26 - 04 - 2024

د. محمد يوسف وكيل بنك الاستثمار القومى لـ"المشهد": شائعة قد تهدم اقتصادا

د. محمد يوسف وكيل بنك الاستثمار القومى لـ

- التضخم هو العدو الأساسي لأصحاب الدخول الثابتة 
- مناخ الاستثمارات يحتاج أليات لجذب المستثمرين وفتح أفاق جديدة
- الشمول المالى له تأثير إيجابى فى تنمية اقتصاد الدولة وتحصيل حقها
- الارتقاء بالإقتصاد الرقمى أهم مستهدفات رؤية "مصر 2030"
- مبادرة "حياة كريمة" أضخم مشروع قومى تنموي على مستوى العالم
- المشروعات القومية الجديدة من نتائج الاصلاح الاقتصادي الحقيقى 

أكد الدكتور محمد حسن يوسف وكيل بنك الاستثمار القومى للدعم الفنى، وعضو مجلس إدارة مصرف أبوظبى الإسلامى سابقاً أن مناخ الاستثمارات يحتاج مزيدا من التشريعات لجذب المستثمرين وفتح أفاق جديدة للتواصل وتحسين البيئة المحيطة بهم.

وقال إن من أهم ملامح الاصلاح الإقتصادى منظومة الطرق والنقل وأنه حدثت إصلاحات أخرى متنوعة على جميع المستويات ، تعتبر نقلة نوعية وطفرة كبيرة تؤهل الدولة لانطلاقة كبيرة فى جذب الاستثمار الأجنبى ، مؤكدا أن المشروعات القومية الجديدة هى من نتائج الإصلاح الإقتصادى الحقيقى.

وأوضح د. محمد حسن يوسف أن مبادرة "حياة كريمة" تعد أضخم مشروع قومى تنموي على مستوى العالم ، وأن بنك  الإستثمار القومى هو أحد الأذرع الإقتصادية للدولة التى تقوم بدور كبير فى تعبئة المدخرات المحلية وبناء ثروة قومية فى البنية التحتية للبلاد لخدمة المواطن، ولولا حزمة القرارات المصرفية التى اتخذها البنك بدعم قوى من القيادة السياسية، لم يكن الاقتصاد المصرى ليحقق معدل نمو إيجابى فى ظل انتشار كورونا، خاصة بعدما حقق معدل نمو سالب لدى معظم دول العالم خلال الجائحة.

 وإلى نص الحوار :

* يساهم بنك الاستثمار القومى فى البنية التحتية للبلاد.. فى البداية حدثنا عن دور البنك فيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية؟

- يمثل البنك ذراعا اقتصاديا للدولة، وهو أحد المؤسسات المالية والتنموية الكبيرة بما لديه من إمكانات وهو مايفرض عليه أن يكون فى قلب الأحداث ويقوم بهذا الدور الهام، حيث يقوم على تمويل ومتابعة تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، للمساهمة فى تحقيق معدلات النمو المطلوبة، وجذب الاستثمارات عبر توفير البنية الأساسية اللازمة لذلك، بالإضافة إلى توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وقد استطاعت هذه الاستثمارات تنفيذ ثروة قومية شملت إنشاء محطات توليد كهربائية ومحطات وشبكات المياه والصرف الصحى، فضلا عن شبكات الطرق والكبارى والسكك الحديدية والموانئ والزراعة والرى والخدمات والإسكان والمدن الجديدة والمشروعات التعدينية، وغيرها من مجالات النشاط الاقتصادى ، كما يساهم البنك فى العديد من الشركات المشتركة فى عدد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل الأسمدة والبترول والخدمات المالية والصناعات الغذائية ومواد البناء والسياحة، إلى جانب من المؤسسات العربية بمشاركة جميع الدول العربية.

* وماذا عن الرؤية المستقبلية لبنك الاستثمار القومى ؟

- الرؤية المستقبلية للبنك تتمثل فى استمراره فى إتاحة التمويل نيابة عن الخزانة العامة ومتابعة التنفيذ مكتبياً وميدانيا،ً والقيام بتنفيذ الخدمات المصرفية لكافة مصادر التمويل المختلفة والقروض والمصادر الأخرى المدرجة بخطة الدولة توحيداً لجهة الصرف لكافة مصادر تمويل الخطة، بالإضافة إلى دوره المحورى كمؤسسة تمويلية تنموية تقوم بتغطية كل احتياجات المشروعات القومية والاستيراتيجة، فضلا عن العمل على رفع كفاءة وتنمية مهارات العاملين بالبنك والتى تشمل تخصصات مختلفة اقتصادية وهندسية وتكنولوجية وقانونية.

* وماذا عن الاقتصاد الرقمى وتأثيره فى تنفيذ استراتيجية 2030؟

- من حسن الحظ أننا بدأنا التحول الرقمى قبل ظهور فيروس كورونا، حيث اتجهت الدولة بكل طاقتها للتحول من النظام اليدوي إلى تطبيق نظام الميكنة الشاملة في جميع المعاملات الرسمية، ومعنى هذا قيام الأفراد باستخراج معاملاتهم من خلال نظم مميكنة من أي مكان، وذلك بديلا عن الانتظار الممل لموظفي تقديم الخدمة لأداء العمل تحت ضغوط وأعباء لا يتحملها سواء مقدمو الخدمة أو متلقوها.

 وعلى سبيل المثال، فإذا أراد شخص معين شراء شقة، فلن يسمح النظام الجديد بتداول الأموال بين البائع والمشتري، بل سيتم تحويل الأموال فيما بينهما عن طريق أحد المصارف، وهو ما يثبت حق المشتري في السلعة، كما سيضمن ذلك حق الدولة في الحصول على الضرائب المفروضة نظير تلك المعاملة ، ومن أهم مستهدفات رؤية مصر 2030 الارتقاء بالاقتصاد الرقمى وذلك من خلال التفاعل والتكامل والتنسيق المستمر بين تكنولوجيا المعلومات والاتصال من جهة وبين الاقتصاد القومى والقطاعى والدولى من جهة أخرى، بما يحقق الشفافية لجميع المؤشرات الاقتصادية المساندة لجميع القرارات الاقتصادية والتجارية فى الدولة .

* فى ظل المتغيرات الاقتصادية الحالية ، برأيك ماهى العوامل التى تساعد فى تحسين مناخ الاستثمار؟

يعرف مناخ الاستثمار فى أى دولة بأنه مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية المكونة لبيئة الاستثمار، وهذه العوامل بعضها مادى ملموس مثل البنية التحتية والتمويل، وبعضها غير ملموس مثل النظم والسياسات والمؤسسات، وعند دراسة ملامح مناخ الاستثمار لأى دولة لابد من تحديد امكانات هذه الدولة من موارد طبيعية وبشرية وبنية تحتية، وتحديد وضعها الاقتصادى بين دول العالم ومدى تطور اقتصادها. 

* وما هو الشمول المالى ومدى علاقته بالنمو الاقتصادى؟

هو ألية تجذب المواطنين للتعامل ماليا عن طريق البنوك، ويتم من خلال تقليل حجم التعامل بالأوراق المالية المباشرة فى السوق، والشمول المالى يخدم الحكومة وخاصة فى الحفاظ على العملة لأن التعامل يتم من خلال قنوات رئيسية، وتوجد علاقة وثيقة بين الشمول المالى والنمو الاقتصادى وتضع الدولة حاليا الشمول المالى على رأس أولويتها لما له من دور إيجابى فى تحقيق النمو الاقتصادى، خاصة فيما يتعلق بتحويل الاقتصاد غير الرسمى إلى اقتصاد رسمى مما يؤدى إلى زيادة الناتج القومى الإجمالى، ومن ثم دعم معدلات نمو البلاد خاصة وأن معظم الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تعمل فى القطاع المالى غير الرسمى، كما يدعم الشمول المالى التوجه للاقتصاد غير النقدى الذى يتيح مزايا عديدة، أهمها خفض التكاليف والأعباء المالية، ولا تقتصر أهمية الشمول المالى على الجانب الاقتصادى فقط، بل له تأثير إيجابى فى تنمية الدولة من خلال الاهتمام بالفئات المهمشة ومحدودى الدخل.

* وماذا عن  الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم في 2022؟

- طبقا لتوقعات جديدة لصندوق النقد الدولي، من المقدر أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي حاجز المائة تريليون دولار، ليصل إلى ما يقرب من 104 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2022، وبالرغم من أن التوقعات التي تلت التعافي العالمي من جائحة كورونا كانت تصب في مصلحة تحقيق انتعاش ينتشل الاقتصاد العالمي من الآثار السلبية للجائحة، إلا أن كل من الصراع الأخير بين روسيا وأوكرانيا واختناقات سلاسل التوريد وتحليق معدلات التضخم عند آفاق مرتفعة للغاية  كل هذا أسهم في جذب هذه التوقعات للأسفل مرة أخرى.

