25 - 04 - 2024

"عيون مصر" يثير أوجاع التمييز الجاهل بين المصريين في كرة القدم

ما بين تحذير من تكريس "طائفية بغيضة" وبحث عن حلول تحفظ تماسك الوطن

أكد الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة ومؤسس نادي "عيون مصر" ، الذي أثار الإعلان عنه جدلا واسعا، أن النادي مايزال تحت التأسيس ويفتح أبوابه للجميع ، كما يضم في صفوفه لاعبين وإداريين ومدربين مسلمين وأقباطا وليس حكرا على الأقباط وحدهم. 

وأضاف الأنبا رافائيل في تصريحات لـ"المشهد" أن فكرة إنشاء النادي اقترحها كاهن مهتم بكرة القدم بإحدي الكنائس كان يقوم بتشكيل فرق للعب في الكثير من الأندية , ثم تطورت الي إنشاء نادي يضم مسلمين مع مسيحيين ويكون مثل باقي الأندية. 

يتابع مؤسس نادي عيون مصر: اللقاء مع وزير الرياضة أشرف صبحي كان ودياً وعرضت خلاله فكرة تأسيس نادي يضم أطياف الشعب المصري بمختلف معتقداتهم وانتماءاتهم علي أن يعتمد علي المهارة أولاً.

لكن القس جرجس شفيق المسؤول بالنادي الذي قوبل تأسيسه بعاصفة من الجدل ان الكنيسة داعمة ومساندة للفكرة ، لكنه لن يقتصر علي الأقباط , وقد بدأ بالفعل سلسلة مباريات ودية مع عدة أندية ، منها نادي هيلوبوليس الذي استضاف اللاعبين في مباراة ودية .

ويجدد الدكتور محمد فوزي، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، أن الوزارة تتعاون مع الكنيسة والأزهر في الأنشطة الرياضية والشبابية، لكن القانون يمنع تأسيس أندية على أساس ديني. ونفى بشكل قاطع وصول أوراق لوزارة الشباب والرياضة تفيد بإشهار "عيون مصر"، لأننا نقدم كافة الأنشطة الشبابية والرياضة بدون تفرقة دينية.

بين مؤيد ومعارض

فور الإعلان عن الشروع في إشهار النادي على صفحات الكنيسة ووزارة الشباب والرياضة ، شن عدد من المفكرين الأقباط هجوماً حاداً علي الكنيسة والوزارة ، معتبرين أن القرار له عواقب وخيمة ويكرس الطائفية والتفرقة بين المسلمين والأقباط , فإذا اعتزمت الكنيسة إنشاء نادي يكون للأزهرنفس الحق اويلعب فريق مسيحي ضد مسلم ، مما قد يعصف بمصر.

مقال المفكر القبطي جمال أسعد عضو مجلس النواب الأسبق منع ماكان يمكن أن يمر في هدوء ، مما دفع وزير الرياضة للاتصال به ونفي الأمر، وأكد أسعد أن الشكاوى من عدم وجود لاعبين أقباط لا تعالج بهذا الشكل "نعم هناك حالة تعصب داخل الاندية ولكن معالجة هذا التعصب لايتم بقضية اكبر تثير الرأي العام وتعمل علي تفتيت وحدة الشعب المصري".

إسحق حنا، رئيس الجمعية المصرية للتنوير يركز على ظاهرة رفض انضمام لاعبين مسيحيين لفرق النوادى الكبرى، رغم ارتفاع مستوى المتقدمين بدليل قبولهم لاحقا بنوادى كبرى فى أوروبا، ويضيف : "كنت أتصور أن هذا أمر لن يرضى كبار المسئولين ، ليس فقط دفاعا عن الحقوق المدنية لمواطنين مصريين ولكن لأنه يرسخ لحالة طائفية مخربة للأوطان، وإذا كان مسؤولينا لم ينتبهوا ، فأين هم من الواقع المعاش؟"

ويشرح قائلا : لهذا تقدم "نادى عيون مصر تحت التأسيس" بطلب لتكوين فريق لكرة القدم ، ووافق وزير الشباب والرياضة ولا غبار فى ذلك، لكن شيئا ما فى هذا الحدث يؤرق كل ذى عينين، فقد كان صاحب الطلب الذى قابل الوزير هو أحد رجال الدين المسيحى بزيه الكهنوتى ، وهنا يبرز السؤال، هل النادى للمسيحيين فقط؟ قالوا لا. بل هو لكل الشباب والشابات من كل الأديان. قلنا حسنا، إذن لماذا يتصدر المشهد رجل دين بما يشى بغير مدنية النادى؟ ولماذا لم يحل مكانه رجال مدنيون بزيهم المدنى بلا هوية دينية ، لأن هذا يعنى وضوح التوجه الطائفى وغلبته على التوجه الوطنى. ولأن قيام ناد رياضي على أرضية طائفية يمثل إضافة فى اتجاه ترسيخ الدولة الدينية التى نرفضها جميعا. ورغم أن النادى قد يخدم  الشباب المسيحى الذى أغلِقت فى وجهه أبواب النوادى الكبرى وربما يمنحهم فرصا حرموا منها ، لكنه بالقطع سيعيد حالة عزلة وتقوقع الشباب المسيحى داخل حدود الكنيسة، مثلما كان الحال قبل ثورتي ٢٥ /٣٠ ، فهل يصح أن ندفع الأقباط للتراجع إلى مربع العزلة مرة أخرى؟، ومن له مصلحة فى ذلك؟

الدكتور ماهر عزيز، خبير الطاقة والكهرباء، يقول إن لقاء نيافة الأنبا رافائيل ووزير الشباب والرياضة للاتفاق علي ترخيص نادي "عيون مصر" أسعده.. فالخبر ذاته إجراء مطلوب بسبب محاذير شتي "وهو يكسر المحاذير ويخرج الي الوجود". سعادته – كما يقول – سببها أن اسم النادي يحمل فلسفة إنشائه ، فإذا امتنعت جميع الأندية عن قبول المواطنة فعلا متحققا بعيدا عن الشعارات والأكاذيب الجوفاء (التي تسقط فيها المواطنة صريعة تحت سنابك التعصب والعنصرية بعدم قبول مسيحي واحد يلعب كرة القدم بالدوري العام وكأس مصر ، فإن نادي عيون مصر يوحي بأن شباب مصر كلها دون تعصب ودون عنصرية هم عيونها .. يستوي في ذلك أن يكون مسلما أو مسيحيا.

لكن الناشط القبطي جورج أمير أبدى استياءه من قرار تأسيس النادي " رغم حبي الشديد لوطني ودعمي لقيم المواطنة والتعايش والمساواة في الحقوق والواجبات ، ورغم حبي للرياضة ولكرة القدم بشكل خاص ، ورغم تسليمي بأن الطفل والشاب المسيحي لا يحظى بفرص متساوية مع أقرانه من المصريين - وهذا مبني على شواهد عديدة تثبت ما هو أكثر من التمييز - رغم كل ذلك فأنا أرفض بشدة وجود نية لإنشاء فريق تحت اسم "عيون مصر" على خلفية دينية ، هذه كارثة محققة وستجد في طياته قنابل موقوتة ، أنا ضد خلط السياسة بالرياضة ، فما بالك بخلط الدين بالرياضة.. ماذا لو ردت مؤسسة الأزهر الشريف بفريق مماثل وماذا لو حضر للاختبارات طفل أو شاب غير مسيحي وتقرر عدم قبوله؟.

يضيف جورج أمير "هذا النادي سيكون استجارة من الرمضاء بالنار.. ليس مطلوبا أن أقدم حلولا ، فهذا دور الدولة وهي لا تفعل ، أعلم أن غصة الحلق تكمن في عدم اعتراف السواد الأعظم من الشعب بهذا التمييز وكلما يتحدث أحد يقول هاني رمزي وكأن مصر لم تلد أقباطا بعد أو قبل الكابتن هاني رمزي".

ويتابع "لو كنت مكان الآباء لاخترت أن يقوموا باختيار شخص يثقون به بعيدا عن الكهنوت ويطرح الأمر بجدية على الإعلام فيدق ناقوس خطر ، يجب أن يتم مناقشته في البرلمان وفي الوزارة وفي الإعلام كي نحرك الماء الراكد وشخصيًا أرشح الكابتن أحمد حسام ميدو للتنسيق بشأن هذا الملف لأنه تقريبا الشخص الوحيد الذي خرج يوما ما وتحدث بجرأة في أحد البرامج التليفزيونية عن تعرض الناشيء القبطي للتمييز والاضطهاد في النوادي المختلفة".

اما الكاتب أشرف رمسيس؛ فيقول: "لا داعي لأن ندفن رؤوسنا في الرمال، وننكر واقعا مؤلما يواجه الأقباط فى المجال الرياضي، حيث تخلو الملاعب تقريبا من الأقباط، هناك خمسة لاعبين فقط استطاعوا اللعب فى الدورى الممتاز على مدار تاريخ الكرة فى مصر أبرزهم هانى رمزي ومحسن عبدالمسيح وأشرف يوسف وناصر فاروق. وأخيرا ظهر أمير قيصر وجرجس مجدى، وبدأ يظهر دورى بين الكنائس وبعضها كبديل عن حلم اللعب فى الدورى الممتاز؛ ثم نادى عيون مصر تحت التأسيس واسم الأنبا روفائيل" .. وهذا حل يكرس الطائفية ويؤكدها ، فما هو رد الفعل القبطى لو أنشيء نادى يؤسسه شيخ الأزهر.

ويتابع: "المسيحيون يعانون من التهميش والتمييز فى بعض الأنشطة ومنها كرة القدم لما لها من شعبية ، يرى المتطرفون عدم اتاحتها للمسيحيين سواء لما تضفيه من شهرة وحب المشجعين للاعبين أو لما تدره من مزايا مادية .. لكن هل الحل أن تتبنى الكنائس إنشاء اندية تلعب فى الدورى المصرى؟ .. أم الحل بالسعى للمواطنة وليس الى الطائفية ، كل ما يريده المتطرفون منا أن نلجأ الى هذا الحل".

المفكر القبطي كمال زاخر له وجهة نظر أخرى يلخصها بقوله: "اصنع الواقع بنفسك، ظللنا عشرات السنوات نؤمن بهذه الأفكار ولم يحدث تغير، لا الأندية خرج منها لاعبون مسيحيون مميزون ولا المنتخب اختار لاعبا مسيحيا لمدة ٣٠ سنة، إذن الحل هو أن تصنع الواقع بنفسك".
____________________
تقرير – طانيوس تمري

من المشهد الأسبوعية







اعلان