قطعة أرض فضاء مجاوره لنقابة المحامين عليها بضع خيام.

وفي اليوم التالي توجه محمود أبو الفتح - نقيب الصحفيين- إلي جهات الاختصاص في الدولة وطلب هذه الأرض ليقام عليها مبنى النقابة، لكنه علم أنها مملوكة لجيش الاحتلال البريطاني، وقد أنشأت عليها خياما يقيم فيها الناقهون من جرحى الحرب العالمية الثانية، وعرض على أبو الفتح قطعة أرض أخرى يشغلها سوق الخضر والفاكهة بالقرب من هذا المكان بشارع رمسيس (تشغلها حاليا نقابتا المهندسين والتجاريين) بشرط أن تتولى نقابة الصحفيين إزالة آثار السوق على نفقتها الخاصة، لكن مجلس النقابة رفض العرض وفضل الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها ثم يسعى مرة أخرى للحصول على قطعة الأرض المجاورة لنقابة المحامين.

خلال هذه الفترة سعت النقابة لإيجار مقر آخر، وفى العام (1944) كان فؤاد سراج الدين - وزير الداخلية - قد أمر بالاستيلاء على مبنى من طابق واحد بشارع قصر النيل (رقم 33 أمام عمارة الإيموبيليا والبنك الأهلي) ومصادرته لصالح نقابة الصحفيين فورا بعد أن كان ناديا فخما للعب القمار.

وظل هذا المبنى مقرا للنقابة وناديا لها تم دعمه بمكتبة قيمة تحتوي على أربعة آلاف كتاب والعديد من الدوريات الصحفية، وأصبح يتوافد عليه الزائرون من كبار رجال الدولة والأدباء والفنانين، ورغم أن  مصطفى النحاس - رئيس الوزراء - وقتها  قد أمر بتخصيص قطعة الأرض المجاورة لنقابة المحامين ليقيم عليها الصحفيون نقابتهم إلا أن مساعي فكري أباظة - نقيب الصحفيين في ذلك الحين - عام (1944) لم تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء، لأن جهات الاختصاص في الدولة لم تكن قادرة على أن تأمر جيش الاحتلال البريطاني بالجلاء عن هذه الأرض.

انذار لبريطانيا للجلاء عن أرض النقابة

 لم ييأس الصحفيون وغامر حافظ محمود - وكيل النقابة - أثناء غياب فكري أباظه بالخارج، بتوجيه إنذار إلى القيادة البريطانية بالقاهرة للجلاء عن هذه الأرض، حيث أنها آلت من الحكومة المصرية لنقابة الصحفيين لإقامه مبنى جديد عليها ، وكانت المفاجأة أن استجابت القيادة البريطانية على الفور.

 واجهت النقابة بعد ذلك مشكلة التمويل، وقام مصطفى القشاشي -السكرتير العام لنقابة الصحفيين- ببذل جهود مضنية مع دولة محمود فهمي النقراشي - رئيس الوزراء آنذاك - بخصوص هذا الموضوع ومهد الطريق لعقد اجتماع لرئيس الوزراء مع مجلس النقابة لأول مرة وتم عرض مطلب النقابة على مجلس الوزراء الذي وافق على اعتماد 40 ألف جنيه تحت حساب تكاليف المبنى.

 وقد عهد إلي المهندس د. سيد كريم - أن يعد تصميما نموذجيا للنقابة ووضع النقيب محمود أبو الفتح - حجر الأساس للمبنى أول يونيو 1947 وتم افتتاحه رسميا في 31 مارس (1949) وبلغت تكاليفه 39802 جنيه.

اكتمال الحلم وتاسيس المبني الحالى

وفي عام (1981) في دورة النقيب صلاح جلال - تجددت المحاولات بعد أن نجح النقيب في استصدار قرار من الرئيس الراحل حسني مبارك - في 25 أكتوبر عام 1981 بالتنازل دون مقابل عن قطعة الأرض المقام عليها مبنى النقابة على أن يقتصر الانتفاع بها على أعضاء النقابة ويحظر التصرف فيها للغير لمدة خمسة وعشرين عاما. وتم عمل رسوم تفصيلية ولإقامة مبنى جديد يتكون من 17 طابقا وقدرت التكلفة آنذاك بـ12 مليون جنيه ومع ذلك لم ير المشروع النور.

