23 - 04 - 2024

عودة الدب العحوز وتفاؤله

عودة الدب العحوز وتفاؤله

لم أصدق عودة الدب العحوز الثائر السبعينى الشاب  د. ممدوح حمزة إلى أرض الوطن ، مصر ، بعد غياب قسرى وإن بدا اختياريا ، امتد لثلاثة اعوام متنقلا بين لبنان وألمانيا وبريطانيا . تهمته أنه مواطن مصرى مجنون بعشق مصر حتى الثمالة. يكره الظلم ، يساند البسطاء والفقراء ويدعمهم فى مطالبهم المشروعة .. ارستقراطى النشأة بروليتارى المسلك.

تراه دائما بقميصه الأبيض والبنطال من منتجات مصر. يفاخر أنه يلبس من "صنع فى مصر"، حتى الشيكولاته كهدايا فى المناسبات يفضلها مصرية أيضا. ممدوح حمزة كان أول من سارع بتوطين الثوار فى ميدان التحرير بالخيام والبطاطين إبان ثورة 25 يناير 2011 وكثير .. المقام لايتسع لأفعال حمزة الوطنية بالمال والنفس والفكر والدعم ، تعداد مزاياه ليس هو المستهدف. المستهدف هنا هو نبرة التفاؤل التى تحدث بها في أول تصريح له إثر عودته ، وحسن استقبال رجال الأمن له ، وترحيبهم بأنه من أبناء مصر المخلصين، فرد كعادته بأن أبناء مصر المخلصين كثر فى خارج مصر وفى السجون ، وطالب بعودتهم لبيوتهم.

‏ استوقفتنى كثيرا نبرته الحماسية المتفائلة جدا . سأشاركه هذا التفاؤل وأتمادى فى التمنى بغير حذر ، ويكتمل خلال ساعات بإخلاء سبيل القاضى الجليل المستشار هشام جنينة الذى أنهى مدة حبسه خمس سنوات يوم 12 فبراير 2023 ، تأخير خروجه يخدش التفاؤل بحماس. ثم نتوسع فى الأمل ونطالب بإخلاء كل المحبوسين ، وأظن عشر سنوات كافية، ولا يجوز أن تكون السلطة فى خصومة مع أصحاب رأى بعشرات الآلاف لمدة كبيرة. مهما طال سجنهم حتما سيخرجون ويرون النور ، ويتم إخلاء سبيل بعفو رئاسى او بقرار من النائب العام ، يغير احتقان الوضع المقبل على الانفجار ، نرجو العفو - على سبيل المثال لا الحصر - عن د. عبدالمنعم أبوالفتوح وأحمد دومة وعلاء عبدالفتاح وكذا السيدات، والمعلم يحيى ابراهيم وكل مسجون صاحب رأى بلا تمييز.. ومعذرة لمن لايغيبون عن الذاكرة ولا تتسع لذكرهم الصفحة. والمذكورون ليسوا بأفضل من المغمورين ومن لم يذكروا ، الكل سواء لا فرق.

‏إن الأنظمة التى تتخذ موقفا حادا من فصائل سياسية مهما كانت درجة الخلاف والاختلاف ، لن تحكم كثيرا ولن تستقر بطول المدة ، فسوء الممارسة يشكك الفصائل الأخرى فى النظام، ويتعاظم التعاطف مع المقصى بمرور الأيام . العاقل هو من يتعظ من التاريخ والماضى القريب لا شيء ثابت على الأرض إلا التغيير . السلطة لاتدوم، والشعب باق بإذن الله. على السلطة أن تراجع موقفها، ولمصلحتها أن تعيد حساباتها وتفتح نافذة حقيقية "بخطرها" فى جدار تملكه قبل أن تتهاوى معاول الحانقين والمعذبين، وهم كثر ومن كل الأطياف. الظلم يوحد المظلومين على اختلاف توجهاتهم. أتمنى أن نستعمل العقل، والعاقل هو من يسعى لنزع الفتيل بنفسه قبل أن بنفجر ويحرق الجميع. العناد نتاج جهالة وآخرته الدمار. إنها الفرصة الأخيرة لنزع فتيل الانفجار بيد السلطة وبأمان.

‏مصر للمصريين، الجيش جيش مصر والشرطة شرطة مصر والقضاء قضاء مصر، مهما حدث من تجاوز قلة، كلهم أبناء مصر، إنهم مؤسسات حصينة لمصر.

‏أتمنى أن أرى كل المصريين فى فضاء مصر الرحب ؛ المهاجرين فى الخارج والمسجونين فى الزنازين. والمحبوسبين فى أقفاص انفسهم. كفانا جميعا وآن الأوان أن نلتقى فى فضاء مصر.
----------------------------
بقلم: د. يحيى القزاز 


مقالات اخرى للكاتب

العوار الوطنى.. إشكالية المثقف والسلطة





اعلان