20 - 04 - 2024

مؤشرات | سوريا والحضن العربي .. مهما تفرقت السبل

مؤشرات | سوريا والحضن العربي .. مهما تفرقت السبل

في القمة الحكومية بدبي تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن توصيته للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالوقوف إلى جانب سوريا في أزمتها التي تسبب فيها زلزال فبراير 2023، والذي أدى إلى كوارث كبيره وضحايا.

 وتأتي هذه التوصية في ظل حاجة سوريا لمن يساند شعبها في واحدة من أكبر أزماته التاريخية، بالتوازي مع حصار إقتصادي عليه، تقوده الولايات المتحدة ومقاطعة من بعض الدول الشقيقة، وعدوان إسرائيلي مستمر، وصل إلى ضرب بنيته التحتية، وتدمير مرافقه، وأخرها مطار حلب والذي خرج من الخدمة بسب قصف عدواني صهيوني.

ولم تتوقف الدعوات إلى عودة سوريا لحضنها العربي، بعد سنوات من قرار أعتقد انه اتسم بالعجلة والترضية لأطراف عربية بناء على ضغط غربي وخصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يصب في صالح إسرائيل، وهو ما أثبتته الممارسة خلال السنوات الماضية، ورغم ما خسرته سوريا، إلا أنها تظل عصية على السقوط، مها كان سعي أمريكا وإسرائيل لإسقاطها وتقسيمها، لتفريغ جبهة مع العدو الصهيوني... إلا أنها ظلت تحارب على كل الجبهات في آن واحد.

ولاشك أن مصر وعدد من الدول العربية تقف إلى جانب سوريا الدولة القوية، وهو ما تفسره الخطوات التي اتخذتها مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، والتي أكدت رفض مصر كل مشاريع التقسيم العلنية والسرية من قوى دولية وإقليمية لسوريا، لخطورتها على مستقبل البلد االعربي الشقيق، بل رفضت فكرة الحظر الجوي على سوريا، بل يمكن القول أن القرار الخاطئ الذي اتخذه الرئيس الأسبق محمد مرسي وحكومة "الإخوان" ودون أي تدبر في استاد القاهرة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، غير معمول به على الأرض.

ويمكن القول أيضا أن زيارة رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، ووزير الخارجية سامح شكري لسوريا هما فتح جديد في العلاقات المشتركة بين القاهرة ودمشق.

ولم تمر عدة أيام على توصية الرئيس السيسي الرئيس محمد بن زايد على سوريا، حتى جاءت الزيارة الرسمية للرئيس السوري بشار الأسد رفقة زوجته إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي ، والتي أجرى خلالها الأسد محادثات مع محمد بن زايد، وسط جهود لإعادة علاقات دمشق مع دول المنطقة. 

ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الزيارة جاءت بعدما أعلنت إيران والسعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، إثر مفاوضات استضافتها الصين، في خطوة تكشف عن متغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى، كما أنها ثاني زيارة يقوم بها الأسد إلى الخليج منذ زلزال فبراير الماضي، حيث زار سلطنة عمان في فبراير، و أجرى محادثات، بالتوازي جهود إعادة العلاقات العربية السورية.

والمؤشر المهم أيضا أن زيارتي الأسد، إلى سلطنة عمان والإمارات وهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان زارهما الأسد منذ بداية النزاع السوري في العام 2011، بل أن مرافقة زوجة الأسد لزوجها خلال زيارة أبوظبي، هي أول رحلة رسمية لهما معا منذ أكثر من عقد من الزمان، في مؤشر على متغيرات مهمة.

رد الفعل كان إيجابيا، فقد غرد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تويتر بقوله "أجرينا مباحثات إيجابية وبناءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها"، والرئاسة السورية أكدت في بيان إنّ المحادثات تناولت "التطورات الإيجابية الحاصلة في المنطقة وأهمية البناء على تلك التطورات لتحقيق الاستقرار لدولها"، كما تطرقت للتعاون الاقتصادي بين البلدين، مع ملاحظة أن الإمارات أعادت علاقاتها مع حكومة الأسد في 2018.

ومهم الإشارة إلى أن زيارة الأسد جزء من جهود طويلة، ولقاءات وزيارات رسمية قامت بها الإمارات، منها زيارات للشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، وما قامت به الإمارات من جهود الإغاثة في أعقاب زلزال 6 فبراير الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا.

ولاشك أن هذا الزخم الدبلوماسي الذي ارتبط موضوعيا بأحداث الزلزال سيعزز من علاقات دمشق مع بعض من دول المنطقة التي قاومت بل رفضت حتى اللحظة إصلاح العلاقات مع سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب. 

وهنا تبرز تصريحات مسؤولين، منهم أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي الرئاسي الإماراتي على تويتر بقوله "موقف الإمارات واضح بشأن ضرورة عودة سوريا إلى محيطها عبر تفعيل الدور العربي، وهذا ما أكده الشيخ محمد بن زايد خلال استقباله الرئيس بشار الأسد".

والأهم ما قاله الشيخ محمد بن زايد "يكفي عقد ونيف من الحرب والعنف والدمار وحان الوقت لتعزيز تعاون وتعاضد دولنا العربية لضمان استقرار وازدهار المنطقة"، وأنّ "نهج الإمارات وجهودها نحو سوريا الشقيقة جزء من رؤية أعمق ومقاربة أوسع هدفها تعزيز الاستقرار العربي والاقليمي و تجاوز سنوات صعبة من المواجهة، فقد اثبتت الأحداث المرتبطة بعقد الفوضى وتداعياتها أن عالمنا العربي أولى بالتصدي لقضاياه وأزماته بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية".

ولاشك أن هناك ربط قوي بين زيارة الأسد الأخيرة لأبوظبي، وزيارته التي سبقتها إلى روسيا، مما يوحي بدور روسي يتوافق مع دعم إعادة العلاقات الكاملة سوريا وخليجيا وعربيا، ومن هنا جاء خطوة الإعلان – وفقا لما تناقلته وسائل إعلام- عن أن السعودية وسوريا اتفقتا على معاودة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل 12 سنة على خلفية الحرب السورية، مع ترقب زيارة رسمية لوزير الخارجية السعودية إلى سوريا قريباً، وما تم الإعلان عنه بشأن لقاء جمع مسؤولين سوريين وسعوديين في الرياض، ووجود ترجيحات بإفتتاح القنصلية السعودية  في دمشق بعد عيد الفطر.

هذه التطورات كلها تؤكد أهمية تصحيح المسار، وعودة الأمور إلى نصابها، وتصحيح أخطاء سياسية، تحت ضغط  أطراف خارجية، تبحث عن مصالحها بتفريق دول الأمة العربية، وتفتيت أكثر مما هو مفتت، وليس من المقبول الإلتفات لاعتراضات واشنطن الدائمة، والتي تصب ضد مصالح أمتنا وشعوبها.
------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أمريكا وتاريخ سيء مع القضية الفلسطينية





اعلان