10 - 11 - 2024

تظاهرة لأربعة وعشرين فنانا من الخالدين في "ضيّ" .. معرض يؤكد الحضورالدائم للكبار

تظاهرة لأربعة وعشرين فنانا من الخالدين في

وهج الكبار مستمر كرواد معلمين رغم كل التغيرات التى طرأت على الحركة التشكيلية

لا يتوقف الدور الريادى لمؤسسة ضى للفنون على إقامة المعارض الفردية للفنانين، لكنها تجاوزت هذا الدور لتصبح منارة لكل المثقفين والعامة. حيث فتحت المجال أمام الشعراء والروائيين وجميع الكتاب لمناقشة أعمالهم ، بل وإقامة مسابقات وطرح جوائز لدعم الحركة الثقافية ، كذلك فتح المجال للشباب بإقامة معرض سنوى يتنافسون فيه لحصد جوائز تجاوزت قيمتها 300 ألف جنيه. هذا بخلاف المسابقات العامة لجموع الفنانين، وإقامة الورش الفنية، وغيرها من النشاطات الفنية الهامة.

  فى هذا الإطار اهتمت المؤسسة برد الجميل للفنانين الراحلين وإقامة معرض سنوي لهم تحت عنوان (فنانون خالدون) يقام كل عام بفنانين مختلفين.

هذا العام تطور تنظيم معرض "فنانون خالدون" الذى أفتتح أوائل هذا الشهر ، وتميز بشكل لافت ليصبح لكل فنان جناح خاص يعرض فيه مالا يقل عن خمسة عشر عملا وقد يزيد. الأمر الذى ظهر وكأن هناك أربعة وعشرين معرضا فرديا لأربعة وعشرين فنانا وليس معرضا جماعيا. فقد فتحت مؤسسة ضى كل قاعاتها فى المهندسين والزمالك لهذا الحدث الكبير.

شاركت أعمال المبدعين الراحلين فى المجالات المختلفة من تصوير ونحت وخزف وكاريكاتير لكبار فنانى مصر فكانت بمثابة تظاهرة فنية تؤكد حضورهم الدائم كرواد معلمين رغم كل التغيرات التى طرأت على الحركة التشكيلية. ويعد هذا المعرض تعظيما للدور الريادى الذى قاموا به على مدار حياتهم الفنية، وغيرهم الكثير.

  شارك هذا العام الفنانين الكبار (أحمد نبيل سليمان -  عمر النجدي - كامل غندر - كمال خليفة - رؤوف رأفت -  زكريا الزيني -  جمال قطب -  جميل شفيق – طوغان -  مصطفي احمد - مصطفي مشعل - مصطفي حسين - سلمي عبدالعزيز - سيد عبدالرسول -  محمود أبو المجد - عبدالعزيز درويش -  محمد الطراوي - فهد الحجيلان - عطيات سيد -  آدم حنين -  عايدة عبدالكريم - عبدالرحيم شاهين -  حسن راشد -  حسن محمد حسن - صبري عبدالغني) 

سير فنية للمشاركين

* ولد الفنان أحمد نبيل عام 1937 بمحافظة القليوبية ، ورحل عام 2022 ، وقد تتلمذ على يده العديد من الفنانين فقد كان أستاذا بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة. تميز أسلوبه بثراء المفردات والمساحات والحركة ، واستطاع ترجمته بالألوان والخطوط ليفتح لنا نوافذ لرؤية تشكيلية جمالية تعتمد على مكاشفة الضوء للملامح المصرية الأصيلة في الريف والمناطق الشعبية ، وأيضا في المدينة بكل مافيها من صخب وتمرد.  وفي كل الأحوال يحرص على تأكيد الملامح المصرية ، وثقافة المكان بلغة سهلة قريبة لحس المشاهد العادى، وقد تناول فى السنوات الأخيرة من حياته نبات الصبار لما يحمله من معانى والذى اعتبره تيمة أساسية تدور حوله الأحداث.

* لم يكن عمر النجدي (1931- 2019)  فنانا تقليديا ، لقد تنوعت موهبته الفنية التى سخرها فى خدمة الفنون المختلفة. كان متميزا بالتجديد والمغامرة فتجد التعبيرية متضافرة مع الواقعية والتجريدية ، وتجد ملامح من الفن الفرعونى متزاوجا مع الفن الإسلامى والمسيحى ، مترجما الحياة المصرية بكل ما فيها. فقد استفاد من خبرات الفنانين العالمين وصرح بذلك قائلا إنه تأثر بثلاثة فنانين هم بول سيزان من حيث التكوين ، وجوجان من حيث اللون ، وفان جوخ من حيث العاطفة الجياشة.

* اعتمد كامل غندر (1923- 2012) على نفسه فى التعلم الذاتى للفن بعيدا عن المعاهد المتخصصة، وقد كان يرسم المناظر الطبيعية فى مسقط رأسه "بور سعيد" وعندما انتقل الى القاهرة والعديد من الأماكن المصرية لم يخرج عن تناوله لمناظر الطبيعة والتغنى بجمالها بألوانه المائية وبساطته فى البناء والتكوين.

* ولد الفنان كمال خليفة بالغربية (1926- 1968) ويعد أحد الرواد الذين سبقوا عصرهم بأسلوبه المتميز يالبساطة المتجه للحداثة والوعى بالمستقبل والتحذير من المستقبل العنيف. وكان خليفة يعانى فى حياته من المرض والحالة الإقتصادية. إلا أنه كان عمدة المثقفين وسكنه الصغير فوق السطوح بباب اللوق قبلة المبدعين.

* المنوفى رؤوف رأفت (1948- 2005) تميز بأسلوب يقترب من الميتافيزيقيا وقراءته التشكيلية للروح الإنسانية العميقة بالرسم والتصوير والجرافيك مستلهما من الرموز والزخاف الشعبية والتراثية فى صياغة تشكيلية لها ملامحها الخاصة التى تحتوى على دلالات ومضامين تقترب من الروح الغريزية التى تفتح الآفاق للتفاعل معها وقراءتها بعمق.

* زكريا الزيني مواليد القاهرة (1932- 1993) فنان متمكن من أدواته درس كل الأعمال العالمية وإنحاز الى مصريته ، وإرتقى بأسلوبه ليحقق عالمه الخاص من خلال تشكيلاته كالأقنعة والزهور وانطباعاته عن البيئة والنفايات. كل هذا أبدعه بحسابات تشكيلية واعية بقوة البناء ورصانته، وبالعلاقات اللونية المحكومة بفلسفته الخاصة.

* جمال قطب (1930- 2016) أشهر فنان للرسوم الصحفية وأغلفة الكتب ولوحات كتب الأطفال. وله إسهامات عديدة فى الكتابة النقدية عن الفن والحرب وروائع الفن العالمى وغيرها. تميز أسلوبه بالحالة التعبيرية المرتبطة بالدقة والمهارة فى الرسم والتلوين وتأكيد الملامح المصرية. رسم أغلفة لأهم الكتاب المصريين مثل نجيب محفوظ، ويوسف إدريس ويحيى حقى، وإحسان عبدالقدوس

* جميل شفيق (1938- 2016). تتميزت أعماله " أبيض وأسود " بالرقة العالية فهو يعزف بالخطوط والنور والظلال ، ويقترب من اللوحات فتذوب أنفاسه بكل المساحات فتشعر بنبضها وحيويتها .. هو يحكى ويتعاطف .. يقبل ويرفض وينشر الحب والمودة فتتخلق علاقات نفسرها نحن بقراءات فنية وفلسفية ، والحقيقة أنه يوزع الحب على مساحة الأبيض من خلال معرفته العميقة برمزية التناقض التى يتم إسقاطها على الخير والشر .. الموت والحياة .. الحزن والفرح . فالابيض والاسود لديه يرتبطان بالتاريخ والعلاقات القديمة . إلا أن الأسود يعبر فى اللوحات عن القوة والوجود ، ويبرئه الفنان من تبعيته للحزن وماشابه ، بل يخلصه من عنصرية الألوان تجاهه ، إنه لون غنى بالمعانى ، ومؤكد للرؤى ، ومحاور قوي للضوء.

 * أحمد طوغان (1926-2014) من أهم فنانى الكاريكاتير الذين إهتموا بقضايا المواطن المصرى وما يتعرض له من قهر، وعلى المستوى الوطنى كان قوميا منحازا للوحدة الوطنية والتحرر من الإستعمار والموقف المقاتل تجاه القضية الفلسطينية ، الأمر الذى جعل إسرائيل تضعه على قائمتها السوداء ، وعلى المستوى العالمى كان معاديا للإستعمار ومنحازا للشعوب التى لم تحصل على حريتها. الأمر الذى جعله صديقا  للمناضل العالمي تشي جيفارا.

 * مصطفى أحمد (1930- 1999) عاش بهدوء ورحل كذلك رغم إسهاماته الفنية المتميزة ودوره الكبير فى تطوير مناهج التربية الفنية بالمعاهد الأزهرية، وإنشاء شعبة التربية الفنية بكلية التربية جامعة الأزهر. تميزت أعماله بالتنوع الثرى لمصادر الضوء المختلفة.

* مصطفي مشعل مواليد الغربية (1944- 2010) الذى قدر المرأة فى لوحاته فهى رمز للحرية والإنطلاق والغموض أيضا ، خاصة فى لوحاته المركبة التى كان يقوم ببنائها معتمدا على الخيال والأساطير، وكان ينفذ لوحاته بصبر ليؤكد على النور والظلام والبعد الدرامى وأهمية وقيمة اللون فى التشكيل. 

* فلاح كفر الهنادوة مصطفى حسين (1935- 2014) لم يحظ فنان مصرى بشهرته .. تفاعل المجتمع بكل طوائفه مع نكاته وتهكماته .. لم أر جريدة يبدأ قراؤها بتصفحها من الخلف الا جريدة أخبار اليوم ليتعرفوا من خلال رسوماته على وضع البلاد سياسيا أو إجتماعيا من وجهة نظره  .. ولم يجد غضاضة فى ترجمة افكار تطرح عليه من شخص آخر يشترك معه فى صياغة الفكرة ، هذا يكتب بأسلوبه الساخر ، وهذا يترجم السخرية المكتوبة من أحمد رجب بسخرية خطية ولونية مرسومه.

* سلمي عبدالعزيز (1952- 2017) كانت تعزف بفرشاتها ألحانا هادئة للبيوت والطبيعة فى جو روحانى صوفى متناغم فى الإيقاع والتشكيل.

* سيد عبدالرسول (1917- 1995) تشعر أنه خرج من حلقة ذكر ودخل محراب الرسم ليكمل الحالة على جسد لوحاته .. درجات من التوحد والشفافية عاشها مع مفرداته .. كل بحساب تلقائى "الشكل والخط واللون". يمد الجسور بين أجداده الفراعنة ليكمل التاريخ برؤى معاصرة ، فيصور حياة الشعبيين والقرويين أبناء الحضارة بنفس الروح الفرعونية الروائية ، ويستلهم من زخارفهم وبناء جدارياتهم.

* محمود أبو المجد (1930- 2004) كان فنانا يحتفى بالملحميات والقصص ، وأيضا الرؤى الميتافيزيقية  الأسطورية. أيضا له بعض الإسهامات فى مجال النحت. 

* عبدالعزيز درويش (1918- 1981) كان فنانا محترفا فى المعالجات والتشكيل وقوة البناء واللمسات التأثيرية رغم أكاديميته التشكيلية. وانعكست مهارته فى اللوحات التاريخية التى نفذها على جدارياته مثل جدارية محطة بور سعيد، ومجمع المحاكم بالقاهرة، والمتحف البحرى بالأسكندرية.

* محمد الطراوي (1956- 2022) كان له مشروعه الخاص فى تأكيد الحالة الحسية التأثيرية بالتوازى مع تصويره للشخصيات التى أضاءت أغلفة مجلة روز اليوسف. فقد تناول نفس الشخصيات بأسلوب مجرد بألوان مائية وبالألوان الأكريليك التى أبدع من خلالها العديد من الأعمال التى تناولت القضايا الإنسانية وخاصة قضايا المرأة بشكل رمزي وبرؤية جمالية وفلسفية متميزة.

* فهد الحجيلان (1957- 2018) فنان سعودى عاشق لمصر والمصريين ، وأحد مؤسسي جماعة الرياض للفنون التشكيلية. كان له أسلوبه التجريدى التعبيرى الخاص الذى يختزل التفاصيل بحس موسيقى مرتبط بروحه المتفاعلة مع الخط واللون لتحقيق المعنى موكدا على الحالة الدرامية المرمزة التى يخاطب بها المشاهد بحس بصرى فلسفى عميق يدرك بوعى علاقة الشكل بالتكوين ويحافظ على التوازن بينهما. وله تجارب شعرية تناولها بنفس الروح المحبة للحياة.

* عطيات سيد (1935- 2021) عملت بالصحافة رسامة فى جريدة الجمهورية والمساء منذ تخرجها حتى عام 1995، وتميزت بحس تعبيرى عالى فى الرسم الصحفى، وفى تناولها للمرأة والإبداع للطفل، وأيضا الحياة الشعبية والريفية.

* آدم حنين (1929-2020) النحات الذى تأثر بفن النحت المصرى القديم وأخذ منه تأكيد الصفات الأساسية للشكل ومضى يؤكد ذاته بموسيقاه الخاصة فى التناول الذى يلامس وجدان المشاهد بتلك الطاقة الكامنة فى الكتل التى يختزل فيها ويحرص على تأكيد الجوهر فى التفاصيل التى يبقى عليه ليعلى من الإحساس بالتوازن والحيوية والتناغم، وتأكيد الحركة.

* عايدة عبدالكريم (1926- 2015) شغلت منصب رئيسة قسم النحت والخزف بكلية الترية الفنية. وتعتبر رائدة فن النحت على الزجاج، وتميزت منحوتاتها بالليونة والبساطة . ولها إبداعات خاصة فى تصميمات الحلى والخزف.

* عبدالرحيم شاهين (1953- 2022) إستلهم أعماله من الواقع والأسطورة، وإستعان بالرموز التى شكلت ثقافات الناس، مثل تناوله للسمكة رمز الخير والرزق ، ليطرح لنا رؤيته التعبيرية المبنية على عالم ميتافيزيقى يشكل معظم أعمال الفنان عبدالرحيم شاهين الذى ربط عالمه بحالته الغريزية ، ومكتسباته المعرفية التى تمثل التاريخ بكل ما يحمله من حكايات حقيقية وخيالية ، وإهتم فى معظم لوحاته بتناول الألوان الدافئة الكثيفة لتأكيد الكتلة المتمثلة فى المفردات الأساسية التى تهديك الى التكوين الكامل للعمل الفنى بكل تفاصيله.

* حسن راشد (1937- 2008) تأثر بالفن الشعبى واستلهم من رمزه وزخارفه ، كذلك تأثر بالفن الإسلامي والقبطي ، وبد هذا واضحا فى معظم أعماله التى حرص على بساطتها.

* حسن محمد حسن (1906- 1990) صاحب اللوحات الصرحية التى تناولت القضايا التاريخية والملحمية وأهمها قضية فلسطين، وبطولات الشعب البورسعيدى.

* صبرى عبدالغنى (1923- 2021) كان رقيقا فى تصرفاته فانعكست هذه الرقة على أسلوبه ، فجاءت الخطوط والألون رقيقة وناعمة ومتناغمة ، وتميزت بالدفء نتيجة استخدامه للدرجات اللونية الساخنة.
----------------------------
بقلم: د. سامى البلشى

من المشهد الأسبوعي