* هل الشائعات لها تأثير حقيقى على مسار الاقتصاد؟

- تؤثر الشائعات تأثيراً بالغ السوء علي الاقتصاد القومي، فمثلا انتشار شائعة بانهيار أحد البنوك في الاقتصاد ، يؤدي لتهافت جميع مودعيه على سحب إيداعاتهم ، وهذا ما يؤدي بدوره لاضطرار البنك لتحويل أموال كثيرة من احتياطياته لمواجهة سحوبات المودعين المتزايدة، وقد تتأزم الأمور أكثر بخوف مودعي البنوك الأخري من انتقال الأزمة إلي بنوكهم فيبدأون بالسحب منها ويبدأ ما يسميه الاقتصاديون بأثر "الدومينوز" في الظهور أي انتقال الأزمة من قطاع إلى بقية القطاعات وبسرعة، وهكذا يجد الاقتصاد نفسه بين عشية وضحاها أسير أزمة حقيقية، ومن المعلوم ان الاقتصاد يقوم على الثقة ، فإذا اهتزت الثقة في الاقتصاد وبدأ الناس يستمعون للشائعات فتكون هذه بداية خطيرة لتحول مسار الاقتصاد واتجاهه نحو الهبوط، وبقدر ضخامة الشائعات بقدر الدمار الذي يطول الاقتصاد وبقدر ضخامة الشائعات تكون ضخامة عشوائية التصرفات الفردية التي قد تؤدي لخسائر فادحة تطال الجميع، لذا نرجوا من الجميع الآن الثقة في المؤسسات اللي تدير الاقتصاد وعدم الالتفات لأي شائعات .

* وما هى أليات محاربة جشع التجار ورفع الأسعار؟

- ما يفعله جشع التجار في السوق، هو تعطيل آلية عمل جهاز الثمن، فيظل الطلب على السلعة التي ارتفع سعرها ثابتا، مما يؤدي لخلل في الأسواق، يكون من نتيجته انتقال منحنى الطلب الكلي لأسفل بحثا عن نقطة توازن جديدة، مما يضيّع على المجتمع ككل فرصة استغلال موارده الاستغلال الأمثل والوصول للطاقات القصوى للناتج الكلي ، ولذلك فمن الضروري مواجهة الأجهزة الرقابية لجشع التجار، حتى لا يؤثر ذلك على رشادة الاقتصاد الكلي، أو هدر طاقاته الإنتاجية.

* بعد جائحة كورونا وما استتبعها من أزمات على نطاق الاقتصاد العالمي، مشكلة كبرى على مستوى سلاسل الإمداد والتوريد العالمية قد نشأت بالفعل.. فما الذي حدث بالضبط؟

- فرضت جائحة كورونا بعض القيود على انسياب عملية الإنتاج وتوزيعه وفقا للصورة السابقة فمن ناحية، واجهت عملية الإنتاج قيودا كثيرة تجاه العمالة وتجاه فتح المصانع، فأدت عملية الإغلاق الجزئي للمصانع ولأماكن الإنتاج وكذلك الغيابات الكثيفة للعمالة، بالإضافة الى بعض الاختناقات في ضخ الطاقة اللازمة للمصانع، أدى كل ذلك إلى تقليل الكميات المنتجة من معظم السلع.

ومن ثم فقد قلت الكميات المنتجة من السلع التي تتوجه من أماكن التجميع إلى أماكن الاستهلاك ، فإذا أضفنا إلى ذلك وجود قيود أيضا على أماكن التوريد بسبب جائحة كورونا، التي كانت تعاني أيضا من نقص العمالة، وغلق بعض الموانئ في وجه التجارة، لتقل بذلك كميات السلع التي تصل إلى أماكن الاستهلاك النهائي كثيرا عن ذي قبل.

