عجز الجيش الأميركي في تحقيق هدفه المحدّد للتجنيد هذا العام، بنقص وصل لنحو 15 ألف جندي، هذا على الرغم من مجهودات كل أفرع الجيش خلال عام في إيجاد شبان راغبين وصالحين للتجنيد.
وتثير هذه المشكلة المتفاقمة، جدلاً بشأن وجوب إعادة هيكلة القوات المسلحة في الولايات المتحدة، أو تقليص حجمها إن لم تتمكّن أفرعها من تجنيد عدد كافٍ، كما يمكن أن تكثف ضغوطاً على الحرس الوطني ووحدات الاحتياط.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين إن سلاح مشاة البحرية "مارينز"، الذي يبدأ عادة كل سنة مالية محققاً نسبة 50% من هدفه في التجنيد، لم يتجاوز 30%، كما أن سلاحَي الجوّ والبحرية حققا نحو 10% فقط من أهدافهما، مع بدء السنة المالية الجديدة، علماً أن سلاح الجوّ يحقق عادة نحو 25%.
وقالت وزيرة الجيش كريستين ورموت: "في عام التجنيد الأكثر تحدياً بالنسبة للجيش منذ بداية حقبة تشكّل القوات المسلحة من متطوّعين، سنحقق فقط 75% من هدف التجنيد للسنة المالية 2022.
مؤكدة على أن "الجيش سيحافظ على جاهزيته ويلبّي كل متطلّبات أمننا القومي، إذا استمرت تحديات التجنيد، سنستفيد من الحرس (الوطني) والاحتياط لزيادة قوات الخدمة الفعلية، وقد نحتاج إلى تقليص هيكل قوتنا".
وأشار مسؤولون إلى أن الجيش ضمّ نحو 45 ألف جندي خلال السنة المالية التي انتهت، الجمعة، علماً أنه كان يستهدف 60 ألفاً. أما سلاح الجوّ، فاستطاع تأمين عدد كافٍ من المجندين من مجموعة تأخر ضمّها، لتحقيق هدفه المتمثل في جلب 26 ألفاً و151 مجنداً هذا العام.
وقال الجنرال إدوارد توماس، رئيس قسم التجنيد في سلاح الجوّ: "مستخدماً معجم سلاح الجوّ، أودّ أن أقول إننا ننفذ هبوطاً اضطرارياً مع اقترابنا من نهاية السنة المالية 2022، وعلينا الالتفاف في 1 أكتوبر والإقلاع. سنبدأ عام 2023 في وضع أكثر قسوة ممّا بدأنا العام الحالي".
واستخدم القادة العسكريون مكافآت متزايدة للتجنيد وبرامج أخرى، لمحاولة إغراء المجندين هذا العام، إذ أن التجنيد في الولايات المتحدة، غير إجباري، لكنهم يلفتون إلى أنهم يواجهون صعوبة متزايدة في التنافس مع القطاع الخاص في سوق عمل "محدود".
وفيما يتطلّع هؤلاء إلى المستقبل، فإنهم قلقون من أن استمرار الاتجاهات المتدنية للتجنيد قد تدفع وزارة الدفاع إلى إعادة تقييم متطلّبات القوات المسلحة، وإيجاد وسائل لجعل الانخراط في الجيش مهنة أكثر جاذبية، بالنسبة إلى العدد المتآكل من الشبان الأميركيين الذين يلبّون المعايير العقلية والبدنية للخدمة في القوات المسلحة، بحسب "أسوشيتد برس".
في مطلع 2022، كان القادة العسكريون يستعدون لموسم تجنيد سيء. فالجيش أعلن قبل أشهر أن عليه تعديل الحجم المتوقع لقواته الإجمالية هذا العام، من 476 ألفاً إلى نحو 466 ألفاً. وتمكن الجيش إلى حد ما من تعويض هذا النقص في التجنيد، من خلال قدرة الجيش على تجاوز هدفه في الاحتفاظ بعناصره، وبلغ 104% من العدد المستهدف من القوات في الخدمة.
ثمة أسباب عدة لمشكلات التجنيد، فقد أدت جائحة كورونا خلال عامين إلى عرقلة وصول المجندين إلى المدارس والمناسبات العامة والمعارض ومنظمات شبابية أخرى، تشكّل غالباً مدخلاً إلى التجنيد. كما أن الانتقال إلى التجنيد عبر الإنترنت، بعد وقف اللقاءات الشخصية، لم يكن ناجحاً إلا بشكل هامشي.
وتتفاقم هذه المشكلة نتيجة تقديرات بأن 23% فقط من الشبان يلبّون متطلّبات اللياقة العسكرية والتعليمية والأخلاقية، فيما استُبعِد كثيرون لأسباب تتراوح بين مشكلات طبية وسجلات جنائية ووشم، علماً أن الجيش سرّح حتى الآن أكثر من 1700 جندي، رفضوا تطعيمهم ضد كورونا.
وقال رئيس أركان الجيش الجنرال جيمس ماكونفيل: "نبقى ملتزمين بالحفاظ على معاييرنا، والاستثمار في شبان أميركا، والتأكيد على الجودة أكثر من الكمية".
وفي الوقت ذاته، خبت الروح الوطنية التي حفّزت اندفاعاً للتطوّع في القوات المسلحة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، إذ أن بعضهم قد لا يرى مزيداً من الحروب والإرهابيين لقتالهم، ويبحث عن مهنة في مكان آخر.
كذلك يرى آخرون حملات توظيف مربحة لدى القطاع الخاص، ويدركون أن رواتبهم ستكون أفضل من أجور العسكريين، كما سيكونون أقلّ عرضة للإصابة أو القتل في تلك الوظائف.
خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ بشأن تحديات التجنيد، حضّت السيناتور الديمقراطية كيرستن جيليبراند القوات المسلحة على "التفكير خارج الصندوق، وإيجاد مسارات وظيفية جديدة، وتقديم هياكل مبتكرة للأجور والحوافز، وإعادة تنظيم بعض القدرات من العسكريين إلى المدنيين".