24 - 04 - 2024

وجهة نظري | ديكتاتورية دولة الأكاذيب

وجهة نظري | ديكتاتورية دولة الأكاذيب

قامت على أكذوبة، ولم تكف طوال سنوات عمرها البغيضة عن إطلاق المزيد من الأكاذيب التي تقترن دوما بجرائمها الوحشية البشعة وإستعمارها الإستيطاني القميء.

لاتتورع بينما تمارس تلك الجرائم أن تتشدق بأنها واحة للديمقراطية وللحرية .. لتجعل من التبجح عنوانا لها .. لايكترث ساستها كثيرا بممارساتها العدوانية .. يدركون أن دولتهم بعيدة عن ضمير العالم، وأن جرائمها ستمر دون عقاب أو حتى مساءلة وأن أقصى مايمكن مواجهته هي كلمات جوفاء بالإدانة والشجب والإستنكار. مجرد ذر للرماد في العيون يفضى إلى صمت مخزي يكون بمثابة إشارة ضوء خضراء لتمرير الجريمة وإقرار الوضع الذى يزداد تجبرا وسوءا على الأرض.

يراهن البعض أن دمار إسرائيل سيأتى من الداخل.. انهيار دولة الأكاذيب سيكون معوله الأشد خطرا من تمزقها وتفتتها وتصدعها.

يرى هؤلاء أن إسرائيل تسير نحو أزمة كبيرة بفعل سياسة حكومتها اليمينية المتطرفة.. التي لا تكف عن اتخاذ قرارات ليست فقط مثيرة للجدل، لكنها أيضا دافعة للخطر الكارثى من وجهة نظرهم.

آخر تلك الخطوات حزمة من مشاريع القوانين وافق عليها الكنيست الإسرائيلى بالقراءة الأولى على أن يتم إقرارها بعد قراءتين لاحقتين لها.

منها قانون يتيح للسلطة التشريعية التغلب على قرارات المحكمة العليا وتغيير آلية إختيار القضاة في إسرائيل، ويعرقل المحكمة العليا لإبطال قانون تم إقراره من قبل الحكومة بإدخال بند "الإستثناء" والذى يسمح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا.. وهو ما يقوض صلاحية السلطة القضائية ويعرض مبدأ الفصل بين السلطات للخطر بعدما يطلق يد الكنيست ويجعل سلطته تفوق السلطة القضائية، فضلا عن أنه يسمح للبرلمان بحماية القانون من أي إلغاء.

على جانب آخر أقر الكنيست أيضا مشروع قانون "التحصين" والذى يمنع سجن رئيس الوزراء أو عزله، إلا في حالة العجز البدني أو العقلي، ومنح سلطة إعلان العجز للحكومة أو الكنيست فقط وليس للمحكمة العليا.

يبدو واضحا أن نتنياهو ومؤيديه أرادوا تحصينه ضد الإدانة في جرائم الفساد المتهم فيها.. وتأتى مشروعات القوانين الأخيرة لتدعم ذلك الهدف في محاولة لتقليص صلاحيات السلطة القضائية التي وجهت له تلك الإتهامات بالفساد.

تبرئة نتنياهو واستمرار حكومته اليمينية المتطرفة، هو الهدف الأبرز الذى ترمى إليه تلك القوانين، لايهم هؤلاء كثيرا مدى ما يمكن أن تسببه هذه القوانين في تشويه صورة إسرائيل الديمقراطية، التي لايكف ساستها على مدار عقود عن التشدق بها، ولا تقلقهم الأصوات المعارضة لتلك القوانين والتي تأتى من داخل إسرائيل وخارجها.

لم تتوقف المظاهرات الشعبية المناهضة لتلك القوانين والإدانة لها ووصفها بأنها تقود البلاد إلى مسار ديكتاتورى.

على جانب آخر ترجمت كلمات الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتزوج تلك المخاوف ورأى أن تلك القوانين تعرض وحدة البلاد للخطر، ووصف سياسة نتنياهو بأنها جعلت إسرائيل في وضع خطر، وأن تداعياتها كبيرة ليس على المستوى السياسى فقط بل على الإقتصادي والمجتمعي والأمنى.

بينما وصف زعيم المعارضة يائير لبيد الإئتلاف الحاكم بأنه يدفع إسرائيل لحرب أهلية.

يبدو أن نتنياهو لايكترث كثيرا بتلك المعارضة، فيمضى بخطى ثابتة لإقرار هذه القوانين حفاظا على تماسك حكومته اليمينية المتطرفة والتزاما بتعهداته لأحزابها بإجراء تعديلاتقضائية وفق رغبة تلك الأحزاب ومصلحتها.

ومثلما ضرب بعرض الحائط المعارضة الداخلية، لم يكترث كثيرا بالمعارضة الخارجية، ولم يلتفت لدعوة مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لتعليق مشروعى القانونين، خشية تأثيرهما على حقوق الإنسان واستقلاليةالقضاء، بل لم يتورع عن مقابلة تلك الدعوة بالتهكم ووصف مجلس حقوق الإنسان بأنه هيئة غير مجدية، وأن من الأجدى له أن يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في إيران وفى سوريا أو لدى السلطة الفلسطينية.

ولا يغفل نتنياهو وهو يكرس بإحدى يديه لديكتاتورية حكمه، أن يضرب باليد الأخرى على ماتبقى من أوصال للشعب الفلسطيني، وهنا تكمن خطورة ثالث مشروع قانون أقره الكنيست والذى يلغى بنودا في قانون الإنفصال أحادي الجانب،  والذى يحظر على المستوطنين دخول أربعة مناطق بالضفة الغربية ويفتح المجال لإعادة إستيطانها، وكان إلغاء بنود هذا القانون أيضا أحد الشروط التي وضعتها الأحزاب اليمينية للموافقة على الإنضمام للإئتلاف.

شرعنة الإستيطان وتعميقه ونهب مزيد من الأراضى وتوسيع قواعد الإسرائيليين بالضفة، هو الهدف الذى يرمى إليه مشروع القانون كما وصفته وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها، معتبرة أن المضي في إقراره يعد تصعيدا خطيرا للصراع واستخفافا بالجهود المبذولة لخفض التوتر وتحقيق التهدئة!، وأن إفلات إسرائيل المستمر من العقاب يدفعها إلى مزيد من التصعيد أحادى الجانب وفرض منطق القوة العسكرية الغاشمة!

كالعادة جرائم إسرائيل لاتتوقف وكالعادة لا تقابلها سوى كلمات الشجب والإدانة .. ليزداد اليقين أنها معركة وجود نكون فيها أو لا نكون.
---------------------------
بقلم: هالة فؤاد
من المشهد الأسبوعية

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان