31 - 10 - 2024

عبدالناصر و 3 شعراء عارضوه وذاق بعضهم سجونه ثم مدحوه واعترفوا بفضله

عبدالناصر و 3 شعراء عارضوه وذاق بعضهم سجونه ثم مدحوه واعترفوا بفضله

عندما يكتشف الشعراء المعارضون بطبيعتهم جوهر زعيم فيتحولون إلى معجبين بل مؤمنين بالتجربة ، يكون هذا الزعيم قد ملك عرش القلوب والعقول ، فالنخب من أصحاب العقول الحرة هم الجزء الأصعب في شعبية أي حاكم.

هذه إضاءة بسيطة على حال ثلاثة من أهم المبدعين هم عبدالرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم ونزار قباني مع ناصر الذي تحل اليوم ذكرى وفاته الـ 52

 أعلن الأبنودي ذات مرة قائلا :"وحشتنا سجون عبدالناصر"!! وبعد أن كان الخال المعارض الأكبر أصبح المعجب بالسياسة الناصرية أكثر، فوصف نفسه بالسذاجة بسبب معارضته للزعيم، فكتب وأبدع في حب عبدالناصر.

أنا أذكُرك من غير ذكرى

والناس بتفتكرك بخشوع

الأمس واليوم ده وبكره

يبكوك بعظمة مش بدموع

يكفَى نقول: «عبدالناصر»

قضى عبدالرحمن الابنودى شهورا فى سجون ومعتقلات عبدالناصر بسبب انضمامه لتنظيم شيوعي، ولكن بعد أن رحل عبدالناصر، أدرك الخال قيمته، وبدأ يكتب عن حبه وكأنه كان ناصري في الأصل وغيره من أعُترض واعتُقل، ولكن ليس ذلك بغريب فيصف الأبنودي ذاك التحول في آرائه في إحدى قصائده .. "مش ناصري ولا كنت في يوم بالذات في زمنه وفي حينه .. لكن العفن وفساد القوم نساني حتى زنازينه" ، ويذكر أنه الحاكم الوحيد الذي كتب الأبنودي له، حتي قيل إن السادات طلب منه أن يكتب له قصيدة مدح ولكنه رفض، وبعد احداث يناير قالها الأبنودي بصوت عالٍ "دلوقتى عرفت عبدالناصر كان بيعمل ليه اللى بيعمله لو مكنش عمل كده مكنش حافظ على ثورته وكانت اتسرقت زي ما اتسرقت بعد وفاته". 

إزاى ينسّينا الحاضر 

طعم الأصالة اللى فى صوته؟

يعيش جمال عبدالناصر

يعيش جمال حتى ف موتُه ما هو مات وعاش عبدالناصر!!

إسمه جمال وجميل فعلاً

ياما شفنا شجعان خوّافه

عظيم.. وكان إنسان طبعاً

المجد مش شغل صحافة علشان ده عاش عبدالناصر

ولم يكن الخال وحده من أختلف و عارض ناصر وسياسته وبعدها أكتشف أنه المخطيء، فأنضم إليه أحمد فؤاد نجم والذي سجن لفترات في عهده وفي أحد لقاءات نجم حكي أحد المواقف الغريبة أنه حين توفي عبدالناصر كان معتقلاً فذهبت له والدته وهى تنهار من البكا، فسألها بتبكى ليه فردت أمه عبدالناصر مات ؟ فاستغرب نجم وقال لوالدته يا ست يا مجنونة بتبكى على اللى حابس ولدك ؟ لترد عليه أصلك أنت حمار ومش عارف حاجة دا عامود الخيمة اللى متسندين عليه. 

وعاش نجم ما عاشه الأبنودي كاملاً ليكتشفوا عظمة وقدر ناصر بعد وفاته وكأن الزمن يعطي كل عظيم حقه حتي وان كان قد تأخر ولكنه يأت لا محالة.

فلاح قليل الحيا اذا الكلاب سابت

ولا يطاطيش للعدا مهما السهام صابت

عمل حاجات معجزه و حاجات كتير خابت

وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت

 وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت

ولا يطولوه العدا مهما الأمور جاب.

وبعد مهاجمة الشاعر الكبير نزار قباني القوية لناصر وبعد قصيدته الشهيرة "هوامش علي دفتر النكسة" والذي كتبها بعد هزيمة 67، وبعد غضب ناصر منه ومنعه من دخول مصر نهائيا ومنع بث أغانيه، وبعد عودتة ورجوعه عن قراره بعد رسالة بعثها إليه الشاعر، يعود نزار من نفس باب الأبنودي ونجم ويكتب قصيدة من أجمل ما كتب في رثاء الزعيم ناصر بل ويبكي لعودته أو ولاده الزمن لملك مثله.

تأخرت يا أغلى الرجال، فليلنا

طويلٌ، وأضواء القناديل تسهرُ

تأخّرت.. فالساعات تأكل نفسها

وأيامنا في بعضها تتعثّرُ

أتسأل عن أعمارنا؟ أنت عمرنا

وأنت لنا المهدىّ.. أنت المحرّرُ

وأنت أبو الثورات، أنت وقودها

وأنت انبعاث الأرض، أنت التغيّرُ

تضيق قبور الميتين بمن بها

وفى كل يوم أنت في القبر تكبرُ