19 - 04 - 2024

من أجل "زينب" و 171 مليون لاجيء.. "الصحة العالمية": ملتزمون بالرعاية الصحية للاجئين

من أجل

فى سلوفاكيا صدرت تشريعات لدمج الأوكرانيين، وفى لبنان المأزومة اقتصاديا اللاجيء السورى أوفر حظا من المواطن، وفى إثيوبيا مساعدة اللاجئين على الخروج الآمن

زينب فتاة صومالية خرجت من وطنها بعد اقتحام حركة الشباب منزلها والاعتداء على والدها ووالدتها واحتجاز الأسرة بالكامل، تمكنت الفتاة ذات الـ15عاما من الهرب، وشهدت رحلتها فى الهجرة والهروب من الموت الكثير من الأهوال، اقتربت من الموت آلاف المرات مابين الخروج من الوطن حتى الاستقرار فى إحدى ضواحى القاهرة، مرت بالخرطوم واستقرت هناك أكثر من عام، ومع اندلاع الثورة السودانية واصلت رحلة الهجرة لتصل إلى القاهرة. 

زينب التي خرجت طفلة وحيدة عمرها 15 عاما، انتهى بها الأمر في بلد المقصد مصر وهى تقترب من الـ17عاما، المخاطر التي تعرضت لها خلال الرحلة تركت بصماتها على صحتها النفسية والجسدية، الرصاصة التى أصابت كتفها تركت أثرها، والخوف والرعب الذي عاشته أثناء رحلة الهروب أصابها بالاكتئاب والميل للعزلة، فأصبحت تعانى من تبول لا إرادى على مدار اليوم يضطرها لاستخدام حفاضات الأطفال، ويمنعها من مزاولة العمل، حكاية زينب واحدة من ملايين القصص فى دفتر أحوال اللاجئين، فهي واحدة من ملايين خرجوا من أوطانهم لأسباب متعددة، قد تكون اقتصادية وسياسية كما حدث فى فنزويلا ، حيث خرج مليونان فارين إلى كولومبيا إثر أزمة اقتصادية حرمتهم فرص الحياة، أو خرجوا فارين من أحداث العنف كما حدث فى شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو بسبب الحروب كما حدث فى سوريا، أو الهجرة تحت ضغط التغيرات المناخية وما يصاحبها من مظاهر تطرف مناخي تسبب في حرائق غابات وجفاف وسيول كما يحدث فى منطقة الساحل (وتعد الكاميرون والسنغال وغينيا وتشاد نماذج للمناطق المهدد سكانها بفعل التغيرات المناخية).

إذن، تتعدد دوافع اللجوء وتتعدد الأوطان والمقاصد وتتعدد مسارات الهجرة، ولكن يبقى الجميع فى هموم اللجوء سواء، يهاجرون بحثا عن فرص الحياة بعد أن ضاقت بهم أوطانهم، فإذا بالموت يطل عليهم مع كل خطوة في اتجاه بحثهم عن ملاذ آمن.

من أجل أكثر من  172 مليون لاجيء، شهدت شرم الشيخ الاجتماع الإقليمى الثانى بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين، خلال يومى 16 و 17مارس 2023، يأتى الاجتماع فى ظل تبعات الزلزال الذى ضرب سوريا وتركيا وما تبعه من موجات نزوح، وفى ظل الحرب الدائرة فى أوكرانيا التى تجاوزت العام وتبعتها حركة ملايين من اللاجئين، قدرت أعدادهم بما يزيد عن 8 ملايين لاجيء.

استضاف الاجتماع المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إلى جانب المكتبين الاقليميين للمنظمة في أفريقيا وأوروبا.

يأتى الاجتماع استكمالا للاجتماع الأول الذى شهدته تركيا العام الماضي، تضم الأقاليم الثلاثة للمنظمة 122دولة، شهدت موجات هجرة بسبب الحروب والأزمات السياسية، وتشير التقديرات إلى أن الأقاليم الثلاثة تستضيف أكثر من 171مليون لاجيء.

على مدار جلسات الاجتماع، تم مناقشة الأوضاع الصحية للاجئين وكيفية دمجهم فى الأنظمة الصحية ليكون لهم حقوق السكان المحليين، وهو ما تنص عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية، فبموجب اتفاقية 1951 "من حق اللاجيء التمتع بإمكانبة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية المماثلة أو المشابهة لتلك التى يستفيد منها السكان الأصليون".

ولكن هذا الحق المنصوص عليه، تواجهه صعوبات في التنفيذ على أرض الواقع، أحيانا بسبب السياسات والتشريعات وأحيانا بسبب التمويل والظروف الاقتصادية، فهناك دول لا تستوعب كل مواطنيها فى خدمات الرعاية الصحية، فكيف توفرها للاجئين؟

د. جوسيف - عضو المجلس التنفبذي لمنظمة الصحة العالمية – تحدث عن تأثير الحرب فى أوكرانيا على الحالة الصحية والنفسية للمهاجرين واللاجئين، وتأثير الكوارث الطبيعية وماحدث من تبعات الزلزال فى تركيا وسوريا.

وأعطى جوسيف توصيفا جديدا أكثر رحمة للمهاجرين الذين لايحملون أوراقا وهو اللاجئين غير الموثقين بديلا عن توصيف غير الشرعيين، مؤكدا ضرورة دمجهم وحصولهم على الرعاية الصحية.

تجربة من سلوفاكيا

وعرضت مستشارة رئيس وزراء سلوفاكيا تجربة بلادها فى إستقبال ملايين المهاجرين من أوكرانيا، قالت: وثقنا مليونا و200 ألف لاجيء، وتم إلحاق الطلاب الجامعيين بالمؤسسات التعليمية وإلحاق 20 ألفا بالمدارس مجانا.

ورصدت المسؤولة السلوفاكية المراحل التى تم التعامل بموجبها مع اللاجئين، وكيف بدأت من مرحلة مقاومة الحكومة للتغير وكانت الخدمات قاصرة على منظمات المجتمع المدني، وانتهى الأمر إلى إصدار تشريع يدمج المهاجرين والمهاجرين ليتمتعوا بخدمات الرعاية الصحية لأسباب ودوافع إنسانية وليست سياسية.

السوريون  فى لبنان

ومن لبنان، عرضت د. نادين هلال – مستشارة وزير الصحة -  تأثيرات الأزمة الاقتصادية فى لبنان، وذكرت إن عدد اللاجئين السوريين 1.7مليون لاجيء، يعادلثلث السكان، مما أدى إلى الضغط على النظام الصحى وإضعافه، و37% من  اللبنانيين لايصلون للرعاية الصحية لأسباب اقتصادية، إضافة إلى النقص فى الامدادات الطبية التى يتم إستيرادها.

وأضافت: رغم هذه الظروف توفر لبنان للاجئين الرعاية الأساسية

ممثلة فى التطعيمات والخدمات الأولية. واستدركت أن اللاجئين إلى لبنان يتمتعون برعاية صحية أفضل من المواطنين، بدعم المنظمات الخاصة بالهجرة وطالبت بضرورة دعم الدولة المضيفة للاجئين.

صوت من أثيوبيا

عرضت د. سميرة سلطان – مستشارة وزير الصحة الأثيوبي -الوضع فى أثيوبيا، ممثلا فى وجود 24معسكر للاجئين من السودان والصومال وإريتريا، ووجود 2مليون نازح داخلي نتيجة للعنف والاحتجاجات والتغيرات المناخية. 

وقالت إن أثيوبيا تعمل مع الشركاء والمانحين لتشجيع المهاجرين على الخروج الآمن والمنظم، كما تعمل لمكافحة الاتجار فى البشر وإدماج المهاجرين. وأكدت أن التحدى الأكبر في توفير الرعاية والدعم النفسى للمهاجرين، خاصة النساء والأطفال.

الجلسة الختامية

رغم تنوع البلدان الـ122 التى تمثلها أقاليم المنظمة الثلاثة – شرق المتوسط وأوروبا وأفريقيا - إلا أن الجميع تحدث بلغة واحدة، هي لغة حقوق الإنسان.

قال د. أحمد المنظري - مدير إقليم شرق المتوسط - إن الإقليم يضم العدد الأكبرمن اللاجئين والنازحين، فأكثر من نصف النازحين واللاجئين على مستوى العالم من إقليم شرق المتوسط، ولا يزال أغلبهم يعيش في الإقليم فى ظل ظروف صحية هشة جسديا ونفسيا لأسباب إقتصادية وظروف العمل والمعيشة السيئة، وأضاف إن التحديات تتفاقم بسبب ضعف النظم الصحية وتحملها فوق طاقتها، فرغم التعهدات الدولية بالرعاية الصحية للمهاجرين، لا تزال الاستراتيجيات الوطنية تستبعد الكثير من اللاجئين والمهاجرين من الرعاية الصحية.

د. هانس هنرى – مدير إقليم أوروبا بالمنظمة - استشهد بالآية القرأنية: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وقال إن إقليم المنظمة بأوروبا يستجيب حاليا للزلزال الذى ضرب تركيا وهى إحدى الدول الأعضاء فى الاقليم البالغ عددها 53 دولة، إضافة لمواجهة تحدى أكثر من 8 ملايين لاجيء أوكراني، موضحا أن الاستجابة للطواريء، والجهود الطويلة الأمد لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، قد أوضحت بجلاء انه يجب إشراك اللاجئين فى الرعاية الصحية.

ومن جانبها قالت د.ماتشيديسو مويتي - المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة بأفريقيا - إنه بدون مراعاة المهاجرين واللاجئين، لن نستطيع تحقيق التغطية الشاملة، وعلينا أن ندمج احتياجاتهم الصحية فى جميع البرامج، لأنها جزء أصيل من حماية حقوق الإنسان.

وجاء البيان الختامى للاجتماع ليؤكد التزام أقاليم المنظمة الثلاثة

بالعمل نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، والعمل على إقامة شراكات وتحديد فرص التعاون عبر مسارات الهجرة من أجل التصدى لبعض القضايا الملحة ومنها تغير المناخ، والأسباب الجذرية للنزوح القسرى وحصول النازحين واللاجئين غير النظاميين – ممن لايحملون وثائق - على الرعاية الصحية.
----------------------------
تقرير تكتبه: نجوى طنطاوي







اعلان