مناشدة المنظمات والدول الصديقة تقديم المساعدات واتجاه لإعلان البلاد منطقة كوارث طبيعية
- تباطؤ الاستجابة الحكومية وصعوبة وصول منظمات الإغاثة الأهلية يزيد من معاناة المتضررين
- أوتشا“:38 ألف شخص في كل أنحاء السودان تضرروا من الأمطار والفيضانات منذ بداية موسمها
- شاهد عيان: نفاد مخزون الغذاء وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية في ظل ظهور حالات مرضية خطيرة في أوساط الأطفال وكبار السن وكوارث صحية وبيئية من اختلاط مخلفات التعدين ومياه السيول
- د. محمد مهران: فيضانات السودان تثير المخاوف من آثار متوقعة لسد النهضة على مصر والسودان
تتزايد مشكلة السيول والفيضانات التي يشهدها السودان يوما بعد يوم دون وضوح لحلول حاسمة لهذه المشكلة التي زاد تفاقمها هذا العام. وارتفع عدد قتلى السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة في السودان إلى ما يزيد عن 88 شخصاً، فضلاً عن تضرر عشرات الآلاف من المنازل، لاسيما في ولاية الجزيرة. وأعلن المجلس القومي للدفاع المدني إصابة عشرات المواطنين، وانهيار أكثر من 35 ألف منزل بشكل كلي وجزئي. كما لفت إلى أن المياه غمرت أكثر من 1400 فدان زراعي و33 مرفقا وعشرات المزارع ونفوق ما يفوق المئة من الماشية.
وهرع السكان إلى ملاجيء تقيهم، بمساعدة العديد من الجمعيات الأهلية. وتتدخل القوات الجوية السودانية لإجلاء المحاصرين بالسيول في ولاية الجزيرة.
فيما قدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن حوالي 38 ألف شخص في كل أنحاء السودان تضرروا من الأمطار والفيضانات منذ بداية موسمها.
وبحسب أوتشا كان نحو 314,500 شخص قد تضرروا سابقا خلال موسم الأمطار في العام 2021.
وتتزايد المخاوف من تكرار المشكلات المزمنة التي تعاني منها معظم المدن والقرى النائية في ظل مؤشرات بهطول أمطار غزيرة خلال الشهر الجاري واستمرارها خلال شهر سبتمبر القادم.
وكشف المتحدث باسم المجلس القومي للدفاع المدني التابع للشرطة السودانية العميد عبد الجليل عبد الرحيم عن انهيار 5.345 منزلا كليا في جميع أنحاء البلاد، ونحو 2.862 منزلا شهدت انهيارا جزئيا، إلى جانب تدمير 16 من المرافق العامة و39 متجرا ومخزنا، علاوة على تضرر أراض زراعية غمرتها مياه السيول تقدر مساحتها بـ 540 فدانا.
أوضاع مأساوية
وقال ناشطون ومسؤولون في المناطق المنكوبة إن السكان هناك يعيشون أوضاعا إنسانية وصحية بالغة الخطورة في ظل شح المساعدات وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة التي غمرت المياه بعضها كليا.
وأوضح أحد سكان المناطق المتضررة في جنوب "المناقل" بولاية الجزيرة أن ما يفاقم الأوضاع أكثر هو نفاد مخزون الغذاء وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية في ظل ظهور حالات مرضية خطيرة في أوساط الأطفال وكبار السن.
وقال إن توالد الناموس والذباب أدى إلى انتشار أمراض الملاريا والتيفود والإسهال التي تزايدت بشكل مخيف بسبب تدهور الأوضاع البيئية وانعدام المياه الصالحة للشرب.
وأضاف "يشرب السكان من مياه البرك والحفائر بعد أن تدمرت أو تعطلت شبكات المياه الشحيحة المتوفرة في المنطقة".
وأشار إلى ضعف الاستجابة الحكومية اللازمة وصعوبة وصول منظمات الإغاثة الأهلية الأمر الذي يزيد من معاناة المتضررين بشكل كبير.
وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية تعيش آلاف الأسر في العراء بعد أن غمرت المياه قرى بأكمله.
مخلفات التعدين
وتبدو الصورة أكثر سوءا في ولاية نهر النيل المتاخمة للعاصمة الخرطوم؛ إذ يشير أحد سكان القرى الأكثر تأثرا إلى أن السيولة دمرت أكثر من 25 قرية وسط مخاوف حقيقية من كوارث بيئية وصحية كبيرة بعد تقارير تحدثت عن اختلاط مخلفات التعدين بمياه السيول التي غمرت المنطقة المكتظة بمواقع استخراج الذهب، مما يؤدي إلى كوارث صحية وبيئية يصعب السيطرة عليها.
وعلى الرغم من ضخامة حجم المأساة الإنسانية، إلا أن خبراء أشاروا أن الخطر الناجم عن اختلاط مياه السيول بمخلفات ومواد تعدين الذهب الضارة سيؤدي إلى كوارث صحية وبيئية يصعب السيطرة عليها.
ويؤكد الطيب الصادق رئيس لجنة الطوارئ للمتضررين بالقرى المتضررة بولاية نهر النيل ، أن المشكلة الأكبر تكمن في إمدادات الإيواء والمياه الصالحة للشرب والأدوية المنقذة للحياة، خصوصا في ظل انتشار الحشرات السامة.
