26 - 04 - 2024

رفع الفائدة .. سلاح مدمر لايصلح للحالة المصرية والتضخم ليس ناجما عن زيادة الطلب

رفع الفائدة .. سلاح مدمر لايصلح للحالة المصرية والتضخم ليس ناجما عن زيادة الطلب

- عز الدين حسنين: الهدف جذب الأموال الساخنة لتكون طوق نجاة مؤقت
- خالد إسماعيل: ضبابية وعدم استقرار والتضخم لن ينخفض قبل نهاية 2023
- ياسر شحاتة: زيادة الإنتاج التصنيعي هو مايخفض معدل التضخم المرتفعة
- د. كرم سلام: "النوبة التضخمية" تتوقف على أوضاع أسواق العمل وحرب أوكرانيا
- د. ياسر حسين: الوضع صعب ولكنه ليس خطيرا ومصر قادرة على تخطي الأزمة
- د. عبد الرحمن شعبان: الحل في زيادة الانتاج وتوطين الصناعة وتقليل فاتورة الاستيراد
- إيهاب شلبي: قرار رفع سعر الفائدة غير فعال في الوضع الحالي وهناك حلول أخرى.
- أيمن الزيات: زياده التدفقات الدولارية والاستثمار المباشر ورفع معدلات الإنتاج أهم الحلول
- حازم عواد: يقلل من معدلات النمو الاقتصادي ويؤثر بالسلب على الدخول ويرفع البطالة

استجابة صندوق النقد الدولي اتخذ البنك المركزي في الأسابيع الماضية قرارات برفع سعر الفائدة بمعدل 3% وطرحت البنوك شهادات جديدة بعائد 25% وتحرك سعر الدولار أمام الجنيه مرة أخرى ليصل الأسبوع الماضي إلى 32 جنيها للدولار قبل أن يتراجع إلى ماتحت 30 جنيها. أدى ذلك إلى ارتفاعات متسارعة وفورية في السلع والخدمات ، وإضافة ضغوط تضخمية جديدة بدلا من المستهدف منها .. فكيف يرى خبراء الاقتصاد الصورة .. هذا مانعرضه في هذا التحقيق. 

يقول الدكتور عز الدين حسنين الخبير الاقتصادي إن الأسعار ارتفعت مدفوعة بانخفاض الجنيه أمام الدولار بداية من 21 مارس 2022 إلى 27 اكتوبر 2022 بمقدار 57% ، مما ترك آثارا سلبية علي الأسواق المحلية بارتفاع كافة السلع والخدمات ، تزامنا مع نقص المعروض من الدولار بالقطاع المصرفي وتغول السوق الموازية التي فاقت السعر الرسمي لصرف الجنيه امام الدولار بفاصل من 8 الي 10 جنيهات قبل التخفيض الأخير للجنيه.

فارتفع التضخم العام الي 18.75% والتضخم الأساسي إلي 21.5 % ، مما دفع البنك المركزي خلال عام 2022 الي رفع الفائدة 4 مرات خلال العام بمقدار 8% مرتفعا من 8.25 % - 9.25% للايداع ولاقراض لليلة واحدة الي مستوي 16.25% - 17.25% 

ولعل آخر رفع للفائدة في آخر جلسه للسياسة النقدية لعام 2022  في 22 ديسمبر بمقدار 3% دفعة واحدة ، في محاولة لجذب السيولة الزائدة في الأسواق التي قدرت وفق نشرة البنك المركزي في أكتوبر بحوالي 800 مليار جنيه ، متداولة خارج الجهاز المصرفي وهي أحد الأسباب وليست اهمها ، ولكن الاهم هو محاولة جذب الاموال الساخنة التي خرجت من مصر ومقدارها تقريبا 25 مليار دولار، فالمركزي يحاول هذه المرة الاستعانة بهذه الاموال وجذبها من أجل استقرار الاحتياطي الدولاري والمساعدة السريعة في إجراء التعويم الكامل للجنيه أمام الدولار وفق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي .

فجذب الأموال الساخنة للاستثمار في أدوات الدين الحكومية ، هو هدف البنك المركزي الآن ، خاصة مع انخفاض الموارد الدولارية من الأنشطة الأساسية مثل السياحة والتصدير وتحويلات العاملين بالخارج والتصدير , فجذب الأموال الساخنة الآن بمثابة خطة طوارئ سريعة ، إذا نجح البنك المركزي في استعادتها للسوق المصرية ستكون طوق نجاة مؤقت لتنفيذ التعويم الكامل أو تطبيق سعر الصرف المرن والمساعدة في تلبية احتياجات المستوردين من الدولار وخروج البضائع المكدسة بالموانئ.

ومع خروج البضائع من المواني قد تساهم نسبيا في زيادة المعروض من السلع وبالتالي انخفاض الاسعار تدريجيا .إذا استخدام آلية أو سلاح الفائدة من جانب البنك المركزي المصري ليس هدفه كبح التضخم في ذاته ، من خلال جذب السيولة الزائدة بقدر ما هدفه هو جذب الأموال الساخنة

وتوقع عز الدين حسنين أن تستمر الأسعار في الارتفاع لفتره 6 شهور على الأقل ، إذا ما نجح المركزي في جذب الأموال الساخنة واستقر سعر الصرف خلال تلك الفترة ، وفي حال عدم جدوي رفع الفائدة ستستمر السوق السوداء مهيمنة علي سعر الصرف وستستمر موجه ارتفاعات الاسعار.

ويشير حسنين أن الدراسات الاقتصادية السابقة أثبتت أن استخدام آلية رفع الفائدة لمكافحة التضخم المتسارع تنجح إذا ما كان التضخم مدفوعا بزيادة السيولة النقدية المتداولة ، ولكنها تفشل في حال ما إذا كان سبب التضخم هو نقص المعروض من السلع وزيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه ، ففي الحالة المصرية ليس التضخم سببه زيادة السيولة وإنما بسبب انخفاض المعروض من الدولار وانخفاض قيمة الجنيه أمامه مع نقص المعروض من السلع .

لذا يجب البحث عن آليات لزيادة المعروض من السلع وزيادة المعروض من الدولار والأمران يحتاجان زيادة إنتاج من السلع وزياده وتيرة التصنيع من أجل التصدير بعد الاكتفاء الذاتي وزيادة  حصيلة السياحة وتحويلات العاملين بالخارج .

ضبابية

أما المستشار خالد اسماعيل عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع  فيقول: لاحظنا ارتفاع معدل التضخم السنوي الأساسى مايقرب من 6% فى ديسمبر 2021 حتى وصل إلى 21.5% فى نوفمبر 2022 وهذا المعدل تعدى بكثير مستهدفات البنك المركزى والتى كانت تبلغ 7%+-2 نقطة مئوية.

 ويوضح أن أسباب التضخم في مصر تعود إلى زيادة التكلفة بسبب العوامل الخارجية والتضخم المستورد وليس لزيادة الطلب ونحن مع بدايات عام 2023  نجد حالة من الضبابية وعدم الاستقرار ، حيث تشير كل التوقعات الاقتصادية إلى أن العام سيشهد نموا ضعيفا وقد يواجه العالم ركودا فيه ، لأن تكاليف الاقتراض العالية ستؤدي إلى انكماش عدد من الاقتصادات ، فخفض التضخم للمستويات المعقولة يعنى نموا أضعف ، ويرى حسب المعطيات بأن انكسار التضخم بالانخفاض لن يحدث قبل نهاية النصف الثانى من عام 2023 وسيعتمد ذلك بدرجة كبيرة على مدى تراجع حدة التوترات الجيوسياسية العالمية والمتمثلة فى الحرب الروسية الأوكرانية.

يضيف خالد إسماعيل : ارتفاع الأسعار يكون له التأثير المباشر على المواطن البسيط ونتحدث هنا عن أصحاب الدخل المحدود والمتوسط ، ونجد عددا كبيرا من تلك الفئة قد فقدوا ثلث قوتهم الشرائية خلال هذا العام ، وفى هذا الإطار نجد اتخاذ عدة خطوات لكبح التضخم باستخدام السياسة النقدية ، فنجد قرارت البنك المركزي برفع الفائدة منذ بداية العام أربع مرات بنسبة زيادة 8% ، ومن خلال هذا الإجراء يقل الطلب فى الأسواق من خلال إيداع النقود فى البنوك ويقل الطلب على السلع وتقل الأسعار ، من الإجراءات الأخرى برامج الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل ، وهنا نؤكد على تعزيز هذا الدور والوصول لأكبر شريحة منهم ، وحسب توصيات صندوق النقد الدولي ، مطلوب الاستمرار فى منح أولوية لمساعدة الفئات الأكثر ضعفا ، وخلال الشهر الماضى تم إقرار حزمة من بنود الحماية الاجتماعية للمواطنين بقيمة 67 مليار جنيه وهنا نؤكد على أهمية وصولها لمستحقيها. 

ويوضح خالد إسماعيل أنه مع رفع البنك المركزي للفائدة قد يكون هناك ارتفاع نسبي لأسعار المنتجات بسبب ارتفاع تكلفة التمويل ويوصى بالعمل على محاور أخرى ، منها العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الوارد من السياحة والأهم الإنتاج ثم الإنتاج بتشجيع ودعم المتتج المحلى كبدائل للسلع التى يتم استيرادها ، ثم اخيرا أهمية تفعيل ماتم اتخاذه من قرارات لمراقبة الأسعار فى الأسواق ، فنجد قرار إلزام المنافذ التجارية بوضع الأسعار على السلع ووضع سعر عادل للسلع الاستراتيجية من وزارة التموين ، ومواجهة التجار الذين استغلوا تلك الظروف لزيادة الأسعار بصورة مبالغ فيها ، كما يجب على الأجهزة الرقابية التواجد في الشارع قرب المواطن البسيط للتخفيف من تداعيات تلك الآثار السلبية من كافة الجوانب. 

تضخم الأسعار وتضخم التكلفة

يوضح الدكتور ياسر شحاتة الخبير الاقتصادي وأستاذ إدارة الموارد البشرية أن هناك نوعان من التضخم ، الأول هو التضخم الناتج عن الطلب ، فعندما يزداد الطلب على سلعة ما ، فإنه يؤدي إلى رفع الأسعار ، وعادة ما يحدث ذلك عندما يشعر المواطنون بالثقة في الأوضاع الاقتصادية ، ما يدفعهم إلى المزيد من الإنفاق بدلا من الادخار ، ويبدأ التضخم الناتج عن الطلب بارتفاع في الطلب الاستهلاكي ، فيحاول التجار الوفاء بالطلب من خلال زيادة المعروض ، وعندما لا تكون هناك سلع إضافية كافية لزيادة المعروض ، يعمد التجار إلى رفع أسعارهم ، مما يؤدي إلى تضخم ناتج عن الطلب، والذي يطلق عليه أيضا "تضخم الأسعار".

أما النوع الثاني – حسب رأي الدكتور شحاتة - هو تضخم التكلفة ، يحدث هذا عندما ترتفع تكلفة إنتاج السلع ، وهذا ما شاهدناه مؤخرا في شتى أنحاء العالم جراء أزمتي كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا والذي كان لهما دور كبير في عرقلة سلاسل الإمداد، وأصبح من الصعب على الشركات إنتاج السلع وتوصيلها. 

ويتوقع الدكتور ياسر شحاتة انحسار التضخم ، خلال النصف الثانى من عام 2023، والوصول إلى المنطقة التي يستهدفها البنك المركزي ، بالإضافة إلي الوصول بمعدل التضخم لمستويات أكثر استقرارًا ، وسوف يكون تراجع معدل التضخم خلال تلك الفترة مدعومًا بتراجع حدة التوترات العالمية ، تماشيا مع توقعات البنوك المركزية على مستوى العالم. 

ويضيف: بكل تأكيد رفع أسعار الفائدة من أهم أدوات البنوك المركزية لمكافحة التضخم ، وذلك عبر امتصاص السيولة حيث تتبع غالبية البنوك المركزية السياسة التي يتبعها الفيدرالي الأمريكي ، ولكن ما هو الهدف وراء رفع الفائدة ، بكل تأكيد هو مكافحة التضخم، فضلا عن  إسهامه في تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية للاقتصاد المصري، وذلك من خلال تراجع التضخم. ويطالب شحاتة بالتركيز علي زيادة الإنتاج التصنيعي، والذي يؤدي بدوره إلى الحد من ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم.

التضخم ارتفع أكثر في السابق

يقول د. كرم سلام الخبيرالاقتصادي ومستشار العلاقات الاقتصادية الدولية أن معدل التضخم واصل مساره التصاعدي ليتجاوز 20% بنهاية عام ٢٠٢٢في ظل انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، وهذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها التضخم في مصر مستويات قياسية، إذ سبق أن وصل لنحو 30% خلال عام 2017، كما سجل معدل التضخم السنوي في مصر 33% خلال يوليو 2018، مقتربًا من أعلى مستوى سجله التضخم وبلغ 35.1% في يونيو عام 1986. ومن الملاحظ ارتفاع معدلات التضخم بوتيرة سريعة هي الأعلى منذ  2018. ففي أبريل الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية سجل 12,1 في المئة لشهر مارس 2022 مقابل 4,8 % للشهر نفسه من العام السابق ثم في مطلع مايو ، أعلن الجهاز ارتفاعا جديدا لمعدلات التضخم في أبريل الماضي لتصل إلى 14.9 في المئة مقابل 4.4 في المئة لنفس الشهر العام السابق، مسجلا بذلك ارتفاعًا قدره 3.7 في المئة عن شهر مارس 2022، أي خلال شهر واحد،حتى بلغ 16.3% خلال أكتوبر 2022 وفى تصاعد مستمر ويتوقع أن يصل لمستويات اعلى خلال العام 2023.

ويشير د. كرم سلام أن معدلات التضخم هذه جلبت ارتفاعا إجماليا في أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة 29.3 في المئة. فزادت أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة 66.2 في المئة والزيوت 36.6 في المئة والحبوب والخبز 28.5 في المئة، والأسماك 24.4 في المئة، واللحوم والدواجن 22.3 في المئة. وكانت هذه هي الزيادة الثانية في أسعار السلع خلال شهر واحد، ففي أبريل ارتفعت أسعار الحبوب والخبز بنسبة 11 في المئة، واللحوم والدواجن بنسبة سبعة في المئة، والألبان والبيض خمسة في المئة. 

ويرجع د. سلام أسباب التضخم وغلاء الأسعار  إلى عدة أسباب منها الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية للسلع الأساسية ، وتحول الطلب العالمى من الخدمات إلى السلع الاستهلاكية ، العامل الثالث هو حزمة التدابير التنشيطية الكلية التى قامت بها الولايات المتحدة والتي أدت لزيادة فى الطلب الكلي العالمى. والرابع وجود صدمة عرض العمالة العالمي ، حيث لا تزال الانقطاعات في أسواق العمل ونسب المشاركة في القوة العاملة فى العمل والانتاج  دون المستويات المطلوبة. والعامل الخامس يتمثل في صدمات إمدادات الطاقة والغذاء الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا ، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما ساهم في زيادة معدلات التضخم عالميا ، وقد أدت الانقطاعات الناتجة عن الحرب والعقوبات إلى ارتفاع حاد في الأسعار العالمية، ولاسيما أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.

التوقعات المستقبلية 

ويرى د. كرم سلام أن "مدة النوبة التضخمية" وغلاء الأسعار الحالية متوقف على عاملين : أولهما التفاعل بين استمرار ضيق الأوضاع في أسواق العمل واختناقات سلاسل الإمداد واستجابة البنوك المركزية لاحتواء الضغوط التضخمية ، وثانيا مدة الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أسعار الطاقة والغذاء والنمو العالمي.  ومن المتوقع وحسب التجارب التاريخية السابقة، لن تستمر هذه الطفرة التضخمية الخارجة عن السيطرة لأكثر من عامين. 

 ويوضح سلام أن قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة للجنيه جزء من الحلول لكن يتعين على الحكومة بعد قرار المركزي أن تقوم بدور كبير في دعم الفئات الأكثر احتياجاً وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية لتخفيف العبء عن كاهل المواطن المصري العادي ، واتخاذ حزمة قرارات تضيف حماية اجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً لتخفيف الآثار السلبية المتوقعة بعد قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة.

كما يجب على الحكومة المصرية فى الفترة المقبلة القيام بإجراءات منها:

- أن تتابع لجنة السياسة النقدية التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية وتستمر في استخدام كافة أدواتها النقدية من أجل السيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والاثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة له.

- دعم الخبز تدريجيا على مدار السنوات المقبلة ، وتعزيز الأمن الطاقوى للاقتصاد المصري.

- صرف مساعدات استثنائية للفئات الأكثر احتياجا ، وقد بلغت المساعدات الاستثنائية  لـ9 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر مقبلة ، بتكلفة إجمالية تصل إلى مليار جنيه (52.8 مليون دولار شهرياً) للأسر الأكثر احتياجاً، ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه (132 دولاراً)، وكذلك من العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب أقل من 2700 جنيه (142.5 دولار) شهرياً.

- تعزيز الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والأمهات والأطفال، من خلال التوسع في طرح كراتين السلع الغذائية المدعمة بنصف التكلفة، وبواقع مليوني كرتون شهرياً، على أن يجري توزيعها من خلال منافذ القوات المسلحة، إلى جانب توزيع وزارة الأوقاف بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي لحوم الأضاحي على مدار العام.

-  التدرج فى  زيادة أسعار الكهرباء حتى نهاية العام الحالي لمدة 6 أشهر، مع العلم أن "تكلفة التأجيل التي ستتحملها الموازنة العامة للدولة لمدة 6 أشهر تصل لـ10 مليارات جنيه (528 مليون دولار) حتى تتحمل الدولة العبء الأكبر من الزيادات للتخفيف عن المواطن المصري.

- ضرورة توفر الحصيلة الدولارية الكافية لدى البنك المركزى للتحكم فى حركة سعر الدولار فيما يعرف فنياً بعمليات السوق المفتوحة (Open Market Operations ).

- ضرورة اتخاذ خطوات واضحة وجادة بشأن جذب الاستثمارات الاجنبية والسياحة والتصنيع والتشغيل والتصدير ، وذلك بعد ازالة معوقات الاستثمار.

- تقديم شبكات حماية اجتماعية كافية للطبقات ذوي الاحتياجات ، والفقيرة لمواجهة التضخم وغلاء الأسعار .

- استمرار الدولة فى إجراءات الإصلاحات الهيكلية لتجاوز الصدمات الاقتصادية الكلية ، وضرورة التنسيق بين السياسات المالية والنقدية وارتكازها على الأطر المتوسطة الأجل فى المرحلة الراهنة للتحرير الكامل للجنيه المصري. 

- ضرورة اتجاه الدولة المصرية لتعظيم الصناعة الوطنية ودعم المستثمرين وزيادة حد الإعفاء الضريبي لبعض المشروعات الجديدة الصناعية، وتوجه الدولة نحو الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية والمزروعات وزيادة حجم الصادرات ، حيث سيرفع ذلك من قيمة الجنيه ويزيد العملة الصعبة ، وبالتالي لن يرتفع سعر الدولار بنسبة كبيرة.

- ضرورة الاستفادة من انخفاض قيمة العملة المحلية ، واستخدامها فى تنشيط السياحة العالمية لمصر ، حيث أن هناك عددا من الدول استفادت من انخفاض قيمة عملتها ، لأنه يجعلها تنشط في جوانب أخرى مثل لبنان ، فقد ادى انخفاض عملتها إلى زيادة حركة السياحة ونشاط الرحلات الوافدة اليها، وكذلك  الصين.

- ضرورة أن تعطى البنوك  أولوية في فتح الاعتمادات المستندية للسلع الأساسية المختلفة، ثم السلع الأخرى الترفيهية، وذلك بهدف ترشيد استخدام الدولار، وكذلك حسب حجم المعروض من النقد الأجنبي لدى كل بنك.

- ضرورة زيادة المصادر الدولارية لمصر، يأتي على رأسها تحويلات العاملين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، والصادرات.

-  ضرورة زيادة المصدر الأساسي المستدام لتوافر العملة الأجنبية وهو الإنتاج، فالفترة الراهنة تعد فرصة كبيرة لزيادة الصادرات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاستيراد.

- ضرورة الحد من استيراد السلع الترفيهية والكمالية والاكتفاء باستيراد السلع الضرورية والأساسية فقط . 

- ضرورة تقبل ذلك الأمر من قبل الشعب، حيث أن النسبة المتوقعة لارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه ليست كبيرة وتكون فى الحدود الضيقة، وأن هناك توقع بارتفاع متوسط سعر الدولار خلال الفترة المقبلة، لكنه لا ينظر إليه على أنه "قفزة كبرى"، بل ضمن التحركات العادية للعرض والطلب.

-إصدار شهادات الايداع  التى تقدمها بنوك القطاع العام والتى تهدف لتقليل السيولة في السوق لمواجهة أرتفاع الأسعار وموجة الغلاء ، وتشجيع الادخار بالعملة المحلية، بالإضافة إلى تعويض المدخرين عن الارتفاع المتوقع في التضخم.

-على الشركات المنتجة للمواد الغذائية طرح منتجات جديدة بسعر يستوعب زيادة تكلفة الإنتاج  وبما يمكن هذه الشركات من الحفاظ على حصصها السوقية الحالية وامتصاص زيادة التكلفة الإجمالية للمنتج .

 -تفعيل وتشديد دور الدولة فى الرقابة الداخلية على الأسواق المالية وأسعار السلع وفرض أشد العقوبات على التجار الجشعين .

- زيادة الدعم وفرض الضوابط السعرية من جانب الدولة لكبح الآثار التضخمية الناجمة عن ارتفاع القيمة الدولارية مقابل الجنية المصري.

- تعزيز وتفعيل الدولة لشبكات الأمان الاجتماعي مثل مشروع "تكافل وكرامة " لحماية الأسر الفقيرة وتوفير التحويلات الموجهة لهم فى إطار من الشفافية .

- على الأسر خفض أوجه الإنفاق غير الضرورية والاكتفاء بالمتطلبات الأساسية فى الوقت الراهن للأزمات العالمية .

سيناريوهات

يقول الدكتور ياسر حسين الخبير الاقتصادي والمالي والمحاضر بالجامعات الخاصة والدولية إن سيناريوهات متوقعة تلوحفي افق الاقتصاد المصري ، حيث يتوقع ان يترتب علي قرارات رفع الفائدة تاثيرات متوقعة علي مختلف جوانب الاقتصاد المصري بشكل عام وعلي الاسعار وعلي الموازنة العامة وعلي الايداع والاقتراض وعلي الذهب وعلي العملات الصعبة وأهمها الدولار الاميركي وعلي البورصة المصرية وعلي اسعار المنتجات وعلي المواطن المصري .

فقرار رفع الفائدة يستهدف احتواء الضغوط التضخمية في السوق المصري ومحاوله الوصول إلي استقرار الأسعار من أجل واقع أفضل للمواطن المصري الذي يعاني من ارتفاع الأسعار المتتالي والمتوالي في كافة السلع علي مدار عام 2022 .

ويرى أن تأثير القرار علي الأسعار في السوق يفترض أن يؤدي إلي كبح جماح التضخم وفرملة قفزات أسعار السلع، والسيطرة علي ارتفاع الاسعار الذي طال مختلف السلع، ومنها السلع الهامة الاستراتيچية مما يشكل أزمة في السوق ومعاناة للمواطن المصري .

أما تأثير القرار علي الموازنة العامة للدولة فسيكون سلبيا، لأن رفع الفائدة سيؤدي الي  الضغط علي الموازنة وزيادة الاعباء عليها وزيادة حجم الدين العام . في حين يؤثر القرار إيجابيا علي الايداع والمودعين،  ويحافظ علي أموال المودعين بالبنوك من التضخم ، وجذب شرائح مودعين آخرين .

بينما رفع الفائدة علي الاقتراض والمقترضين سيكون سلبيا، حيث ترتفع تكلفه الاقتراض لإقامة المشروعات ويعاني أصحاب المشروعات وكذلك أصحاب أنشطة بيع السلع بالتقسيط مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث وجهاز العرائس وأنشطه ومعارض بيع السيارات .

ويتوقع  الدكتور ياسر حسين أن يؤدي قرار رفع الفائدة علي العملات الصعبة واهمها الدولار الاميركي إلي انفراجة دولارية بعض الشيء، حيث ستزيد التحويلات إلي مصر بالدولار الأميركي وتحويله إلي شهادات بنكية بالجنيه المصري للحصول علي عائد الشهادات المصرية، وسيكون ذلك التوجه أيضا هو توجه حائزي الدولار داخل مصر ، كما يؤدي الي محاولة تجفيف السوق السوداء للعملة الصعبة وتوفير الدولار لحل إشكالية استيراد المواد الخام ومنتجات التشغيل وقطع الغيار المستوردة وتكدسات البضائع بالمواني المصرية حاليا, والدولار بعدما تجاوز 30 جنيها ، سيهبط تدريجيا مع تخطي مصر أزمتها الدولارية .

كما يفترض أن يؤدي رفع الفائدة إلي تقليل للفجوة بين سعر الذهب داخل مصر وخارجها، والوصول إلى سعر قريب من السعر العالمي، وذلك يعني هبوطا في أسعار الذهب محليا. وتأثيره السلبي علي البورصة سيكون طفيفا وذلك في ظل النجاحات التي تحققها منذ تغيير إداره البنك المركزي، وفي ظل الشهية المفتوحة لمستثمريها حاليا، الا ان إصدار الشهادات الجديدة سيؤثر بالسلب.

ويتوقع الدكتور ياسر حسين ارتفاعات طفيفة للسلع والخدمات في الربع الأول من عام 2023, ومع دخول البضائع الواردة التي كانت مكدسة في المواني المصرية ستستقر الأسواق والاسعار وتبدأ في الهبوط مع دخول الاستثمارات الدولارية الكبيرة الي مصر التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر المناخ السابق ، وهي استثمارات الطاقة النظيفة والمشروعات الخضراء، في منتصف عام 2023 .

وبالنسبة لأحوال المواطن المصري، يتوقع أن تخف معاناته من الارتفاعات المتوالية للأسعار نتيجة دوران عجلة الإنتاج والصناعة، وزياده العرض عن الطلب، كما ستنخفض الاسعار اكثر في مصر مع الوفرة الدولارية الناتجة عن دخول الاستثمارات الكبيرة الدولارية وعن موسم السياحة الشتوي والمتوقع ان يحقق نجاحا كبيرا في ظل ازمة طاقة اوروبا خلال الربع الاول من عام 2023 .

ويري ياسر حسين أن أهم الحلول الواجبة للتخفيف عن المواطن  بعد حل مشكلة دخول البضائع الواردة والمكدسة في المواني المصرية: - الاهتمام بالترويج السياحي المكثف بقدر المستطاع  للموسم الشتوي للسائح الاوربي والغربي في الربع الأول واستمرار الترويح السياحي لموسم الربيع والصيف للسياحة العربية في الربع الثاني. - تقديم حوافز استثمارية للمغتربين المصريين بالخارج تكون واضحة ومنطقيه وجاذبة لاستثماراتهم بالعملة الصعبة إلي مصر . – تأجيل بعض المشروعات العقارية التي ليست لها أولوية في المسيرة الاقتصادية حاليا، لحين انتهاء ازمة الفجوة الدولارية المصرية . - توجيه الجزء الأكبر من مبادرة حياة كريمة نحو هدف توسيع قاعدة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، لإنعاش الاقتصاد المصري في المدن ولتنشيط وعودة الريف المصري المنتج، بما له من اهمية في تلبية الطلب المحلي والحد من الاستيراد والعمل علي تخفيض الاسعار لمختلف السلع. - أن تبذل الدبلوماسية المصرية جهدا أكبر في حل أزمة ليبيا والعمل علي استقرارها، وكذلك استقرار العراق وتنميته وإعماره وبذلك سوف تتجه الملايين من العمال والموظفين لإعمار الدولتين الشقيقتين، بما يعود علي مصر النفع عبر تشغيل وتوظيف ملايين من المصريين، وجلب عملات صعبة مترتبة علي سفر العمالة، وحياه أفضل لأسرهم وعائلاتهم في مصر .

واختتم الدكتور ياسر حسين حديثه بالقول "إن الوضع صعب ولكن ليس خطيرا، فمصر تخطت ثورتي يناير ويونيو، كما تخطت أزمة عودة العمالة من العراق وليبيا، كما تخطت أزمة كورونا ، وصمدت أمام أزمة روسيا مع أوكرانيا"، ويضيف: مصر التي تخطت كل تلك الأزمات والمصاعب قادرة علي تخطي أزمة الفجوة الدولارية الحالية والانطلاق نحو غد أفضل لمصر إن شاء الله .

عبء الحصول على الضروريات

يقول الدكتور عبد الرحمن شعبان الخبير الاقتصادي: لا شك أن ارتفاع الأسعار بشكل كبير اصبح الشغل الشاغل لكل مواطن مصرى فى الفترة الحالية ، وخاصة بعد ارتفاع التضخم بصورة كبيرة تجاوزت ال ٢٠% وأصبح الحصول على  السلع الضرورية عبئا كبيرا على الأسر ، نتيجة تداعيات الأزمات العالمية و جشع بعض التجار في استغلال الأزمات ورفع الأسعار بطريقة مبالغ فيها طمعا فى تحقيق مكاسب كبيرة.

وتشير التوقعات فى 2023 مع مزيد من الرقابة على الأسواق وسحب السيولة النقدية من السوق، إلى حدوث انخفاض للطلب على السلع، وأهم الحلول التى يمكن طرحها تتمثل في زيادة الانتاج وتوطين الصناعة والعمل على تقليل الفاتورة الاستيرادية وهذا سوف يترتب عليه انخفاض فى سعر الدولار وتحسن كبير فى الأسعار.

أما إيهاب شلبي محلل أسواق المال فيشير إلى معاناة المصريين من تداعيات تعويم الجنيه وتراجع قيمته أمام الدولار والعملات الدولية، وشح الدولار في السوق المصرية، وارتفاع فاتورة الواردات الأساسية. وانعكست كلها سلبيا على القدرة الشرائية للمصريين. وخسرت فئات عريضة من الشعب المصري أكثر من ثلث قوتها الشرائية خلال أقل من سنة. ولولا محاولات الدعم الحكومي المتواصل للسلع الأساسية وتحسين مستوى الأجور لكان الوضع الاجتماعي أكثر سوءا، فالتضخم قد يبدأ في الهبوط خلال النصف التاني من 2023 ، كما أنه مدفوع بزيادة التكلفة وليس زيادة الطلب. أما قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة فهو غير فعال في الوضع الحالي لأن ارتفاع الأسعار ليس بسبب زيادة معدلات الشراء ولكن لارتفاع تكلفه الإنتاج وأزمة سلاسل التوريد

وأهم الحلول في الوقت الحالي – من وجهة نظر إيهاب شلبي - تخفيض تكاليف الإنتاج، وعمل توازن بين الاستهلاك والإنتاج، من خلال ترشيد الاستهلاك وزيادة الإنتاجية، عبر إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، حيث أن أكبر مكون للتضخم فى مصر خاص بالسلع الغذائية والتى نستورد معظمها، فإعادة إنتاج هذه السلع وتصنيعها "محليا" يساعد على خفض التضخم.

ومن الحلول السريعة تحسين سلاسل التوريد بحيث تكون قادرة علي تلبية متطلبات السوق وتفعيل دور الرقابة القانونية والمتمثلة فى جهاز حماية المستهلك

ويؤكد أن ارتفاع أسعار العديد من السلع سببه احتكار السلع، خاصة السلع الاستهلاكية، والتى يعتمد عليها المواطن بشكل أساسى فى حياته اليومية، واقتصار إنتاج وبيع هذه السلع على مجموعة محددة من التجار تستهدف تحقيق الربح فقط، مما يؤدى لارتفاعها وهو ما يتسبب فى ارتفاع التضخم كنتيجة طبيعية لذلك.

ويقول الخبير الاقتصادي أيمن الزيات أن هناك أزمة اقتصادية طاحنة مابين ارتفاع معدلات التضخم وتراجع أسعار العملة وارتفاع أسعار الفائدة، وكلها عوامل سلبية .. وأضاف: نحن مقبلون على أوقات عصيبة ،خاصه مع تحرير سعر الصرف مقابل الدولار الذي يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع والخدمات ، وبقاء الأجور دون زيادة تتناسب مع ارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار، ويضيف: لابد أن تتجه الحكومة إلى العمل على زياده التدفقات النقدية الدولارية والاستثمار المباشر وترشيد استهلاكها ورفع معدلات الإنتاج ، والعمل على تقليل الاستيراد.

ويوضح الدكتور حازم عواد الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى أن التضخم فى مصر يرجع الى العوامل الحقيقية التي تتعلق بجانب العرض وتزايد التكاليف، ومعظم هذه العوامل وافدة من الخارج، بفعل تزايد فاتورة استيراد الواردات المصرية من الخارج من سلع غذائية ومستلزمات إنتاج وسلع رأسمالية، وبفعل التراجع في قيمة الجنيه المصري، وبالتالي لا يمكن أن يؤثر رفع سعر الفائدة على هذه العوامل. 

كما أوضح أن رفع أسعار الفائدة يزيد الحافز نحو التوجه للجنيه المصري, لأن الكثير من المستحوذين على الدولار، سيتنازلون عن مخزونهم من الدولار، للحصول على الشهادات بالجنيه، مما يؤدى الى استقرارسعر صرفه أمام الدولار. كما أن قرار رفع سعر الفائدة يؤدى الى زيادة تحويلات المصريين بالخارج, والحد من ظاهرة هروب الأموال قصيرة الأجل والتدفق العكسي للأموال الساخنة بفعل رفع أسعار الفائدة في الدول الأخرى. ومن المتوقع أن ينعكس رفع أسعار الفائدة على مودعي الأموال في البنوك بشكل إيجابي، حيث من المفترض أن تتجه البنوك إلى زيادة الفائدة التي يحصل عليها هؤلاء المودعين، بشرط أن تستقر قيمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار

ويوضح حازم عواد أن قرار رفع أسعار الفائدة يضيف أعباء جديدة على الموازنة العامة للدولة، حيث ترتفع فوائد القروض وخدمة الدين , كما يؤثر سلبا على البورصة، فمن المتوقع انخفاض قيمة الأصول المالية ومن ثم انخفاض قيم مؤشرات البورصة, ويترتب أيضاً على قرار رفع أسعار الفائدة على الاقراض زيادة تكلفة التمويل التي تتحملها المشروعات الاستثمارية، الأمر الذي يقلل من فرص تنفيذ المشروعات الاستثمارية لزيادة التكاليف وانخفاض معدلات العائد المتوقعة على الاستثمار, الأمر الذي يقلل من معدلات النمو الاقتصادي ويؤثر ايضاً بالسلب على مستوى الدخول وارتفاع معدل البطالة.
----------------
تحقيق: آمال عبدالله






اعلان