وفي دورة مجلس (1995) برئاسة النقيب إبراهيم نافع - وضع ضمن أولوياته تنفيذ هذا المشروع وإقامة مبنى جديد يلبي الاحتياجات المتزايدة للأنشطة الصحفية وحصل بالفعل على دعم مبدئي من الدولة في ذلك الوقت بلغ 10 ملايين جنيه وتم وضع حجر الأساس في 10 يونيو 1997 خلال الاحتفال بيوم الصحفي وفى عام (1998) وقع مكرم محمد احمد نقيب الصحفيين عقد بناء المبنى مع الإدارة الهندسية للقوات المسلحة، وقد انتهى العمل تماما بالمبنى وتم تأثيثه والانتقال إليه في يوليو 2002.

سلالم الحرية وقبلة المظلومين

أما سلم النقابة والذي يبلغ من العمر ٢١عاما، فاستطاع خلال هذه الفترة أن يستقر  في ذاكرة المصريين باعتباره قبلة المظلومين من كافة أطياف المجتمع، حيث احتضن كل صاحب حق وذهب إليه من يطالب به.

وعندما يذكر سلم نقابة الصحفيين لابد من ذكرر الوقفات الإحتجاجية التى تصدت للتعدي على حرية الصحافة والإعلام، أو الحديث عن الأوضاع الداخلية فى البلاد؛ بجانب الدفاع عن حقوق الفقراء، والحديث عن المظالم الإجتماعية، وليس لخدمة المجتمع الصحفى فقط، ولكن  في الوقوف مع قضايا الصحفيين أو السياسيين بل وبعض النقابات الأخرى التى تلجأ إلى سلم النقابة كمكان أساسى لتنظيم وقفاتها الإحتجاجية،.

كما كان الخط الأمامي الذي نجح في ضمِ أطياف كل المجتمع المصري، بالتظاهرات والتضامن مع أصحاب الرأي والمعتقلين السياسيين ورفض استبداد مبارك، وكان أحد العناصر المهمة في إنطلاق ثورة 25 يناير لتخرج إلى الميادين، وخاصة ميدان التحرير للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية.

وبعد سنوات من ثورة يناير عادت مرة أخرى الوقفات الإحتجاجية إلى مكانها المفضل التى تلجأ إليه دائماً لنصرتها وهو سلم نقابة الصحفيين، حيث شهد مظاهرات كثيرة للصحفيين والأطباء والصيادلة والعمال والسياسيين وغيرهم الكثير من أصحاب القضايا والحريات.

كما شهد سلم نقابة الصحفيين العديد من التظاهرات الكبرى والتى كانت بمثابة الإعصار الذى هزَ عروش الأنظمة، حيث تقمصت سلالم النقابة دور الفارس الذى خاض المعارك في وجه السلطة نيابة عن الشعب.

ولم يكن سلم النقابة بعيداً عن القضية الفلسطينية حيث نُظمت عليه الكثير من المظاهرات الإحتجاجية لدعم القضية، على رأسها وقفة نظمها مختلف القوى الوطنية والتيارات السياسية منددة بإستمرار الحصار على قطاع غزة وإستمرار العدوان عليها وعلى الشعب الفلسطينى، و التى شارك فيها العديد من السياسيين والنشطاء من مختلف القوى الوطنية ،كما تفاعل مع القضايا العربية والإسلامية الأخرى ومنها غزو العراق عام 2003 وغيرها من القضايا الاخرى.
--------------------------
بقلم: أحمد عبد العزيز

مقالات اخرى للكاتب

البطل صلاح الذي طرح العدو والتطبيع أرضا





اعلان