20 - 04 - 2024

القاهرة تنوي استضافة أولمبياد 2036: لا يلدغ المؤمن مرتين .. بس ممكن في مصر!

القاهرة تنوي استضافة أولمبياد 2036: لا يلدغ المؤمن مرتين .. بس ممكن في مصر!

أثق تماما في جدية الرئيس عبد الفتاح السيسي ،ولكني لا أثق في جدية بيان رئاسة مجلس الوزراء الذي ألقاه على وسائل الإعلام أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة حول رغبة مصر في استضافة أولمبياد 2036 ..أي بعد 14 سنة من الآن.

وللتشاؤم أسباب :

- أولها أن السيد أشرف صبحي سيترك الوزارة قبل هذا الموعد ، لأنه من غير المعقول أن يمتد عمره الوزاري إلى 18 عاما (عين العام 2018) وتاريخ البيروقراطية المصرية لا يشير إلى وزير جلس مثل تلك المدة  الزمنية على مقعد الوزارة ..صحيح أن وزير الزراعة االراحل يوسف والي استمر وزيرا للزراعة 22 عاما (1982ـ 2004) إلا أن السيد جوزيف أمين والي موشيه ميزار مزراحي (أصل يهودي) كان إلى جانب منصبه الوزارى يشرف على قنوات الاتصال مع إسرائيل في السر والعلن وبعلم القيادة المصرية وقتها ومباركتها، لذلك هناك ما يبرر طول مدة بقائه على المقعد الوزاري ، ولولا فضيحة االمبيدات المسرطنة التي سمح بتداولها يوسف والي مزراحي، لاستمر في مقعده حتى نهاية حكم الرئيس حسني مبارك، لذلك من المستبعد أن يبقى أشرف صبحى لمدة 18 عاما متواصلة في الوزراة، فضلا عن أن عيد ميلاده  الثامن والستين سيحل في 2036.

وإذا أضفنا لصبحي الأعضاء الذين شاركوا في الاجتماع مع رئيس اللجنة الأولمبية الدولية السيد توماس باخ لتأكدنا أن أيا منهم لن يكون عضوا بـ"هيئة عمليات" الرياضة المصرية قبل 2036 بسنوات عديدة على الأقل .. حسن مصطفى يبلغ العام الثاني بعد التسعين في هذا الموعد .. هشام حطب رئيس اللجنة الأولمبية يبلغ عمره 81 في عام استضافة الألعاب الأولمبية.

إذن بالعمر الوظيفي أو البشري (أطال الله أعمارهم) لن يكون أحد من هؤلاء صالحا للإشراف على أو متابعة تجهيزات الدولة المصرية لاستضافة الأولمبياد.

وتأسيسا على قاعدة عدم تواصل الإدارات الحكومية المتعاقبة ونسف التراكم المعرفي في الخبرات والتنظيم والقوانين التي تتميز بها البيروقراطية المصرية ، فإن الرهان على استراتيجية عمل وخطة متواصلة للتجهيز والاستعداد لاستضافة الألعاب الأولمبية بعد 14 سنة من الآن هو من ضرب الأوهام .. لذلك فأن الشرط الأول للاستضافة غير متوافر.

- ثانيا أن الضامن للتواصل والاستمرار الجاد يتمثل في وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي على سدة الحكم ، وهو أمر غير مؤكد إستنادا للتعديلات الدستورية في 2019 التي مدت فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلا من أربعة ومنحت الرئيس الترشح لفترة ثالثة مدتها 6 سنوات أيضا ، أي أن الرئيس تنتهي فترة ولايته العام 1930. (إذا ما فاز بالولاية الثالثة والأخيرة). وعلى ما سبق فإن غياب السيسي عن سدة الرئاسة لا يضمن لمصر مواصلة مشروع استضافة الأولمبياد في العام 2036 ،إلا إذا اجتمع البرلمان المصري قبل 2030 وأجرى تعديلا دستوريا يتيح للرئيس الترشح لولاية رابعة أو لمدد مفتوحة..

- ثالثا ، وهو الأهم والأهم .. صفر المونديال الشهير في العام 2004..

تقدمت مصر بملف لاستضافة كأس العالم 2010 ودخلت في سباق مع اربع دول أفريقية هي جنوب افريقيا والمغرب وتونس وليبيا واسفر السباق عن فوز جنوب افريقيا بالتنظيم بينما لم يحصل ملف مصر على أي صوت من اصوات أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وعددهم 24 عضوا.

وحصلت جنوب أفريقيا على ثقة الاتحاد الدولى لكرة القدم في تنظيم مونديال 2010 بأغلبية 14 صوتا وخسرت المغرب بحصولها على 10 أصوات فقط ، وأكد الاتحاد الدولى في بيان له أن الطرق والخدمات والإدارة المصرية لا تصلح لتنظيم مثل هذا الحدث ، ومن المؤسف أن أحد الأسباب القوية لصدور هذا البيان (الفضيحة) عدم وجود مراحيض عمومية في مصر.

وإلى يومنا هذا لم تفكر أي حكومة مصرية في إنشاء مراحيض عمومية تتيح للمرضى وكبار السن، والسائحين القادمين لمصر ، والصغار وغيرهم ليفكوا بها عن أنفسهم وقت "الزنقة".

التشاؤم من موافقة اللجنة الأولمبية الدولية على استضافة مصر للألعاب الأولمبية مبعثه السياسة أولا ، والبنية التحيتية ثانيا ،والبيروقراطية العقيمة التي تبيع الأوهام للمصريين منذ عهود طويلة ، وقد سبق وأن نشرت تحقيقا صحفيا بجريدة الأهرام  بتاريخ 16 مايو 2004 صبيحة حصولنا على صفر المونديال بعنوان "سياسة الفهلوة السبب"

وقبل كل ذلك الفساد الذي كبدنا في ملف 2010 الذي تقدمنا به إلى الفيفا نحو 43.1 مليون جنيه مصري (6.95 مليون دولار) لا يعرف أحد على وجه الدقة أين طارت واختفت.. وللفساد في مصر عيون وآذان وأظافر لا يستطيع كائن من كان سدها وقصها  .. إلا إذا !!
-----------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

إيديولوجيا العنف .. لم تعد فاتنة !





اعلان