16 - 04 - 2024

آدم وحواء والتجديد الأهم

آدم وحواء والتجديد الأهم

أعرض في هذه المقالة بإيجاز مبصر الموقع المنشود لآدم (الأب والزوج) وحواء (الزوجة والأم) في تجديد الخطاب الأسري، بعدما تناولت موقع الأبناء في مقالي السابق بعنوان:" التجديد الأسري في زمن ويجز".

إن تجديد الخطاب الأسري للزوجين هو البديل الحضاري لخطابات إشعال الحرائق أو الاستعباد والتهميش أو الاقصاء أو العناد ، وهو يتم وفق فكرتي عبر ثلاث أركان هي : بناء الوعي، وإرساء التنمية، وإعلاء السلام، من أجل أسرة آمنة مطمئنة، يقوم فيها آدم وحواء بمقام عظيم الشأن ، يسمو فوق عناوين مشبوهة مثل : "ملزمة وغير ملزمة" ولافتات غير بريئة مثل : "الواجبات والحقوق".

إن تلك العناوين بكل كواليسها خرجت من مساحات المهووسين بالصراع الجندري ، ولا ترى آدم وحواء إلا في موضع الحرب لا السلام ، والكرب لا الهناء، والمناكفات لا الهدوء والحوار،  والانفصال لا الاستمرار ، رغم أن بعض بنود الأبعاد الحقوقية والنفسية والاقتصادية قد تكون مسارا لاتفاق نخبوي حقوقي له ما بعده في المشرق العربي ، كرفض (العنف والتسليع والاستغلال والاستباحة والوقاحة والتحرش، وحب التملك والسيطرة)، وتنمية (الحب والخبز).

إن بناء الوعي في فكرتي يرتكز على الأصول الصحيحة والحقائق الراسخة ، فالكون بني على اثنين هما آدم وحواء، دون اقصاء ولا عناد ولا شذوذ، وحسن الأخلاق مداد متجدد لحماية العلاقات والمعاملات بين الزوج وزوجته والوالدين وأبنائهما ، ولا غنى للرجل والمرأة – زوجا أو زوجة أو أبناء - عن معرفة الحقائق المرتبطة بالدور والغاية وسبل السعي والبناء والمسافات الحضارية، والحقوق والواجبات دون إخلال ولا اعتمادية، وهو ما يمكن التبصرة به في رخص الزواج المنشودة ودورات التأهيل.

ولا تجديد أسري حقيقي إلا بالتنمية الأسرية المستدامة عبر تنمية دائمة للحب والخبز، فهما – كما قلت والحق ما قلت – جناحان لاستقرار البيوت وجودة العلاقات بين الزوجين من جهة وبين الوالدين وأولادهما، وفي هذا المسار دورات ومستشارون كثيرون ، أما الطمأنينة والحوار فهما بمثابة عمود الخيمة للبيت كل البيت، وبهما تنعم البيوت بالسلام وبدونهما تشقى وتحيا في كرب.

وتحت هذه المظلة، نقول: إن نجاح البيوت فرض ديني كالصلاة والزكاة، وضرورة حياة كالهواء والماء، ولذلك فإن الطلاق الحضاري هو أحد الحلول الكريمة لافتراق نبيل بعد الإخفاق واستنفاد كامل الأسباب ، ومضامين السماء والأرض تتفق على أن "الوصول إلى الوفاق كلما أمكن خير من تمرير الطلاق"، وتحذر من إساءة استخدام "أبغض الحلال" ، أو عدم الوفاء بضوابطه بعد اقراره، تحذيرا شديدا.

إن الرجل – والرجولة غير الذكورة - هو عمود الخيمة وربان السفينة في البيت ، و دوره كأب وزوج في صون بيته والارتقاء بعائلته يتعاظم في هذه الأيام القاسية التي كثرت فيها الأزمات والصعوبات وأشباه الرجال، وذلك لن يتم إلا عبر تصرفات تناسب مقام الرجال، وضوابط السماء ومقتضيات العرف السامي، والقوامة الإيجابية لا الظالمة.

وإن المرأة - والأنوثة من صميم بهاء نون النسوة - هي عماد الأسرة ورمانة ميزانها، وهي تتمتع - وفق الشرع الحنيف - بالأهلية الكاملة، ولها ذمتها المالية المستقلة، ومسؤوليتها القانونية، وحق التصرف الكامل المستقل فيما تملك، وللمرأة حق شرعي غير منازع في الميراث، كما طالب بذلك من قبل اعلانات عدة للأزهر الشريف وغيره حول حقوق المرأة ومنها "إعلان الإسكندرية" في العام 2014.

وإن دور المرأة كأم وزوجة في البيت لا ينقص من قدرها شيئا، بل جعلت الجنة تحت أقدام الأمهات لا الآباء، وإن موقعها الاستراتيجي في العمل وأوجه الحياة، لا يتناقض أبدا مع دورها السامي في البيت، ما يحتاج منها إعلاء الأصول والتعلق بالسماء، وحسن الحوار، والمودة والتراحم ، والتعاون المتجدد.

إن تجديد الخطاب الأسري بين الزوجين يمكن أن يسهل الحياة الأسرية ، وسبل إعطاء المرأة كامل حقوقها المشروعة في الأسرة وخارجها ، ووقف إهدار حقوق الرجال في المنظومة الاجتماعية تحت سياط رهاب إهدار حقوق النساء أو سعار إعطائهم ما لهم وما ليس لهم، وسنجد بعد ذلك خلف النبلاء الأوفياء أسرة تتمتع بالنجاح، ولا عزاء لأعداء النجاح.

دمتم بود ووفاق
------------------------------
بقلم: حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان