26 - 04 - 2024

ناجي الشهابي : "مستنقع الديون" مسؤولية الرئيس والحكومة .. ومجلس النواب "مفعول به"

ناجي الشهابي :

رئيس حزب الجيل ومنسق الائتلاف الوطني للأحزاب في حوار خاص للمشهد:
- الحوار الوطني "قبلة الحياة" للأحزاب والسياسة في مصر
- لولا غياب الإعلام الحر والرأي الآخر لجنبنا البلاد خطأ الديون "الكارثي"
- الحيوية السياسية تتطلب انتخابات حرة وطلاق بائن بين السلطة والمال وتحريرالإعلام من سيطرة الدولة وأحزاب غير مسيطر عليها
- لسنا من الموالاة ، نحن أحزاب معارضة -وليست مناقضة - هدفها إنارة الطريق للدولة المصرية
- سد النهضة كان يجب هدمه والمهمة الأولى للسلطة والقوات المسلحة هي المحافظة على النيل وعلى جريانه وإلا وجبت إقالتها
- زيارة الرئيس للدوحة تصب في خانة تجفيف ينابيع إمدادات الإرهاب .. فقطر كانت أكبر ممول للارهاب ولجماعة الإخوان
- نتفق مع الحركة المدنية في مطالبها بخصوص التمثيل المتكافيء في الحوار الوطني والإفراج عن كل سجناء الرأي لأن حبسهم سبة في جبين مصر
- السيسي رئيس وطني أنقذ مصر وحقق حلم تنويع مصادر السلاح لكننا رفضنا التنازل عن تيران وصنافير والاستدانة من الخارج
- الائتلاف ليس له تمثيل في البرلمان لأنه برلمان بالتعيين و "مفعول به" لم يقدم استجوابا واحدا ومن عينوه استبعدونا
- مجلس أمناء الحوار ولجانه دورهما تنظيمي ولذلك لم نشغل أنفسنا بالتمثيل فيهما لأن ذلك يعد مراهقة فكرية وحزبية وسياسية
- لنا أكبر تمثيل في تنسيقية شباب الأحزاب وكانت أولى اجتماعاتها بمقر حزب الجيل وهي مدرسة جيدة لتدريب الشباب على القيادة
- الأولوية للتعليم وتطوير المستشفيات العامة والقضاء على الاحتكار أما الطرق والكباري والأنفاق مهمة لكنها ليست أولوية 

ناجي الشهابي ، سياسي مخضرم قضي أكثر من 40 عاما في العمل السياسي بدأها في حزب العمل وتدرج إلي أن أصبح أحد أعضاء المكتب التنفيذي للحزب , وبعد أن كان قياديا في حزب معارض بحدة للنظام ، ثم مؤسس لحزب الجيل الديمقراطي في بداية الألفية الثالثة، اختار بعد ثورة يناير أن يقف في مسافة وسطي من المشهد السياسي، لكن ماضيه أعاده ليكون صوت المعارضة في مجلس الشوري عام 2013 بعيدا عن أي تصنيفات حيث كان يغرد منفردا من خلال عضوية اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس

منذ وقت مبكر بعد الثورة أكد أن أزمة مصر لن تحل إلا بالحوار الحقيقي الذي يتسع للجميع, لذلك التقته المشهد وسألته عن مجريات الحوار الوطني والأماني المعلقة عليه ، والمسافة الوسطي التي يقف فيها حزب الجيل والائتلاف الوطني للأحزاب السياسية الذي يعمل منسقا عاما له ، بين أحزاب الموالاة وأحزاب الحركة المدنية وتناول الحوار كارثة الديون وسد النهضة والدعم والتضخم وكثير من القضايا .. وهذه إجاباته:

* تشغلون منصب المنسق العام للائتلاف الوطني للأحزاب السياسية، ما مدى ثقل هذا الائتلاف من الناحية الفعلية وكم عدد ممثليه في مجلسي النواب والشيوخ؟

- هذا الائتلاف هو ائتلاف من 8 أحزاب سياسية لها تواجد على الساحة السياسية وله رأيه في القضايا والمواقف السياسية المختلفة وبالتالي استطيع القول أنه مؤثر في الحياة الحزبية وهو الأعلى نسبة مشاهدة على جوجل ، وله رأيه في كل قضايا الوطن المختلفة سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية.

أما عن ممثليه في البرلمان، فهو ليس لديه نواب يمثلونه لأن المجلس تشكل في آخر مرة بالاختيار وليس بالانتخاب ، وبالتالي يقع عبء عدم تمثيل الائتلاف في البرلمان على من اختاروا البرلمان وليس علي أحزاب الائتلاف ، فقد طرحنا مرشحين من الأحزاب المختلفة ولكنهم أسقطوا ، لأنه كانت هناك رغبة ممن يكونون البرلمان أن يكون من أناس معينين وأحزاب معينة ليس منها أحزاب الائتلاف ، لكن الاستبعاد لم يؤثر فيه ، فقد كان أشد عزما في أن يعلن رأيه في كل القضايا التي تخص الوطن وأهمها تيران وصنافير و سد النهضة وغياب الحكومة عن معاناه الناس.

* أغلب بياناتكم متسقة مع التوجه العام للسلطة وتختلفون في قضايا قليلة مثل بيع شركات قطاع الأعمال ، هل تعتبرون أنفسكم ضمن أحزاب الموالاة ؟ ولماذا لم تنضموا إلى تحالف من أجل مصر الذي خاض الانتخابات الماضية؟

- نحن لسنا من أحزاب الموالاة ، ولا نختلف مع السلطة فقط في قضايا بيع القطاع العام ، نحن أكثر ائتلاف تحدث عن كارثة الديون والاقتراض الداخلي والخارجي للحكومة وتحدث عن غياب العدل الاجتماعي ، كذلك سد النهضة وتأثيره علي  الامن المائي المصري وبالتالي تأثيره على حياة المصريين ، كل هذه قضايا لم يعلن حزب أو ائتلاف أو تحالف رأيه فيها سوي الائتلاف الوطني للأحزاب السياسية وحزب الجيل ، فنحن ائتلاف حزبي وطني يعمل من أجل صالح الوطن وتنطلق رؤيته في اعلان مواقفه السياسية المختلفة من خلال تأثير هذه القضايا على الأمن القومي للبلاد ، لذلك رفضنافكرة إقامة سد النهضة من الأساس وطالبنا الحكومة والرئيس في مرات عديدة بالتدخل العسكري لهدم السد أو الوصول إلي اتفاق قانوني عادل كي يحقق الأمن المائي لمصر ، فالسد مقام على أكبر فالق إفريقي من الممكن أن تؤثر فيها الزلازل ، وبالتالي احتمالات انهياره بعد ملئه بـ 74 مليار متر مكعب تزيد عن 90 % وفي هذه الحالة سوف تغرق السودان وأجزاء من مصر ، وعقب كل اجتماع للجنة الفنية الثلاثية كنا نحذر من أن هدف إثيوبيا هو التسويف حتى يصبح السد أمرا واقعا ، كذلك حذرنا من التنازل عن تيران وصنافير ورفضناه تماما ، وقلنا إنها أرض مصرية وبقائها تحت سيادة مصر يجعل مضيق تيران منطقة مياة مصرية خالصة وليست مياها دولية.

بخصوص الديون تحدث الائتلاف ورفض فكرة الاستعانة بصندوق النقد الدولي ورفع شعار الاعتماد علي الذات ، فالتنمية الاقتصادية واجبة علي الدولة رئيسا وحكومة دون ركض وراء الإعانات والقروض الأجنبية ، ويحتار البعض في تصنيفنا ، لكننا دائما مع كل قضايا الأمن القومي المصري نحن أحزاب معارضة -وليست مناقضة - هدفها إنارة الطريق للدولة المصرية كي تتخذ القرارات الصحيحة والصائبة ، هناك شعرة بسيطة تصنع الفارق بيننا وبين أحزاب الحركة المدنية مثلا ، فعندما تتخذ الدولة قرارا جيدا نشجعها علي اتخاذ المزيد ، أحيانا الرئيس يتخذ قرارات صحيحة نتفق معه فيها ونعلن تأييدنا ، مثل زيارة الرئيس الأخيرة إلي قطر فقد كنا من أوائل المؤكدين أنه لا يصح أن تكون هناك خلافات مع أي دولة عربية ، لأنه مصر عمود الخيمة وقائدة الأمة ومن المفرض ان القائد يسعي الي تجميع العرب تحت رايته. أيدنا الرئيس في زيارته لقطر وقلنا إنها خطوة جيدة تحقق النجاح للقمة العربية المنعقدة في الجزائر خلال أكتوبر القادم.

* في المجمل.. ماهي مآخذكم لما اتخذته مصر من خطوات في قضية خطيرة تمس مستقبل المصريين هي قضية سد النهضة؟ ماذا كان ينبغي على السلطة أن تفعله وقصرت فيه لحماية أمن مصر المائي؟

- حزب الجيل من الأحزاب القليلة التي رفضت أداء الحكومة في سد النهضة ورفضت اتفاق الإطار ورفضت الآداء الحكومي في المفاوضات الفنية ويرى أن قبول الانخراط فيها وهو يعرف أن هدف إثيوبيا منها المماطلة والتسويف حتى يصبح السد أمرا واقعا ، ونختلف مع الحكومة في رفع شعار اتفاق قانوني عادل رغم أن إثيوبيا اتخذت 3 أجراءات أحادية دون التفات إلى مطالبات مصر والسودان والمجتمع الدولي ، هذه التصرفات تمثل إهانة شديدة لمصر ومساسا بأمنها القومي ، نرفض بشكل كامل كل الاجراءات الحكومية فيما يتعلق بسد النهضة ، ونرى أن المهمة الأولى للسلطة وللقوات المسلحة طبقا لدستور البلاد هي المحافظة على النيل وعلى جريانه من المنابع وحتى دمياط ورشيد. والمحافظة على استمرار حصة مصر التاريخية المقدرة ب 55 مليار متر مكعب. بدون ذلك تكون الحكومة قد خالفت دستور البلاد وتجب إقالتها فورا.


* ما سلبيات وإيجابيات زيارة الرئيس الأخيرة لقطر؟

- الزيارة إنهاء لقطيعة بين دولة عربية تمتلك إمكانات اقتصادية هائلة وبين مصر أم العرب وقائدتهم . هي تقطع خط الرجعة بين قطر وقوى الشر ، وتنهي تمادي قطر في العداء لمصر وتحييدها في هذه الأيام مهم جدا ، فهناك علاقات ومصالح اقتصادية متبادلة ، ورأب لصدع كان يمس الأمن القومي المصري والعربي ، وقطر تمتلك عوائد ضخمة يمكن استثمار بعضها في مصر بما يعود بالنفع على المصريين ، وتوفر حماية للجالية المصرية في قطر والمقدرة بـ 300 ألف مصري ، كما أن الزيارة أفضل تمهيد للقمة العربية التي تنعقد في الجزائر خلال أكتوبر المقبل.

* هل لها جوانب سلبية؟

- لا يمكن أن تكون هناك جوانب سلبية لاستعادة اللحمة العربية ، قطر كانت أكبر ممول للارهاب ولجماعة الإخوان في مصر وبمجرد إغلاق هذا الملف يصب في خانة تجفيف ينابيع إمدادات الإرهاب ، والسلبية الوحيدة أنها وضعت الإعلام السلطوي في مأزق لأانه كان ليل نهار يشتم قطر وأميرها.

* أعلنتم تأييدكم لكل خطوات الحوار الوطني بدون تحفظ ، هل ستكونون ممثلين في اجتماعات الحوار وهل لكم تمثيل في مجلس أمناء الحوار أو في اللجان التي أعلن مقرروها ومقرروها المساعدون؟

- لجان الحوار ، ومجلس الأمناء يديران ولكنهما ليسا الحوار الوطني

حزب الجيل سيشارك في لجان الحوار الـ19 بأوراق عمل  أعدتها قيادات حزبية ، في كل لجنة من لجان المحور السياسي سيكون لحزب الجيل رأي فيها هناك ورقة مقدمة ، بها اسم ممثل الحزب الذي سيشارك ويعرضها ، نفس الأمر في المحور الاقتصادي والمحور الاجتماعي ، بكل لجان الحوار الفرعية التي وصلت الي ١٩ لجنة.

ولا أقف عند تفصيلة أن يكون لي ممثل في مجلس الامناء أو في اللجان الفرعية ، فالتوقف عندها يعبر عن مراهقة فكرية أو سياسية أو حزبية لانه دور مجلس الأمناء إداري وليس سياسيا وليس من حق أحد منهم أن يدلي بدلوه. وذلك مقررو اللجان الفرعية فدورهم تنظيمي ، يعرف من جاء لتمثيل الاحزاب ويدير الجلسة ويسجل كلمات المتحدثين ، وبالتالي نترفع عن هذه الصغائر وتركناها للباحثين عنها ، ففي حقيقة الأمر لا تعطي أي ميزة لصاحبها ، إنما الميزة الحقيقية أن تشارك الأحزاب بإيجابية وتطرح وجهه نظرها في القضايا المختلفة.

* ما هو موقفكم  من أحزاب الحركة المدنية والتي كانت لها مطالب واضحة منها التمثيل المتكافيء داخل اجتماعات الحوار والإفراج عن السجناء قبل بدئه، ماهي نقاط الاختلاف والاتفاق بين الائتلاف والحركة المدنية؟

- نحن نتفق تماما مع الحركة المدنية في كل مطالبها بخصوص التمثيل المتكافيء بين الدولة ممثلة في الحكومة وبين الأحزاب المعارضة ، كما طالبنا في بياناتنا المختلفة بضرورة الإفراج عن كل مسجوني الرأي، ونرى أنها سبة في جبين مصر أن يكون هناك مسجون بتهمة التعبير عن وجهة نظره ، وطالبنا بحد أقصى للحبس الاحتياطي لا يزيد عن 6 أشهر، بحيث يفرج بعدها عنه بقوة القانون أو يقدم للمحاكمة أمام قاضيه الطبيعي.

نحن متفقون مع الحركة المدنية في النقطتين الرئيسيتين بخصوص وضعيتهم أمام إدارة الحوار الوطني والافراج عن السجناء ونرى أنهما جوهريتان وكانتا لازمتين لكي يكون الحوار حوارا على مستوى عال ومسؤول .

* وبالنسبة لنقاط الاختلاف؟

- لايوجد نقاط اختلاف ، غير أننا ننظر  للأمور بإيجابية، إن خطت الدولة خطوة نحونا نخطو خطوتين وإن مدت يدا نمد يدين ، نحن نعلم أن الموجود في السلطة دوره أصعب بكثير من الموجود في المعارضة ، فمن في السلطة يده في النار ويعاني معاناة شديدة في ايجاد حل لمشاكل الناس ، أما من يجلس في القاعات المكيفة أو حتى في اللقاءات الجماهيرية فيقول وجهة نظره في الهواء الطلق وليس من موقع مسؤولية ، لذلك عندما تتقدم السلطة بأي بادرة طيبة نحن نشجعها ونرحب بها ، هذا هو الفرق بيننا وبينهم. نرى أن السيسي رئيس وطني وأنه أنقذ مصر من الإخوان بانحيازه للمصريين في 3 يوليو 2013 واستطاع أن يعيد علاقات مصر بدول الجوار العربي والإفريقي وعلى المستوى الدولي وأن يرفع سيف تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي والتهديدات في مجلس الأمن وأن ينشيء علاقات طبيعية بين مصر ودول العالم. 

من ناحية أخرى أحيي الرئيس السيسي لأنه استطاع أن يحقق حلمي شخصيا في تنويع مصادر السلاح ، هذا ماكنت أطالب به في كل رد على مشروع الخطة والموازنة في حكومات ماقبل 25 يناير ، وكنت أرفض احتكار أمريكا توريد السلاح للجيش المصري ، جاء السيسي واتبع سياسة عبقرية حلت مشكلة توريد الأباتشي إلى مصر حين أوقفها أوباما ، وانتهز السيسي ذلك فرصة لتحقيق أكبر تنويع لمصادر سلاح الجيش المصري، حيث تمتلك مصر الآن أحدث غواصات في العالم وهي غواصات ألمانية ، وتملك أفضل طائرات في العالم (الرافال) وحاملتي طائرات ميسترال 1 و2 ، وتمتلك الآن أكبر قوة صاروخية ضاربة جعلت الجيش المصري التاسع عالميا وهذا ترتيب متقدم ، سبب وصولنا إليه تنويع مصادر السلاح التي كلفت الخزانة المصرية مليارات الدولارات ولكنها لازمة لكي تمتلك مصر الردع والدفاع عن حدود أمنها القومي.


* مامدى علاقتكم بتنسيقية شباب الأحزاب وهل ترشحون أعضاء لها من شباب أحزاب الائتلاف؟.

- لنا أكبر تمثيل في تنسيقية شباب الأحزاب ، هناك 11 عضوا مابين عضويات عادية ومجلس الأمناء ، وكانت أولى اجتماعات التنسيقية بمقر حزب الجيل . وبالتالي هي علاقة قوية ونراها نوعا من فتح مجالات العمل العام أمام الشباب الواعد الطامح لخدمة بلاده، وهي مدرسة جيدة لتدريب الشباب على القيادة .

* من وجهة نظرك . هل تتوقع أن يقود الحوار الوطني إلى نتائج حقيقية ويخلق مناخا مختلفا للعمل الوطني يختلف عما عشناه في السنوات الماضية؟

- الحوار الوطني بمثابة "قبلة الحياة" للأحزاب والسياسة في مصر ، نحن كنا في موات وسكون ، حياتنا الحزبية كانت مصابة وفي غرفة الإنعاش ولم تكن هناك بارقة أمل ، والحوار يمكن أن يؤدي لحياة حزبية صحيحة تبث الحيوية في المادة الخامسة من الدستور التي تقيم النظام السياسي على تعدد الأحزاب، فالحوار الوطني أعطى دورا للأحزاب المصرية وجعلها تتواجد في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي ، وجعل الرأي العام المصري يهتم وحرك المياة الراكدة في حياتنا الحزبية.  وأعتبر الحوار أفضل متغير في عهد الرئيس السيسي ولو حدث منذ 5 سنوات لكان حال مصر مختلفا كثيرا عن الآن. 

* ما هي أبرز القضايا التي طرح فيها الائتلاف رؤى مختلفة عن رؤى أحزاب الموالاة ، وما هي النتائج التي تتمنى أن يخرج بها الحوار؟

- كل ماطرحناه مختلف عن رؤى أحزاب الموالاة .. تيران وصنافير وإصرارنا على أنها مصرية ، اعتبارنا سد النهضة كارثة كبرى على الأمن المائي المصري وبالتالي على الأمن القومي ولا بد من منعه ، رفضنا للتعاون مع صندوق النقد والاستدانة الداخلية والخارجية ، رفضنا لسياسة "دعه يعمل دعه يمر " بالسوق المصري ونرى دورا للحكومة في الرقابة على الأسواق والقضاء على الاحتكار ، رؤيتنا أن الأولوية للتصنيع واستصلاح الأراضي وتطوير القطاع العام والتطوير الحقيقي للتعليم .. هذه اختلافات أساسية إضافة إلى رؤية أن يكون تحقيق الاكتفاء الذاتي في الدواء والغذاء والكساء ، هدف أساسي للدولة المصرية تسعى بكل قوة إلى تحقيقه.

ونتفق مع أحزاب الموالاة على أن دور مصر العربي والإفريقي والدولي مهم ، وتنويع مصادر السلاح وتقوية الجيش المصري والحرب على الإرهاب كأولوية وبناء وتعمير سيناء وموقف مصر من سوريا المطالب بعودتها إلى الجامعة .. كل هذه أمور نتفق فيها مع أحزاب الموالاة. 

* مصر تعيش شبح أزمة اقتصادية محل إنكار من الحكومة أو اعتراف خجول .. هل ترى احزاب الائتلاف حلولا لما نحن فيه من اضطرار اللجوء لصندوق النقد؟

- مصر تعيش أزمة اقتصادية حقيقية ، ونحن في حزب الجيل الديمقراطي وأحزاب الائتلاف تحدثنا عنها كثيرا ، بل كنا أول تكتل تحدث عن مشكلة القروض والاستدانة، ويرفض شروط صندوق النقد الدولي ، ووصفنا الصندوق بأنه أداة لأمريكا ، وهدفه دائما إصابة الدول بالخراب والدمار ، فلم يصلح أي مسار في دولة دخلها ، وبالتالي حذر حزب الجيل من الاستدانة الحكومية ، وطالبنا الحكومة بإعلاء شعار الاعتماد على الذات وهو جوهر التنمية الاقتصادية دون إعانات أو قروض أجنبية. هذه سياسات بديلة وليست اقتراحات ، فالقروض الداخلية والخارجية أصابت الاقتصاد المصري في مقتل ، الديون الداخلية وصلت 8 تريليون جنيه ، ووقت تولي الرئيس السيسي كانت تريليون و250 مليار ـ  والديون الخارجية كانت أقل من 30 مليار دولار ، الان هي 157 مليار دولار وهذا عبء على الأجيال المقبلة. وكلها ديون لمشروعات بنية أساسية وليست مشروعات إنتاجية ، وطالبنا في حزب الجيل بأن تكون القروض – حتى لو وافقنا عليها - لمشروعات إنتاجية ، والحكومة أخطأت في ترتيب الأولويات وكان يجب أن تكون للتصنيع والحفاظ على القطاع العام والزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح وفي تصنيع الدواء وتصديره لأسواق افريقيا والدول العربية التي كان الدواء المصري هو الأول فيها ، كنا نتمنى أن تكون الأولوية للتعليم وتطوير المستشفيات العامة والقضاء على الاحتكار. 

الطرق والكباري والأنفاق مهمة لكنها ليست أولوية ، فمصر كان يمكن أن تعيش بدون هذه البنية التحتية الجديدة ، ولكنها كان يمكن أن تحقق طفرة بالتصنيع والاعتماد على المشروعات الصغيرة وتقديم قروض صفرية للشباب ، ففرصة العمل الواحدة تكلف الدولة مابين 150 – 200 ألف جنيه ، لنتخيل لو منحت الدولة لشاب قرضا بمليون جنيه بدون فائدة على أن يوفر فرصة عمل لـ 5 شباب فقط ، فهذه المشروعات الصغيرة يمكن أن تمثل قاعدة أساسية للتنمية في مصر . فالصين ودول النمور الآسيوية تربعت على عرش الاقتصاد العالمي بمشاريع كهذه. وجعلت من الصين أقوى اقتصاد في العالم بعد أمريكا. كان يمكن أن نوفر للشباب قروضا بدون فائدة ونساعده على تسويق منتجاته في الأسواق الداخلية والخارجية. وكان يمكن أن نوفر مانستورده من الصين وتركيا وأوروبا وأمريكا وروسيا بإقامة قاعدة واسعة من المشروعات الصغيرة.

أيضا لابد أن نوقف مسلسل تصفية وبيع القطاع العام ونطوره ، لأنه كان له دور كبير جدا في انتصار مصر في أكتوبر 1973 ، وهذا الدور مكن عبدالناصر والسادات من إعادة بناء القوات المسلحة ، ولذلك يصر صندوق النقد الدولي بإدارته الأمريكية الصهيونية على بيع القطاع العام لتجريد مصر من أعظم مصادر قوتها، فمصر وقتها لم تكن تمتلك أي موارد ، لا تحويلات مصريين في الخارج ولا بترول ولا سياحة ولا رسوم عبور بالقناة . كل ما كنا نمتلكه عوائد شركات القطاع العام. قلنا ذلك للدولة المصرية لكنها مصرة أن تخضع لإملاءات وشروط صندوق النقد الدولي التي أراها ضارة جدا بالأمن القومي المصري.

* هل كانت مصر مضطرة فعلا إلى الاستدانة بكثافة خلال السنوات الماضية للانفاق على مشاريع كان يمكن أن تتم بوتيرة بطيئة ؟

- مصر لم تكن في حاجة إلى الاقتراض نهائيا ، كان يجب أن ترتب أوضاعها على دخلها القومي دون استدانة ، مبارك أوقف الاقتراض الخارجي والتعامل مع صندوق النقد وكان الدعم مستمرا ، لم نكن بحاجة لهذا التوسع ، وهذا خطأ كارثي ارتكبته الدولة المصرية عندما توسعت في الاستدانة الداخلية والخارجية ولا بد من وقفة.

* هل ترى أنه حدث خلل في ترتيب الأولويات جعل دفع فوائد وأقساط الديون يلتهم نحو نصف الميزانية على حساب خدمات أساسية مثل التعليم والصحة ومظلة الحماية الاجتماعية؟

- طبعا ، وهذا كله نتيجة غياب الإعلام الحر ، نتيجة غياب أحزاب حقيقية تعلن وجهة نظرها ، وغياب الرأي الآخر وسيطرة رأي واحد على الحكم ، كل ذلك جعل السلطة تعتقد أن خطواتها صحيحة ، ولو كان ذلك موجود لجنبنا البلاد مستنقع الديون.

* من المسؤول؟ الحكومة التي نفذت ام الرئيس الذي يأمر أم البرلمان الذي تخلى طوعا عن صلاحياته في مراقبة الحكومة ومناقشة سياساتها؟

- السلطة التنفيذية (الرئيس والحكومة) ، أما البرلمان فمفعول به لأنه جاء بالاختيار، هم اختاروا من يستطيعون إصدار الأوامر لهم ، ليس هناك استجواب واحد منذ 8 سنوات .. هل هذا برلمان؟ 

* هل هناك رؤى لائتلاف الاحزاب بخصوص ارتفاع الأسعار والتضخم والدعم أم أن هناك توافق بينكم وبين الحكومة بشأن ما يتم اتخاذه من خطوات؟

- نختلف مع الحكومة في كل ماتتخذه من خطوات تجاه القضايا الثلاثة ، فالدعم كان لابد منه لأنه يعد تكملة للأجور الهزيلة التي تمنحها الدولة للعاملين والتي لاتكفي احتياجاتهم المعيشية ، لأنها لا تستطيع إيصال مرتب العامل والموظف المصري في القطاع العام أو الخاص أو الحكومي إلى مثيله في دول العالم، وبالتالي إذا لم تكن المرتبات ممائلة لمرتبات أقرانهم في دول العالم لايمكن محاسبتهم على السلع بالسعر العالمي. الدعم اساسا لمواجهة التشوه الشديد في دخول المصريين مقارنة بمن يناظرهم في دول العالم ، لذلك هو حق للمصريين وليس منة.

واقتراحاتنا أن السياسة الحكومية المتبعة لا تتناسب مع مصر ، بل تتناسب مع دول الوفرة التي يكون فيها تنافس للصناع ورجال الأعمال في طرح إنتاجهم المتنوع ، لكننا في مجتمع الندرة والاحتكار ، فمن يحتكر الانتاج لايزيدون عن 10 عائلات ، وتخطيء الحكومة في حق الشعب حين تتركه فريسة للمحتكرين ، وطالبنا كثيرا بأن تراقب الحكومة الأسواق وأن تمنح الضبطية القضائية لمفتشي التموين وتحدد تسعيرة جبرية للسلع الأساسية واسترشادية لباقي السلع. فمصر إنتاجها لا يكفيها وبالتالي لا يصحح السوق نفسه ، فليس هناك تنافس حقيقي يتيح تخفيض الأسعار. فالحكومات في العالم كله دورها تنظيم السوق وإعانة الناس على معيشتهم ووقف الجشع والاحتكار ، وحين تتخلى الحكومة عن ذلك فهي تتخلى عن دورها الأساسي.

* في نظرك وانت صاحب خبرة سياسية طويلة في العمل الحزبي والنيابي .. كيف تعود الحيوية للسياسة في مصر ، بحيث لاتنفرد الحكومة برسم السياسات وتنفيذها دون أي شكل من أشكال الرقابة؟

- رقم واحد أن ترفع الدولة يدها عن الانتخابات البرلمانية وتقف على مسافة واحدة من الأحزاب السياسية ، رقم 2 طلاق بائن بين السلطة والمال ، ثالثا أن تترك الدولة السيطرة على الإعلام وتتركه حرا يناقش مايناقشه ويطرح مايطرحه ويترك للرأي العام أن يختار ، اضافة إلى انتخابات حرة وأحزاب حرة غير مسيطر عليها ، رجال أعمال يعملون بالتصنيع أو التجارة أو الزراعة وتبقى الحياة السياسية للمحترفين الذين يستطيعون الوقوف في البرلمان ومحاسبة الحكومة على سياساتها التي يرونها ضد الشعب. 

* هل أنت مع بيع الأصول المصرية وشركات الحكومة الرابحة لصناديق سيادية عربية .. وما هو البديل الذي كان يجب أن يحدث؟

- لا طبعا ، هذا يلحق ضررا بالأمن القومي المصري ، والدول العربية التي تريد أن تستثمر فليكن في مشروعات جديدة تكون بابا جيدا لتشغيل العمالة المصرية ، أما الشركات المصرية الناجحة فتحقق أرباحا تضاف للخزانة العامة سنويا.

* ماهو البديل الذي كان ينبغي أن يحدث؟

- أن يقيموا مشروعات تعين مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الاستيراد ، فتقوى العملة الوطنية ويعود الدولار لحجمه الطبيعي.

* سؤال ختامي .. مصر إلى أين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا في ضوء المعطيات الحالية؟

- مصر الدولة والشعب والوطن في خطر حقيقي ، ولا بد من معالجة سريعة لتدارك كل الآثار السلبية للسياسات الماضية.
----------------------------------
حوار – هيباتيا موسى ورانيا عبدالوهاب
من المشهد الأسبوعية







اعلان