19 - 04 - 2024

الشعب والدولة والإعلام .. وشيء عن العفو الرئاسي

الشعب والدولة والإعلام .. وشيء عن العفو الرئاسي

(1)

قمة الابتزاز أن يقال لك لا تنتقد ما نفعل حتى لا تزيد من حنق الناس، فيفيض غضبهم، ويحدث ما لا تحمد عقباه. يا هؤلاء ألم يكن الأقصر والأسرع والأفضل أن تفعلوا انتم ما يجعل الناس راضين، فتسلم بلادنا من أي سوء. يا هؤلاء، النقد واجب أخلاقي ووطني، أما الابتزاز فمعروفة سماته وصفاته.

(2)

أسعار السلع ترتفع بلا توقف. لا رقابة على السوق. الناس بلا حماية والسلطة ليست مشغولة إلا بجمع أموال من كل شيء: ضرائب وجمارك  ورسوم وأسعار عالية للخدمات.

إذا كانت الدولة لن تقدم خدمات حقيقية ولن تسمح بمشاركة سياسية مقابل الضرائب، فعلى الأقل تضبط السوق. لكننا ماذا نفعل وهي قد صارت تاجرا؟

(3)

ساعة واحدة من رشد تنصت فيها السلطة إلى صوت الناس، ستدرك أن أبواقها وطبلاتها الفارغة لم يعد أحد يسمعها، وإن سمعها لا يصدقها، بل يلعنها، ويزداد بعدا عن أولئك الذين أطلقوا كل هذا الجهل والسطحية في سماء وادينا الطيب. أنفقتم المليارات، وخسرتم المعركة، وربح هؤلاء، وسيبيعونكم في أول فرصة.

(4)

حين يقتحم أذنيك كلام فارغ أو بذيء، انفضه سريعا، ثم ادهسه بقدميك، وامض في طريقك.

(5)

لو عمل بعض الإعلاميين (جوازا)، ممن يتقاضون الملايين عن ثرثرتهم الفارغة، وفق قاعدة (الأجر مقابل التأثير) لباعوا كل ما معهم، ولن يكفي، لتسديد ما عليهم من غُرم وجُرم حيال المعرفة والعلم والمنطق والأخلاق ومصلحة الوطن. لقد تحول هؤلاء إلى عبء ثقيل على من يضعون الكلام على ألسنتهم، وعلى صورة مصر التي لا يليق أي منهم بها أبدا.

(6)

‏من أفسد شيئا فعليه إصلاحه، فإن لم يقدر بنفسه، فعليه أن ينصت إلى صوت المصلحين، ويتبع سبيلهم، مطيعا بلا مواربة، مستقيما بلا خداع.

(7)

من أسوأ الوظائف التي تقوم بها «دولة» ما عبر التاريخ الإنساني كله، أن تجعل فقيرا أو معدما يقاتل بضراوة فقيرا أو معدما مثله في سبيل مصلحة من يمصون دماء الاثنين، ويسرقون أموالهما، أو يطمعون في ثروات بلدهما. إنه مشهد قبيح جدا هجاه بحق المفكرون والأدباء والفنانون في كل زمان ومكان.

(8)

هل تتحرك لجنة العفو الرئاسية في هوامش محددة؟ لماذا لا نرى من بين المعفو عنهم أسماء مثل د. عبد المنعم أبو الفتوح وأحمد دومة وزياد العليمي وعلاء عبد الفتاح؟ طيب أن يتم العفو عمن طالهم الإفراط في الاشتباه والاتهام خلال السنوات الأخيرة، وأطيب أن يُعفى عن سياسيين بارزين، فهذا هو المحك

(9)

يولد المصري عارفا معنى "الدولة" ليس لأنه ابن أقدم دولة في التاريخ فقط، إنما لأن سلطان الدولة يصل إليه دوما، فهي إن تخلت عن واجباتها حياله، لا تفرط في تسلطها عليه، على حاله وماله.

