16 - 04 - 2024

حكايات «ماما سماح»

حكايات «ماما سماح»

البداية منذ أشهر ليست بالبعيدة، عندما كنا نقلّب في «التليفزيون» بحثًا عن القناة الأولى لتشغيل قرآن الجمعة، كما عوّدّنا والدي، رحمه الله، فوقعت أعين ابنتيَّ على حكايات «ماما سماح»، إحدى فقرات البرنامج الرائع رحلة سعيدة، الذي يسبق بث شعائر الصلاة على الهواء مباشرةً، فطلبتا الاستماع إلى الحكاية ومشاهدة الفقرة، ووجدتهما منجذبتين، كما حالي، لأسلوب سرد مشوّق، ورأيتُ كيف تم الاستمتاع بها، علاوة على قيمتها الأدبية الثرية التي ترسّخ للمضمون القيمي والتربوي، إلى أن أضحت هذه الفقرة أشبه بالوِردِ الأسبوعي، والانصراف عن مشاهدة ما سواها من قنوات وإنترنت، أقله، كلما سنحت الفرصة لذلك..

قبل بضعة شهور، أيضًا، أوردتْ صحيفة الشرق الأوسط تقريرًا عن رائد أدب الطفل العربي، كامل كيلاني، في ذكراه الـ125، واحتفاء وزارة الثقافة به في خطوة محمودة، تقديرًا لدوره في إثراء وجدان وعقل الطفل، مسلطة الضوء على ما تركه من تراث أدبي كبيرٍ وما قدمه من مختلف ألوان المعرفة بأسلوب بديع، يمزج بين زرع القيم في نفوس الأطفال والحكايات المتنوعة التي تأخذهم إلى عوالم ثرية وآفاق واسعة.

وكامل كيلاني، بحسب ما نُشر، ترك للمكتبة العربية نحو مائتي قصة للأطفال أو يزيد، وأسس مكتبة كيلاني لأدب الأطفال وسط القاهرة، لا تزال قائمة تبيع قصصه حتى الآن، وكيف لا يتم الاحتفاء به، وهو وفق دكتور محمد عبدالحافظ ناصف، رئيس المركز القومي لثقافة الطفل، يُعد أول أديب مصري يكتب بشكل متخصص للطفل، متنازلاً عن الكتابة للكبار، في خطوة تعد مغامرة، لا سيما وهو وسط كوكبة من كبار الأدباء في عشرينيات القرن الماضي، ولم يكن من المعتاد بعدُ، التفرغ لهذا اللون الأدبي، إلا أنه فعلها بشغف وحب وفهم، ما استدعى إبراز أهمية احتفاء وزارة الثقافة به، في احتفال عدّه مثقفون وكتاب تقديرًا علنيًّا كبيرًا بأدب الطفل بشكل عام، باعتبار أن كيلاني رمز له في الساحة العربية كلها، لا مصر وحدها.

وعوْدٌ على بدءِ، ظهرت «ماما سماح» عبر إحدى صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مُشارِكةً في حفل- أقامته مجلة «علاء الدين» برئاسة الزميل والأستاذ القدير حسين الزناتي- تجذب صوره أعين كل مَن تقع عليه.. ومن فوري لم أتردد لحظة في نقل التعبير عن إعجاب ابنتيَّ بحكايات «ماما سماح» إلى «ماما سماح»، الأمر الذي قابلَتْه بترحاب وود تلحظهما في كل حرف تهمس به ومن حولها أطفالها تقص عليهم إحدى حكاياتها.. 

من هنا جاءت فكرة الكتابة عما يمكن أن تتركه هذه الحكايات في نفوس أطفال تفتّحت عيونهم على يوتيوب وإنستجرام وفيسبوك وتويتر وتيك توك وغيرها، ولم تدرك آذانهم «غنوة وحدوتة» أشهر من قدّم برامج الأطفال في الإذاعة المصرية، القديرة فضيلة توفيق، أو كما عرفناها «أبلة فضيلة»..

أما سماح أبوبكر، التي خُيِّل إليّ أن من حقها علينا كصحفيين أن نبرز اسمها، فبعد متابعة نشاطاتها عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك، وجدتنا نحن من يحرِمُ نفسه عدم معرفة شيء عمّن هم مثلها أو في مكانتها وتألقها، لا سيما أن أكبر قيادة سياسية استضافتها، تقديرًا لدورها ومشروعها في الارتقاء بأدب الطفل  وما أنتجته، لا تزال، من ثروة تستوجب تنبيه أطفالنا لاكتناز ولو جزءًا بسيطًا منها..

وفي تجربة شخصية، سألتُ عديدين بشكل مباشر، عن مدى معرفتهم ببطلة زاويتنا، فوجدتُ في الإجابات أنهم ليسوا أكثر مني حظًا في الافتقار إلى النهل من عطائها.. وعلاوة على أن «ماما سماح» هي ابنة الفنان والممثل المخضرم المولود بحي السيدة زينب، الراحل أبوبكر عزت، والكاتبة الراحلة كوثر هيكل، فإنها تخصصت في أدب الطفل والكتابة للأطفال وحازت العديد من الجوائز داخل مصر وخارجها..

الكاتبة سماح أبوبكر لها عشرات المؤلفات فيما يتعلق بأدب الطفل ما بين القصص والكتب التاريخية، ومنها الدائرة الحائرة التي فازت بجائزة الهيئة الدولية لكتب اليافعين، ووجه القمر، ومروة وأصدقاء البحر، وغابة بين الأمواج، ولؤلؤة في السماء

وسر القبعة الصفراء، وجميلة والشقيقات الثلاث، وفي جيبي قلعة ومعبد، والعطاء الصامت، وغيرها الكثير والكثير مما نحتاج نحن وأطفالنا للاطلاع عليه والإفادة منه.. حكاية «ماما سماح» فرصة عظيمة من عشرات، إن لم يكن مئات الفرص في شتى المجالات، نحتاج إلى اقتناصها والتوعية بها.. فهل من طريقة؟
------------------------------------
بقلم: عزت سلامة العاصي

مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان