19 - 04 - 2024

"كله ضرب ضرب.. مفيش رحمة"!

نطق الكوميدي المبدع الراحل علاء ولي الدين في فيلمه "الناظر" بكلمات تلخص كثيرا من حلول أزمات الحياة وبخاصة الأزمات الأسرية، فقال قوله المأثور:" كابتن هو كله ضرب ضرب مفيش شتيمة ولا ايه "، ليطرح بتساؤله الأعمق مسارات تفكير في حلول صحية تتفق مع صحيح الدين والعلم ، فالعنف لم ولن يقدم حلولا لأحد ولن يطور بيتا أو ينقذه بحسب مزاعم البعض.

للأسف رغم التطورات المتلاحقة في الوعي الأسري المتاح بعضها بالمجان علي الأرض وفي الفضاء الالكتروني ، لازالت بعض البيوت تستخدم الضرب وسيلة والعنف بأنواعه سبيلا للتعامل تحت مظلة الأسرة، وهو ما أرصده بنفسي ويصلني عن طريق شكاوى من هنا وهناك، وذلك ظلم ما بعده ظلم، يجب وقفه فورا دون قيد أو شرط والاتجاه إلى التصحيح الأسري.

في القديم قالوا واخطأوا :" اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24"، رغم أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال بوضوح صارخ :" رفقا بالقوارير" وهو مضمون كل الديانات السماوية والقوانين ومبادئ حقوق الإنسان، ولكن لازال هناك "ذكور" تمارس نرجسيتها وأمراضها النفسية على حواء ، من بينهم زوج "عروس الاسماعيلية" الشهيرة الذي قضت المحكمة قبل أيام بحبسه لمدة سنة مع الشغل والنفاذ ودفع غرامة قدرها 2000 جنيه وذلك للتعدي على زوجته، والتي ضربها في وقعة شهيرة أخرى جرت في فبراير الماضي خلال حفل زفافهما!!.

إن العنف طال الجميع داخل الأسر بنسب متنوعة، سواء الزوجة، أو الأولاد والبنات، وحتى الزوج، طبقا لسجلات الحوادث والمتابعات الإخبارية والحقوقية في مصر والوطن العربي، في الفترات الانتقالية الأخيرة، ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية، وهو مايستوجب الرفض والتحدي والتوعية حتى نهزم تلك الأزمة المتصاعدة من كل حد وصوب.

هناك مسارات للتربية الايجابية، متاحة لإحداث تنمية أسرية مستدامة ، وهي تحمل طرقا ذكية نبيلة للمحاسبة، عبر استخدام العواقب بدلا من العقاب، وتنمية مهارات الحوار مع الأطفال والمراهقين والشباب.

وهناك مسارات للتوعية الأسرية للمقبلين على الارتباط بأزواج نشأوا في بيئات ترعرعت على العنف كرها وغصبا تحت شعارات لا يقبلها العقل ولا الشرع الحنيف، كما أن هناك مسارات للتعافي الأسري للأزواج المتورطين تحت أي سبب في مسار العنف، والذي ينذر في كثير من الأحيان بجرائم دموية أو طلاق غير حضاري في أقل تقديرات للخسائر.

إن المجتمعات العربية وفي القلب منها المجتمع المصري دفعوا وما زالوا الثمن غاليا من تنشئة أجيال عدة على ثقافة القهر والإرعاب والعنف داخل منظومة الأسرة، فنمت جرائم عدة ضد الإنسانية في شتى مجالات الحياة تحت مبررات مرضية أساسها التربية العنيفة في البيوت.

إني أنادي بصوت المرحوم علاء ولي الدين كل راع في بيته ولكن مع تعديل بسيط يحكمه الهدف :" كله ضرب ضرب مفيش رحمة؟"

دمتم رحماء
-----------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان