19 - 06 - 2025

أول القصيدة ... كيف ينجو الأهلي من فلسفة التعاقدات الفاشلة ؟

أول القصيدة ... كيف ينجو الأهلي من فلسفة التعاقدات الفاشلة ؟

مع كل ميركاتو صيفي ترتفع الأماني الأهلاوية، وتزداد الطموحات لدرجة تناطح السحاب، قبل أن تتساقط الرقاب حد الكسر وتستيقظ الجماهير على صدمات كبيرة وأنصاف لاعبين لا يصلحون لتمثيل أندية تقبع في منتصف الجدول.

الصيف الماضي فاوض الأهلي أسماء عملاقة، يوسف البلايلي نجم منتخب الجزائر، والمغربي سفيان رحيمي، والتونسي محمد بن رمضان، وقبلهم موليكا وغيرهم. لكن المحصلة النهائية كانت التعاقد مع الطفل لويسي ميكيسوني، والجنوب إفريقي بيرسي تاو، ملك الإصابات، واللذين صاحب انضمامها التفريط في كلا من جونيو أجاي ومحمود كهربا.

دفع الأهلي نتيجة أخطائه الكارثية، وجنى ثمار عمل إداري غير محكم، لا يحكمه التخطيط، وغابت عنه كل المعايير العلمية والعملية، وتبدو لغة السمسرة والارتجالية هي الحاكمة في ميركاتو يصنف بين الأسوأ في تاريخ الأحمر، فخسر الدوري للمرة الثانية تواليًا، وكذلك الكأس أمام منافسه التقليدي، عوضًا عن السقوط في نهائي إفريقيا.

في الصيف الجاري بدأ الأهلي الحديث بأسماء عملاقة، وظن الجميع بأن ياسين منصور، الرجل المخلص، الذي لن تتمرد أمام خزائنه أية أشياء، وكل اللاعبين سيتمنون مجالسته، وكل الأندية ستزحف نحو ملايينه، لكن المفاجأة الصادمة كانت خروجه بعد فشل كبير بأكثر من صفقة، في حالة تنذر بموسم كارثي آخر. 

قبل أسابيع قليلة من انطلاقة الموسم الجديد يبدو الأهلي عاجزًا، يحدثك عن أشرف بن شرقي لأشهر طويلة ويفاجئك بالتعاقد مع مصطفى سعد ميسي لاعب سيراميكا كليوباترا، فبعد رحلة مطولة من المفاوضات والجلسات وأمام لاعب حر كان التعاقد معه يسيرًا تفاجأنا باللاعب يرحل إلى الدوري الإماراتي. 

اجتمع امير توفيق مدير التعاقدات بالنادي الأهلي واللاعب لحوالي ثلاث جلسات ووصل عرض الأهلي الأخير إلى 2 مليون ونصف المليون دولار في الموسم الواحد لمدة ثلاث سنوات ولكن رفض اللاعب المبلغ مما أدى إلى فشل المفاوضات نهائيا وانتقل اللاعب إلى صفوف نادي الجزيرة الإماراتي. 

دفع الأهلي ضريبة ما سماه محمود الخطيب بسقف الرواتب، والفئة الأولى التي لا يجب أن يتخطاها أي لاعب، فخسر صفقة قياسية واستثنائية.

وبلغة رقمية واستثمارية بحت فرط الأهلي في قيمة كبيرة، فإذا كان الأهلي سقفه مليون ونصف مليون دولار للرواتب في الفئة الأولى، فهل كان دفع مليوني دولار لبن شرقي خسارة ؟

في عقد ثلاثة سنوات كان سيحصل بن شرقي على مليون ونصف إضافية فوق السقف الذي وضعه الأهلي، لكن في التوقيت ذاته كان سيوفر على الأهلي قيمة شراء صفقة للاعب بحجمه، والتي ستقدر في أقل قيمة بثلاثة ملايين دولار، أي أن الأهلي حتى لو دفع لبن شرقي الراتب الذي أراده كان سيكون رابحًا أيضًا.

كما أن السياسات الموضوعة هي سياسات بشرية بالأساس، يمكننا التعديل عليها، واستبدالها بأخرى طالما كانت المعطيات والظروف مختلفة.

فماذا ينتظر الأهلي أسوأ مما جرى له ليعدل سياسات التعاقدات، وليضع سقفا أعلى للرواتب، وليبحث عن جودة لاعبين أفضل مما لديه، فهو بات في القاع حاليًا مقارنة بكل أهلى عاصرناه، والطبيعي أن تلي كل مرحلة مشابهة تبدل كامل في السياسات الإدارية والتعاقدية. 

الأمر ذاته ينطبق على محمد بن رمضان نجم وسط نادى الترجي ، خاصة بعد المستوي المميز الذي ظهر به اللاعب في بطولة أفريقيا الماضية وما قدمه في الدوري التونسي.

 ورصدت إدارة الأهلي 20 مليون جنية لضم اللاعب ولكن طلب حمدي المؤدب رئيس الترجي الحصول على 3 ملايين دولار، من أجل الاستغناء عن خدمات اللاعب الأمر الذي أدى إلى تعثر المفاوضات.

وبالنظر إلى الحاجة الفنية لجهوده فلا غنى عن بن رمضان، خاصة وأن الموسم الماضي أظهر قصورًا كبيرًا في هذا المركز لغياب العناصر، الكافية عوضًا عن تقدم سن عمرو السولية الذي لم يعد قادرًا على القيام بمهامه وأدواره.

الأهلي الذي يعرض أكثر من 20 مليون جنيه لضم محمد رضا بوبو من فيوتشر، يعرض مبلغا أقل على اللاعب الأفضل داخل قارة إفريقيا بمركز الوسط.

بن رمضان هو لاعب الوسط الوحيد بالقارة الذي يصلح للاحتراف الأوروبي، نسخة مختلفة تمامًا في الامكانيات الفنية والبدنية، وحالة الوعي الخططي داخل الملعب، ومرونته في اللعب بمراكز الوسط وتعددية أدواره، ومع ذلك يتحدث الأهلي عن أرقام لا توازي حتى الأرقام التي يعرضها لضم لاعبيين محليين مصيرهم كسابقيهم. 

وأكدت عدة مصادر داخل النادي الاهلي قيام الإدارة بالتفاوض مع اللاعب البرازيلي لوكاس براجا لاعب نادي سانتوس الذي تم ترشيحه من قبل البرتغالي ريكاردو سواريش المدير الفني للفريق. 

وبمجرد تواصل الإدارة مع وكيل اللاعب طلب الحصول علي مبلغ 10 ملايين دولار تم تخفيضها إلي 7.5 مليون دولار وهو ما رفضته الإدارة نهائيا مما أدى إلى فشل الصفقة الثالثة. 

صدمة تعرض لها مسؤولو الأهلي لأنهم يتفاوضون لضم لاعبين بمليون ومليوني دولار، فكيف يذهبون لهذه الجودة التي لا دراية لهم بها وبقيمتها، فمن اعتاد على النحاس يصعب عليه التفاوض على الذهب. 

يحتاج الأهلي إلى يقظة عاجلة وتبني مسارات جديدة من شأنها استبدال فلسفة التعاقدات، ورفع ميزانية الصفقات، وكذلك سقف الرواتب، لأن المرحلة لا تحتمل مزيدًا من البخل، ومزيدًا من العشوائية، ومزيدًا من التخبط، فلن يكون سعد ميسي وشادي حسين وبوبو منقذين لفريق مترهل، ومنظومة مرتعشة.
------------------------------
تقرير - رانيا عبدالوهاب
من المشهد الأسبوعية