10 - 11 - 2024

المأزق والخروج بالشراكة أو الاحتيال

المأزق والخروج بالشراكة أو الاحتيال

فى الأزمات السياسية تكون أحزاب المعارضة هى الحل. الأحزاب الحية ضمان استمرار الديمقراطية، وأساس الانتقال السلمى للسلطة. قبل النظر لأداء السلطة الحاكمة، يجب النظر لأداء الاحزاب، ومنها نعرف علة السلطة وميزتها. الأحزاب مرآة نظام الحكم. صلاح الأحزاب وديمقراطيتها وغياب الشللية واحترام لائحتها الداخلية يعنى صلاح سلطة الحكم، وقد يرى البعض العكس إلا أن الاحزاب هى مفرخة الكوادر السياسية. غياب الأحزاب المستقلة الفاعلة يفسح الطريق أمام الأقوى ليحكم باسم الجيش أو باسم الدين.

‏المازق فى بطش السلطة واستبدادها، وضعف المجتمع المدنى وتشرذمه، وآخرون يدعون للثأر، وحالمون يدعون للثورة، والقوة الفاعلة خلف السجون، ‏وغلق المجال العام، وأحزاب معارضة معلبة من قبل السلطة، كوادرهم تتبع كل نظام منذ  الحزب الواحد بعد ثورة يوليو 1952 مرورا بالتعددية حتى يومنا هذا، وإن اختلفت أيدلوجياتهم. أحزاب مهما ادعت من عراقة أو صلابة تسعى للتعلق بذيل السلطة، والتحالف مع مخلفاتها حرصا على مصالح خاصة.

‏بقى الحلم بالخروج من الأزمة بالشراكة أو بالاحتيال، حتى تقوى الأطراف المدنية. الدولة وهى منقسمة على حافة الهاوية لاتحتمل انفجارا ثأريا فوضويا. الشعب المنقسم لا يصنع ثورة، وإنما يصنع معارك ثأرية وتصفية حسابات مع بعضه البعض.. لصالح المستبد.

‏مصر منذ فجر التاريخ لم يحكمها سوى (عسكريون)، منذ عهد الفراعنة مرورا بالغزاة والمماليك ومحمد على باشا ونسله، كلهم أجانب، وصولا لضباط ثورة يوليه 1952 المصريين حتى تاريخه. مصر لم يحكمها مدنى منتخب إلا لمدة عام واحد وعزل. المكون العسكرى فى حكم مصر هو السائد منذ نشأة الدولة وهو الأقوى والمتحكم والمتمكن. ظاهرة يصعب تجاهلها تمسك بتلابيب الدولة، ومجتمع مدنى مستضعف مهلهل بأحزابه، باستثناء قلة.

قد ‏يبدو المخرج فى "شراكة المكون المدنى والمكون العسكرى" للخروج من الأزمة، تجربة يحاول السودان تطبيقها الآن تقابلها صعوبات بين الرفض والتخوف وعدم الثقة. لن يكون المكون العسكرى جاهزا للمشاركة الجادة من أجل الإنقاذ والخروج من الأزمة إلا بعد أن "يثور النظام (العسكرى) على نفسه" للصالح العام

‏ما اذيع عن لقاء جمال مبارك والسفير الأمريكى والتخمينات أن اللقاء للحصول على دعم ترشحه لرئاسة الجمهورية 2024، يراه البعض مخرجا من الأزمة، ورقما صعبا فى مواجهة الرئيس الحالي، وندا له فى الدعم الغربى وضامنا لعملية انتخابية حرة بلا تزوير (للاسف امريكا هى من يتحكم فى مصائرنا بضعفنا وتشرذمنا) تساعد المكون المدنى في النزول بمرشح قد يفوز او يضع قدمه على بداية طريق آمن خال من التزوير.

‏كثيرون لايرحبون بترشح جمال مبارك للرئاسة فهو أحد أسباب ثورة 25 يناير 2011، وايضا لايريدون ترشح المسؤول عما آلت إليه الدولة من ضعف واستبداد وتفريط فى الأرض والنهر وبيع المصانع، وزيادة الأسعار وغرقها فى الديون، وتحويل الدولة من دولة حرة ‏ذات سيادة إلى دولة متسولة لها كفيل. 

فى يونيه 1967 هزمت مصر شر هزيمة، لم ينكسر كبرياؤها، ولم بتسول شعبها، قامت فورا قاومت وخاضت حرب الاستنزاف، وانتصرت فى حرب اكتوبر العظيم 1973 على إسرائيل.

‏هل لم يعد لدينا إلا المشاركة أو الاحتيال؟
---------------------------
بقلم: د. يحيى القزاز



مقالات اخرى للكاتب

العوار الوطنى.. إشكالية المثقف والسلطة