* تراقب جميع الحكومات تحركات الموجات التضخمية للأسعار بحذر شديد ... فما هو الدافع لذلك؟

- التضخم يعتبر من أهم الأمور الاقتصادية التي ينشغل بها المجتمع بأكمله، كون آثاره تمتد إلى الناس في جميع مناحي حياتهم اليومية، فيتأثر الناس بالتضخم في عمليات الشراء والبيع التي تتم على مدار اليوم ، كما أن التضخم يعد العدو الأساسي لمكتسبي الدخول الثابتة، سواء تمثلت في أجور أو رواتب أو معاشات، ويحاول الاقتصاديون التفرقة بين التضخم الناشئ عن التكلفة، وهو التضخم الذي يحدث عند زيادة أسعار بعض عناصر التكاليف، وبين التضخم الناشئ عن الطلب، والذي يُعزز للزيادة الشديدة التي تحدث في الطلب الكلي وهناك كذلك التضخم المستورد، وهو الذي تعاني منه الدولة التي لا تحقق اكتفاء ذاتيا في إحدى السلع وتضطر لاستيرادها بأسعار مرتفعة من الخارج، ومن أهم أسباب التضخم الذي تعاني منه دول العالم الآن، هو الزيادة على الطلب التي تُواجه بنقص في العرض، نتيجة لتعطيل النقل وسلاسل الإمدادات ونقص العمالة والضغوطات على قطاع الطاقة.

* وماهى التوقعات المستقبلية لمعدلات التضخم؟

- ليس من المتوقع العودة إلى سيناريوهات السبعينات من القرن الماضي، حينما سادت معدلات التضخم التي تتكون من رقمين في ذلك الوقت إلا أنه من المتوقع وبشكل متزايد أن يقع عبء الموجات الحالية من التضخم على الفقراء، ليكونوا هم الأكثر تأثرا بها أما على الصعيد العالمي، فإن من المحتمل أن تقوم التداعيات الناجمة عن هذه الزيادات التضخمية بإخراج بعض البلدان النامية ذات الدخل المحدود من المسار الطويل المدى للتقارب الاقتصادي.

* هل يقف الاقتصاد العالمي على أعتاب أزمة اقتصادية جديدة؟

- أود التأكيد على طبيعة الاقتصاد الرأسمالي التي تتسبب من حين لآخر في حدوث بعض المشاكل العالمية ولعل أبرز المشاكل التي تسبب فيها النظام الرأسمالي كانت أزمة الكساد الكبير التي حدثت في الثلاثينات من القرن الماضي، ولعلنا جميعا نتذكر الأزمة الأخرى التي ضربت الاقتصاد العالمي فيما عُرف بالأزمة المالية العالمية، وجائحة كورونا ويمكننا القول بأن النظام الاقتصادى العالمى لا يمكن له الاستمرار بكيفية إدارته الحالية مع أزمة أخرى طاحنة تتمثل فى النزاع الروسى الأوكرانى. 

* ولكن ... ما الذي يحدث حالياً على صعيد الاقتصاد العالمي؟

- لقد ضربت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي منذ بدايتها في أواخر عام 2019 وأدت إلى كساده وتغيير مساره، ومع تحور الفيروس لسلالات أخرى، أصبح التحدي الملقى على القطاع الطبي العالمي هو سرعة التعامل مع هذه الجائحة وإيجاد حلول طبية مبتكرة له، وهذا الأمر يستدعي إنفاق المزيد من الاستثمارات، إذن ما حدث مؤخراً يختلف جذرياً عما كان يهدد الاقتصاد العالمي من قبل من أزمات مالية متكررة تحد من قدراته وتشل حركته.

* أخيراً .. ماهى التوقعات الاقتصادية بشأن أداء الجنيه المصرى مقابل الدولار؟

- مازالت التوقعات متضاربة بشأن أداء الجنيه المصرى مقابل الدولار، فالتوقعات تشير إلى أن الدولار سوف يواصل الارتفاع وهذا الاتجاه يدعمه الأزمة العالمية الراهنة والتى تتمثل فى الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا، فارتفاع الدولار مرتبط بالأزمات العالمية وهو مايتسبب فى تحرك العملة داخل أى دولة، ومن العوامل المؤثرة أيضاً فى سعر العملة الأجنبية فى مصر هوالتوقعات المستقبلية للمستثمرين بما يساهم بالتبعية فى زيادة أسعار السلع بالبلاد وإلى وجود دوافع اقتصادية تؤدى لزيادة سعر الدولار، ولكن مايزيد السعر هو التوقعات للجانب الاستهلاكى والاستثمارى .
----------------------------
حوار : حنان موسى
من المشهد الأسبوعية


 







اعلان