18 - 04 - 2024

الاستغفار الأسري

الاستغفار الأسري

في إطار محاولاتي لتجديد الخطاب الأسري القائم على الأصول الراسخة والتنمية الأسرية المستدامة ، أنادي اليوم بنشر ما أسميه " الاستغفار الأسري" داخل البيوت، وهو معنى عميق ومهم في تجويد العلاقات الأسرية.

يربط البعض "الاستغفار" بالمعنى الديني فقط وهو"التوبة" من الذنوب بتصوراتها المتداولة ، ويصر على  جعله مسارا فرديا في مناخ روحاني شديد الخصوصية ، بحيث يمكن أن يؤدى باللسان مع استخدام المسبحة القديمة أو الإلكترونية أو ما يقابلها، وما هذا قصدت، فالاستغفار في أجندة التنمية الأسرية المستدامة، معنى تغييري جماعي يجب على المؤسسات جميعا وفي القلب منها مؤسسة الأسرة أن تتجه إليه.

نعم ظلم الزوج لزوجته والزوجة لزوجها والوالدين للأولاد والأبناء للأب والأم ذنوب عظيمة تستوجب التوبة بالمعنى الديني، ولكني هنا أسعى لمعنى تنموي تغييري إضافي ومهم، يقوم على إيمان الأسر بأهمية المراجعات المتجددة لكيانها بناء على الأصول القيمية الراسخة والمعاملات الأخلاقية الراقية والتصحيح الواعي الدائم المستفيد من العلوم الحديثة للأسرة.

ومن هنا يقوم الاستغفار الأسري على الذكاء المشاعري في معالجة الأزمات وتقويم السلوكيات وتطويرها، في ظلال من الوعي المعجون بقيم التسامح والتغافر والتغافل، ولا يأتي هذا إلا باتخاذ قرار واعي بالندم على ما حدث في العلاقات من سلبيات والعزم على عدم العودة إليها مع السعي لإحداث تغيير إيجابي في حاضر هذه العلاقات ومستقبلها ، يقوم على تعافي سلوكي مدروس وتعلق بالسماء يهذب الضمير ويزيد التقوى، مع وقف التطفيف الأسري وانصاف صاحب الحق والاعتذار المهذب.

إن الاستغفار الأسري الدائم بمثابة رمانة ميزان في العلاقات، حيث أن القيام به في وقته في ضوء ميزان رشيد لا يبخس الزوجة والزوج والأبناء حقوقهم، وتحت رعاية العلوم الأسرية الحديثة، يؤدي إلى نشر مناخ من التغيير القائم على التجديد أو التصحيح.

وإن خلق حالة استغفار جماعي، في الأسر والعائلات ، تؤدي إلى انتشار ثقافة المراجعات والتصحيح في المجتمعات ككل، وعدم توغل الكبر في العلاقات والمعاملات، ما يؤدي إلى انتشار المودة والرحمة وتجويد العلاقات والمعاملات في ظلال من تجديد الخطاب الأسري المنشود.

إننا عندما نلزم منهج التصحيح الدائم في العلاقات الأسرية ، سنجد ولا شك من كل أزمة مخرجا، ومع كل ضيق فرجا، ومع كل عسر يسرا، فهذا وعد السماء، وهدية الودود لمن سار على درب الوداد وتاب عن المناكفات والشقاق والايذاء، وبشارة العلوم الحديثة لمن بدأ التصحيح ولم ييأس.

إن دوام الإستغفار الأسري يؤدي إلى السعادة العائلية والاستقرار المجتمعي، ولعل الندم على ما فات والبدء في تصحيح ما سيأتي في العلاقات باب خير لكل المجتمعات ، وإن يقظة الضمير تعين على ذلك، ولكن أكثر الناس لا يتفكرون.

دمتم في سلام وود.
-------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان