01 - 05 - 2024

العيشه مرار طافح

العيشه مرار طافح

من العنوان ماينفع الكلام إلا "بالعامية" (على رأى اخونا الطببب المثقف المشخص للاوضاع كما الأمراض بروفيسور تامر النحاس).

ومايحلى الكلام فى الآلام إلا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيد الخلق حبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  ويجعل كلامنا خفيف على امان وصافى؛ محلين شيك، مينى ماركت، يعنى سوبر ماركت صغير مساحة الواحد فيهم من 50 إلى  60 متر مربع. صافى وامان محلان على الشارع العمومى خلف سكنى، مااعرفشى اخدوا موافقة من الحى واللا لا.. فجاة لقيناهم  اتبنوا وبيبيعوا كل حاجة.

بصراحة صافى وامان ووطنية للبنزين، مابحبش ادخلهم، قصدى بخاف منهم، ولا اشترى منهم، علشان ما اغلطشى واطلب تغيير حاجة او اعترض على سعر او اعترض على عربية جات بعدى ومونت بنزين قبلى، فالاقى نفسى بحكم القانون اعتديت على سيادتهم واحاكم عسكريا واروح فى السجن طبعا تهمتى اهانة السادة، واحنا مانقدر طبعا، ما احنا العبيد لمن يبيع بالرغم من اننا احنا الشعب السادة الأصل والفصل.

لسوء حظى، عفوا لحسن حظى، صافى وامان واقفين ورا سكنى. احفادى طلبوا منى حاجة حلوة، ايام الجنيه ماكان اسمه الحاج جنيه كنت ابعت اجيبلهم او يتصلوا يجيبوا ديليفرى وانا قاعد مستربح، ولما الحاج جنيه تعب قوى وصحته اتبهدلت، وماعادشى يستحمل دليفرى ولا يحزنون، اضطريت اخرج بنفسى، رحمة بيا وبيه، اشيله فى جيبى بعد ما مرض وخس وصحته على قدها، اصبح جيبى يتاويه بعد ماكان يتبتر عليه وما يسيعه، يملى جيبى طلبات ويزيد.

أحفادى أصروا لازم أروح معاهم يشتروا حاجه حلوة من "تحيا مصر" يقصدوا محلى امان وصافى. اتفقنا على شراء حاجة واحدة لكل واحد. دخلنا سوبر ماركت أمان، اقرب لنا مباشرة، وصافى على بعد 100 متر منه، اختار كل واحد حاجتين، اعتقدت انهما رخيصتان؛ مصاصة وباكو بسكوت.

وانا بادفع الحساب طلعت المصاصة ب 20 جنيه وباكو البسكوت ب 9 جنيه. الحقيقة اتعفرت من تمن المصاصة وحاولت اقنعهم بشراء غيرها لانها غالية ومالهاش لازمة، وزى ما الكبير بيقول اللى سعره يرتفع ماتشتريهوش.

الاطفال اصروا على المصاصة..  دفعت علشان لما يكبروا مايقولوش جدنا كان جلده، ويضنوا على بالرحمة فى مرقدى الأبدى، ويتهمونى بالبخل.

اتغظت بصراحة،  وبعد ماحاسبت وخرجت، حسيت نافوخى بيغلى وها اطق بتعبير ناس بحرى، وبتعبيرنا الصعايدة مخى غلى وصار نار. رجعت للبائع تانى، شاب مهذب فى العشرينات، استأذنته فى السؤال بين الخوف ممن يمثلهم والنافوخ اللى بيغلى فى أعلى الراس والمرار الطافح من الحلق: هو ليه تمن المصاصة اللى زى الصباع ب 20 جنيه؟! قالى علشان مستورده، نافوخى سمعت طقطقته والنار بتاكله.. صرخ وما استحملتش: ازاى مستورد واحنا الاستيراد واقف له فتره، طيب لما الاستيراد فتح ليه مااستوردوش المطلوب للادوية وللصناعة ولل...... البائع فكر انه بكدبه، مسك علبة المصاصات عنده، واشار الى كلمة استيراد، تاريخ الانتاج كان اكتوبر 2021، قلتله طيب ده كان قبل الوقف وقبل الغلا،، المفروض مايتباعش غالى لانكم مااشترتهوش غالى؟ وجرى على علبة البسكوت ام 9 جنيه للباكو وورانى انه مكتوب عليها " استيراد...... (فلان الفلانى) برضو تاريخ الانتاج اكتوبر 2021. قلتله ايه المشكله انهم يعملوا مصانع محلية تنتج الحاجات دى هنا وارخص. بص لى، وقاللى ها اقولهم، هم قالولنا نبلغهم برأى الناس. بصيتله وفهمت انه غلب من كلامى وحب يخرصنى بجملته " هااقولهم...". اتغظت وانا دمى محروق، قلتله قلهم ان ده مش صح، واننا مش عبيد نشترى وما نتكلمشى. والناس خلاص طقت على حافة الكفر والانفجار، والبلد مش جيش وشرطة والباقى عبيد، وقلهم خليكوا فاكرين ان الجيش والشرطة من الشعب. والشعب هو السيد والاصل. واحنا مش اعداء لبعض.. كل جهة بتأمن وتنمى نفسها، والباقى يعمل ايه، مرتباتنا ومدخراتنا قيمتها نزلت النص يعنى نص القيمة.. فمابالنا بال"فقرا أوى"

الشاب بص لى وقال: كلنا تعبانين...انا اهو باشتغل هنا ومش قادر اتجوز وربنا يستر.

وانا باتكلم مع الشاب تدخلت حفيدتى الكبرى تعيد المصاصة الى مكانها بالمحل، رفضت حتى لا تقول بعد فترة ان جدها استخسرت فيهم مصاصة رخيصة ب 20 جنيه لان ساعتها هيكون الدولار عدى ال 100 جنيه وازح. لا ده محل صافى ولا ده محل امان... ده استغلال واستعباد ومرار طافح.

"كلمتين يا مصر يمكن

هما أخر كلمتين

حد ضامن يمشي آمن

أو مِآمن يمشي فين"

الله يرحمك باعم احمد فؤاد نجم، استريحت وتعبتنا.

مصاصة بعشربن جنيه.. صحيح بلاها لزمتها ايه. بس  دى كانت هدية الفقرا ليسعدوا اولادهم واحفادهم الصغار. هو احنا نستغنى علشان غيرنا يعيش على جثثنا. ربنا مايرضاش بكده، المقاومة هى الحل حتى لو وسطك منحل.
بلاها مصاصة، بلاها اكل، بلاها شرب، بلاها عيشة. حسبنا الله ونعم الوكيل.

الاسعار غليت نار، والسكوت زاد الناس نار

نار يا حبيبى نار

حكمك نار، ظلمك نار، واكتر من نار

نار ياغربمى نار.
---------------------------
بقلم: د. يحيى القزاز


مقالات اخرى للكاتب

العوار الوطنى.. إشكالية المثقف والسلطة





اعلان