25 - 04 - 2024

التجديد الأسري في زمن (ويجز)

التجديد الأسري في زمن (ويجز)

" لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".. هذا القول المنسوب لسيدنا على بن أبي طالب رضي الله عنه ، هو مفتتح البناء لهذا الجيل الصاعد من الأبناء - أطفالا وشبابا - في ضوء ما ننشد من تجديد للخطاب الأسري يتعامل بالنسبة للأبناء على أركان ثلاث هي : فهم معادلات الزمن الحالي، والتمسك بالأصول والعناية بالضمير ، وتعلم ما استجد من علوم حديثة للتربية، وأخص بالذكر التربية الإيجابية.

في هذا الزمن، نمط جديد لجيل جديد ينمو منذ العام 2011، له سمات وأحلام، يعاني من آمال وخيبات، يبحث عن عالمه الخاص وكينونته في عالم متلاطم الأمواج، صعد فيه على حين غرة شاب يدعى "أحمد علي" وشهرته "ويجز"، كسر كل التابوهات، وخطف أذهان "الاندر ايدج"، وأسس جمهورية بمفرده تقوم على السرعة والتمرد على الماضي والتقلبات الزاعقة وحب للنشاز ، بشكل يطارد قناعات الأولاد والبناء على السواء حتى بات بعض الآباء والامهات أسرى اتهامات الجمود وضيق الأفق والعيش في الماضي.

هذا الشاب، أختلف معه كثيرا رغم توغله في هذا الجيل، لدرجة تحقيقه رقما قياسيا من مشاهدات ابنائنا في سن "الاندر ايدج" تصل إلى 641 مليون، في الفترة الأخيرة، ولذلك لا غرابة ان تجده أكثر المغنّين استماعاً في مصر، خلال عام 2020 وفقا لمنصة "سبوتيفاي" المتخصصة في الموسيقى.

ولكن هذا الشاب (24 عاماً) في رأيي يعبر عن تناقضات هذا الجيل وخيباته ، فهو يحب النشاز والتمرد ولكنه يستقيم في صف واحد مع معارضيه يدون عن القضية الفلسطينية ويرتدي الشال الفلسطيني في بعض حفلاته، ليجسد معاناة هذا الجيل الذي يجب أن نفهمه جيدا – سواء من الاباء او من مراكز البحوث - قبل ان نواصل انتقاده ولومه وتجريسه والتبرؤ منه.

فهم معادلات هذا الزمن، تنبهنا سريعا إلى التترس بالأصول والعناية بالضمير، في ظل حملات استهداف النشء من الصغر بمفاهيم شاذة تمولها شركات كبرى وأجندات عابرة للقارات، وصولا إلى مراحل الشباب واستهدافهم بكل أنواع التدمير وخلق بيئة يأس محاصرة لهم في كل خطوة لتجويد الحياة وبناء نجاح، وتأسيس أسرة، ما يعني أهمية استدعاء الأصول القائمة على المرتكزات الفطرية ، والقيم النبيلة والتحفيزات الخلاقة والحريات الراشدة ، إلى ساحة المواجهة وعيا في عقول الآباء والأمهات، يتحول إلى سلوك إيجابي في التعامل مع الأبناء، بحيث نخلق قدوات إيجابية أمام هذه الأجيال، بدلا من العيش في جلباب الأباء والأمهات.

وهنا، أجد أن مشروع التربية الايجابية، من مرتكزات تجديد الخطاب الأسري في أجندتي، ولا أقول هذا من فراغ، فقد لمست الفرق بنفسي وعيا وسلوكا، قبل وبعد الانحياز له، ولهذا المشروع مؤسسات وعلماء ومستشارين، أنصح نفسي وإياكم بمواصلة متابعتهم والتفاعل معهم، بقدر متوازن مع ترسيخ الأصول والإحاطة علما بسمات العصر.

وبهذه الأركان الثلاث، يمكن لتجديد الخطاب الأسري مع الأبناء أن يحقق جسرا للنجاح داخل كل البيوت التي تحيا في ظلال من التحديات المهمة مع الأجيال الصاعدة ، ليبقى الأثر الطيب في كل قلب ، ولتنعم العائلات بالولد الصالح الذي يدعو لكل أب وأم.

دمتم بود وسلام
------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان