16 - 06 - 2024

الميكنة الميكنة

الميكنة الميكنة

انتشـرت شبكـة الإنترنت انتشارًا كبيرًا، فأصبحت سمة هذا العصر، ولغة العالم الجديد، لغة التخاطب في العصر الحاضر، وتلك نتيجة طبيعية لمنطق التطور، وظهور مجتمع جديد بكل المقاييس فرض نفسه شئنا أم أبينا تهوى إليه أفئدتنا، ونبحر في معلومات لا نهائيـة.

والانترنت ثورة ثقافية، وليس مجرد ثورة تقنية، ويقارن بين وسائل الاعلام الاخرى مثل الراديو والتلفاز يبرز تطور ونمو هذه الشبكة، فالمذياع احتاج إلى 83 سنة حتى اصبح لديه مليون مشترك، بينما احتاج التلفاز إلى واحد وخمسين سنـة، في حين أن شبكة الانترنت لم تحتج سوى بضع سنوات إن لم نقل اربع سنوات لتخطي الحواجز نظرًا لاحتوائها على كم هائل ومتنوع من المصادر والمعلومات في شتى المجالات.

فلم يقتصر استخدام التقنيات الحديثة في مجال بعينه، بل أصبحت تدخل في جميع المجالات وعلى رأسها التجارة الإلكترونية، حيث يستخدمها الجميع في البيع والشراء بل حتى في تسديد فواتير الخدمات ومعرفة أحوال الطقس وقراءة الصحف، ومشاهدة نشرات الأخبار، وغيرها مما يتم عبر هذه الشبكة.

وأن ما يلفت الانتباه في الوقت الحاضر هو اعتماد المؤسسات الحكومية في اغلب دول العالم على وسائل التقنيات الحديثة وشبكة الانترنت في تقديم خدماتها، فاصبح وسيطا رئيسيا ومباشرا في التعليم، فأصبحت المؤسسات التعليمية تعتمده بشكل أساسي في تعليم الطلاب والتواصل معهم والطب والطيران وطلب الخدمات أو الاستفادة منها.

اما في مصر فما يلفت الانتباه حقيقة هو تأخر الكثير من الموظفين بشكل ملموس في العديد من الجهات والمصالح الحكومية عن مسايرة هذا التطور التقني الذي اصبحت مسايرته ضرورة لا غني عنها وهو ما يتأخر معه انجاز العديد من مصالح ومعاملات المواطنين، فمن المتفق عليه كهدف من اهداف الميكنة وهو ما يجعلها مرغوبة عن الطرق التقليدية هو السرعة في انجاز المعاملات إلّا أننا وفي ظل قلة ثقافة المستخدمين بها من الموظفين أو المكلفين بذلك تتأخر المعاملة في انجازها اكثر من انجازها بالطرق السابقـة.

واعتقد أن ما اهم اسباب عدم فاعلية الميكنة في مصر كوسيط لإنجاز المعاملات هو أن اغلب الجهاز الإداري للدولة من جيل لم يتعرض لهذه الوسائل في التعليم، وإن تعرض لها مؤخرًا في الحياة اليومية بشكل بسيـط، وهو ما اثر بشكل كبير على احترافه استخدام هذه الوسائط حتى وإن تدرب عليها لأكثر من مرة، لكنه يحتاج إلى وقت طويل للوصول الى تعامل سريع ودقيق ينجز معه مصالح وتعاملات الناس.

نحن في زمن اصبحت وسائل التقنيات الحديثة عنصرًا رئيسيًا في اغلب التعاملات اليومية، وإذا اردنا حقيقة ميكنة التعاملات الحكومية فلابد من ميكنة العقول قبل ذلك، وهو ما يحتاج إلى إعادة النظر في الجهاز الإداري للدولة بتحديثه ودمج حملة الماجستير والدكتوراة الذين عاصروا واستخدموا وسائل التقنيات الحديثة وتدربوا على استخدامها واجتازوا دورات التحول الرقمي داخل الجامعــات.

فليست التقنية هي المشكلة فهذا أمر لا بد منه ولكن الخلل هو في كيفية استخدامهـا.
-------------------------------------
بقلم: محمـد جـلال عبـد الرحمن
محـامٍ وكاتب حاصـل على جائـزة الدولـة عن افضـل كتاب في العلوم الرقميـة
بريد الكتروني:   [email protected]

مقالات اخرى للكاتب

سلطــة المحكمة التجارية في إحضـار شاهـد بالقـوة الجبـريـة في النظام السعودي





اعلان