25 - 04 - 2024

البحث العلمي في العالم العربي .. بين سرعة السلحفاة وشح الانفاق

البحث العلمي في العالم العربي .. بين سرعة السلحفاة وشح الانفاق

لعل ما يواجه العالم الآن من مشكلات معقدة ومركبة على كافة المستويات يتطلب جهدا علميا مضاعفا، وهو ما تمارسه دول العالم خاصة الدول صاحبة الريادة العلمية والصناعية والتي تملك الريادة في هذا المجال، ورغم تربعها علي عرش العلم إذا جاز لنا التعبير فهي تعمل بلا هوادة في هذا المجال ، وفي المقابل بدول العالم الثالث رغم المعاناة الشديدة وانتشار الثالوث الشهير الفقر والجهل والمرض ، إلا أنها لا تبالي وليس هناك أى اهتمام حقيقي للبحث العلمي للخلاص من واقعها المؤلم ، رغم أن البعض منها كان بدأ مسارا معقولا وكانت لديه خطة ومعامل وأبحاثا للالتحاق بركب التقدم العلمي ، كما حدث ما مصر الناصرية ، أي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، إلا أن من جاء بعده بدلا أن يكمل هدم البدايات.

الفارق الحقيقي

 وفى السنوات الأخيرة أصبح البحث العلمي هو الفارق الحقيقي بيننا وبين دول العالم المتقدمة، وهو الركيزة الأولى فى تحديد حجم الدولة و قوة تأثيرها ، وإن كان البحث العلمي منذ سنوات طويلة له تأثيره بالطبع و لكن مؤخراً جاءت القفزات العلمية السريعة والمتلاحقة والمؤثرة فى جوانب كثيرة من حياتنا، بل كل حياتنا لتؤكد أن البحث العلمي هو من أول الوسائل التى يجب أن تلجأ إليها الدول لتكون أكثر نفوذاً فى العالم ، ولعل تجربة اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، ثم الصين والنمور الآسيوية ، تؤكد على ما سبق.

وكان الفارق بين العراق وكوريا الشمالية هو تمكن الأخيرة من امتلاك ناصية التكنولوجيا الحقيقية التى مكنتها من تطوير قدرتها الدفاعية فى الدفاع عن نفسها وجعل أمريكا تفكر أكثر من مرة قبل أن تتخذ ضدها عملا عسكرياً ، وهو ما لم يحدث مع العراق.

وبنظرة سريعة على إنفاق العالم على البحث العلمي نكتشف الهوة الكبيرة بين دول جادة بالأمر، وبين عالمنا العربي الذي ينفق في كثير من المجالات ، ولكن يتعامل بشكل شديد مع هذا المجال ، مما جعله يسير فيه بسرعة السلحفاة حسب تعبير وزيرة البحث بمصر الراحلة فينيس كامل جودة في حوار صحفي معها.

الإنفاق والهوة السحيقة 

وينفق العالَم حوالي 2.1 بالمائة من مجمل دخله الوطني على مجالات البحث العلمي، أي ما يساوي حوالي 536 بليون دولار. ويعمل في مؤسسات البحث العلمي في العالم ما يقارب 3.4 مليون باحث، أي بمعدل 1.3 باحث لكل ألف من القوى العاملة.

وبمقارنة بين أمريكا والكيان الصهيوني والعالم العربي مجتمعا على البحث العلمي ، نكتشف الهوة السحيقة التي من نتيجتها واقعنا الحالي قياسا للكيان وأمريكا.

يقدر إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والاتحاد الأوروبي على البحث والتطوير بما يقارب 417 بليون دولار، وهو "ما يتجاوز ثلاثة أرباع إجمالي الإنفاق العالمي بأسره على البحث العلمي". والولايات المتحدة وحدها تنفق سنويا على البحث العلمي أكثر من 168 بليون دولار، أي حوالي 32 بالمائة من مجمل ما ينفق العالم كله.

أما الكيان الصهيوني فقد أنفق على البحث العلمي حوالي 9 مليار دولار سنة 2008 ، وهو ما يوازي 4.7 بالمائة من إنتاجها القومي.

وبالمجمل يبلغ إنفاق الدول العربية (مجتمعة) على البحث العلمي والتطوير تقريبا نصف ما ينفقه الكيان، على الرغم من أن الناتج القومي العربي يبلغ 11 ضعف الناتج القومي في إسرائيل ، والمساحة هي 649 ضعفا.

-----------------------------------
بقلم: أحمد عبد العزيز
كاتب صحفي وباحث

مقالات اخرى للكاتب

البطل صلاح الذي طرح العدو والتطبيع أرضا





اعلان