لهذا أتعجب كثيرا من القول بأن الناس في بلادي لا تعرف الدولة، بمن فيهم الذين كانوا رؤساء وملوكا وسلاطين.

(10)

الدولة لا تنفعل ويشيط غضبها فتطيش، إنما تفكر في أناة وروية وصبر، وتسأل وتجمع الإجابات ثم تقرر أو تتخذ الإجراءات.  انفعال الدولة شيء غاية في الخطر، يودي بها إلى اتخاذ قرارات خاطئة تورث البلاد والعباد مصائب تلو أخرى. ومنبع كل هذا بالطبع أن الدولة لا تُختزل في فرد أبدا إنها كل الكل.

(11)

يظل غضب الشعوب مكتوما، ويظن الغافلون أن هذا الصمت رضاء أو خوف أو عجز، ولا يدركون أن الإشارة طالما تغني عن العبارة، إلى أن تأتي شرارة لا يقدرها أحد، فيخرج المارد من القمقم وتفيض الشوارع بالغاضبين

كان الغضب عفويا أم مصنوعا، فلا يلام إلا من يضع الشعوب على حافة الانفجار.

حالة الإيرانية مهسا أميني، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، لأنه في كل زمان ومكان هناك سلطات مغرورة تتوهم أن الأمر قد دان لها تماما، وأنها مطلقة اليد، تعبث بالشعب كما شاءت.

(12)

‏بعد طول إطلاع وتجريب وتفكير صار مستقرا في يقيني أن حارس مصر الأصيل والأساسي هو شعبها العظيم، وغير ذلك شعارات جوفاء، وادعاءات باطلة، وأغاني عابرة.

(13)

النتائج السلبية التي يصنعها سوء الإدارة تكون في كثير من الأحيان أشد وطأة من تلك المترتبة على الفساد المالي.

(14)

‏هل تلتزم المدارس بقرار وزير التعليم توزيع مصروفات هذا العام على أربعة أقساط؟

أم ستضرب بالقرار عرض الحائط، وتفرض إرادتها على أولياء الأمور، كما حدث سابقا، لتستمر الهوة بين ما تقوله السلطة وما يجري في واقع الناس؟

هذا هو سؤال اللحظة، وترديد الاحتياج المباشر للأسرة المصرية الآن.

( 15)

اختلال جدول الأولويات أوصلنا إلى وضع اقتصادي وعر. كان واضحا هذا منذ البداية، ونبه كثيرون إليه، وكنت واحدا منهم. مصر كانت بحاجة إلى إصلاح قطاعي التعليم والصحة وإطلاق مشروعات صغيرة ومتوسطة، ووضع سياسي جاذب للاستثمار، وخطة حقيقية لتنشيط السياحة. مصر كانت بحاجة إلى "مشروع وطني جامع".

( 16 )

لم يجد التلاميذ مقاعد وجلسوا على الأرض، فعزلوا مدير المدرسة، بينما لم يحاسب أحد وزير تعليم أنفق نحو 18 مليار جنيه على "تابلت" لم ينفع. أموال ذهبت إلى شركة سامسونج كانت كفيلة ببناء فصول تستوعب الجميع. ولا يحاسب أيضا من لا يطبق الدستور في صرف النسبة المخصصة للتعليم من الميزانية العامة.

( 17)

الأهرام تشطب عبارة "حقوق الإنسان" من برقية رئيسة وزراء إيطاليا الجديدة إلى الرئيس السيسي؟! إلى هذه الدرجة هناك خوف من المصطلح أو نكران له؟ هل هذا أداء صحيفة كبرى أو كانت كذلك؟ أم هي تعليمات مضحكة كالعادة؟
----------------------------
بقلم: د. عمار علي حسن

مقالات اخرى للكاتب

مِزاج الشعب .. الكِيّف والسياسة في مصر





اعلان