27 - 04 - 2024

الغرب وتراثنا الثقافي المنهوب

الغرب وتراثنا الثقافي المنهوب

من واجبي كباحث ومسؤول في مجال التراث الثقافي العالمي أن أقدم بعض النتائج التي خرجت بها من عملي ومشاركتي في هذا المجال المهم والتي اعتبرها شهادة علي العصر ومقترحا علميا لاستشراف آفاق المستقبل فيما يتعلق بتراث أمتنا العريق.

فقد حان الوقت في أن يفكر  الباحثون في مجال الآثار والتراث وأن يقفوا وقفة جادة مع المناهج والمؤسسات الغربية في هذا المجال. فمع اعترافنا بقوة هذه المؤسسات وكثرة إنتاجها وجهودها ، إلا أن المنطق العلمي يقتضي تقييما لمدي استفادة الدول صاحبة النصيب الأكبر من التراث القديم من جهود وأعمال هذه المؤسسات.  فالتقييم العلمي هو أن العائد الأكبر من جهود هذه المؤسسات عائد علي دولها وجامعاتها وباحثيها ومكتباتها ومتاحفها ومؤسساتها السياحية والثقافية مع بعض المشروعات والأعمال التي تتم في الدول صاحبة التراث. 

الحقيقة تقول أن الاتجار في الآثار مازال قائما وبفعل وتعاون علماء غربيين (راجع علي موقع ياهو القبض علي فرنسيين بتهمة الاتجار في الآثار- يونيو ٢٠٢٠)  والعجيب أن كبري المتاحف الغربية والأمريكية تشترك في اقتناء الآثار المنهوبة والمسروقة والمزور أوراق ملكيتها مثل متحف "المتروبوليتان" وغيره من المتاحف علي الرغم من توقيعها اتفاقا يمنع شراء وتداول المقتنيات الأثرية والفنية مجهولة المصدر .. وهو ما يشكل ضربة كبيرة للمصداقية العلمية فيما يتعلق بدور هذه المؤسسات في حماية التراث. 

 لقد سقطت مصداقية الغرب عموما في كثير من الموضوعات المتعلقة بالآثار والتراث. ولو تمت مناقشة عودة القطع الأثرية الي موطنها الأصلي تطبيقا لما يصدعون رؤوسنا به من دراسات حول object and context  and the importance of the  display of objects in  its place of origin 

لخلت المتاحف الغربية وأولها المتحف البريطاني وكثير من المتاحف الغربية والأمريكية  من الآثار الفريدة التي أخذتها أثناء الاحتلال للعديد من دول العالم. والعجيب أن دراسات علم المتاحف تتحدث عن the relationship between museums and colonization .

و أذكر أني قد حاورت السفير البريطاني في مصر  منذ فترة حول عملية استرجاع الآثار, وكان الحديث يدور حول "حجر رشيد" وأحقية عودته الي مصر... وفي تبريره لاحتفاظ "المتحف البريطاني" به... ذكَر أن أهمية الآثار تكمن في المعلومات التي تتضمنها مثل "حجر رشيد", وبالتالي فإن عمل نسخة منه ووضعها في مصر كاف. فكان ردي بكلمة واحدة فقط o.k make a copy and keep it in the British museum و لم يستطع ردا .

إن إعادة دراسة وتقييم مناهج وأسس التعامل مع التراث بات أمرا ضروريا و أساسيا من أجل مستقبل أفضل للتراث الثقافي والأثري في عالمنا العربي ، وبهدف العمل علي تطوير مناهج وآليات تكفل التخلص من معايير ومفاهيم هذا العلم المعتمدة علي المدارس الأجنبية كليا مع إرساء منهجية تعاون علمي يحقق فرص استفادة متماثلة علي الاقل في المشروعات المشتركة

ولاشك أن هذا الأمر يحتاج من المتخصصين في هذا المجال التزود بمعارف ومناهج تمكنهم من بحث وإنجاز رؤية تحقق هذا الهدف وهو ما لا أراه موجودا علي المستوي الأكاديمي او الرسمي في الوقت الراهن. 
-------------------------
د. محمود الشّنديدي *
* استشاري إدارة التراث العالمي والثقافي - مدير مكتب وادي النيل في مؤسسة تراثنا - 
المدير  العام السابق لهيئة صندوق إنقاذ آثار النوبة .

مقالات اخرى للكاتب

الغرب وتراثنا الثقافي المنهوب





اعلان