وقال الصادق إن حجم المأساة كبير حيث يفتقد الآلاف من الناس للمأوى في ظل صعوبات بالغة تواجه المنظمات والهيئات الإغاثية.
الخسائر المادية
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية عن عضو مجلس السيادة الانتقالي، الطاهر أبو بكر حجر، إن الوضع في الولاية كارثي، ويفوق إمكانياتها. وأضاف أن متضررين في حاجة لمساعدات عاجلة من مواد الإيواء والغذاء والصحة.
وأعلن وزير التنمية الاجتماعية السوداني، أحمد آدم بخيت، أنه قد يتم إعلان البلاد منطقة كوارث طبيعية خلال الساعات المقبلة بسبب السيول.
وقال في تصريحات صحفية إن "حالة التأهب مستمرة ونتوقع مزيداً من الأمطار".
كما كشف عن تضرر 43 ألف منزل بشكل جزئي أو كلي بسبب السيول، مما قد يجبر السلطات على فتح جسر جوي حال تعذر فتح الطرق، مضيفا أن هناك احتياجات عاجلة للغذاء وإيواء متضرري السيول.
وناشد الوزير السوداني المنظمات والدول الصديقة تقديم المساعدات.
وأعلنت السلطات السودانية، محلية المناقل بولاية الجزيرة وسط البلاد "منطقة كوارث" جراء السيول والأمطار التي اجتاحتها وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية.
وقال حاكم ولاية الجزيرة، إسماعيل عوض الله، إن "محلية المناقل منطقة كوارث، ونناشد الحكومة الاتحادية ومنظمات المجتمع المدني للإسهام في تخفيف الضرر، توفير الخيام لإيواء المتأثرين".
وأضاف: "السيول والأمطار أدت لانهيار أكثر من 3 آلاف منزل"، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
وتضم المناقل، أكبر محليات ولاية الجزيرة، نحو 545 قرية وحيا سكنيا.
توقعات
وفي تقرير لمكتب "أوتشا" أنه في عام 2022، قد يتأثر أكثر من 460,000 شخص بالفيضانات، وفقا لخطة الاستجابة لحالات الطوارئ في السودان لعام 2022.
وتضررت المباني العامة والشركات والأراضي الزراعية. ودمرت الأمطار الغزيرة والفيضانات حوالي 8,900 منزل وألحقت أضرارا بـ 20,600 منزل في 12 ولاية.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت التقارير بأن الفيضانات أثرت على 238 مرفقا صحيا، كما تضرر أو جُرف 1,560 مصدرا للمياه وأكثر من 1,500 مرحاض.
في عام 2021، تأثر حوالي 314,500 شخص في جميع أنحاء السودان، بينما تأثر بين عامي 2017 و2021 في المتوسط 388,600 شخص سنويا.
سد النهضة
وعلى جانب آخر من تحليل الوضع في السودان وما يتعرض له من سيول وفيضانات، أكد الدكتور محمد محمود مهران ، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، عضو الجمعية الأمريكية للقانون الدولي، أن سد النهضة وراء ما يحدث في السودان من فيضانات، مشيراً إلى أن السد له كثير من الأضرار، وردت بتقرير اللجنة الدولية المشكلة من أطراف النزاع الثلاث الصادر في عام 2013.
وقال محمد مهران إن إثيوبيا لم تقدم دراسات الأمان والعديد من التقييمات الفنية، وأن هناك العديد من الآثار السلبية للسد، أبرزها أن الدراسات الهندسية ودراسات الأمان على غير المستوى، وأن معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي بها قصور في منهجية عملها ، ولا ترقى لمستوى مشروع بهذا الحجم على نهر عابر للحدود ، بالإضافة إلى عدم تقديم دراسة تأثير انهيار السد على دولتي المصب ، كما أكدت اللجنة أن بناء السد سيتسبب في تقليل معدلات التدفق للمياه من وإلى دولتي المصب مصر والسودان، وهو ما لم يمكن اللجنة من تقييم الأثر الحقيقي للسد على تدفق المياه إلى مصر والسودان.
واستكمل أن التقرير أكد وجود تأثير قوى على المناخ وإمدادات المياه إلى مصر وأن ذلك سوف يتسبب في مزيد من خسارة الطاقة ، وأن هناك توقعات بآثار سلبية على بعض الزراعات في المنطقة والغابات المتشاطئة على النيل الأزرق ، وكذلك التأثير على امدادات المياه الجوفية على طول النيل الأزرق.
وحذر مهران من أمر كارثي جاء بتقرير لجنة التحقيق، حيث أكد وجود عوامل كثيرة قد تؤثر بشكل كبير على أمان السد على المدى الطويل، وهو ما يشير إلى زيادة احتمالات انهيار السد، وأنه ستكون هناك تأثيرات كارثية على السودان بداية من انهيار كل السدود على النيل الأزرق وارتفاع منسوب المياه في الخرطوم بدرجة كبيرة، وهو ما يمثل دمارا تاما، هذا بالإضافة لما سيحدث نتيجة اضطرار مصر لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالي للحفاظ عليه من الانهيار، وهو ما سيؤثر سلبيا على كل المنشآت المائية على النهر من أسوان وحتى الدلتا، بالإضافة لاحتمال غرق كثير من الأراضي والمنشآت القريبة من جسور نهر النيل
. ونوه مهران، إلى أن "هناك ضرر واضح بالنسبة للسودان، أما بالنسبة لمصر فلا ضرر حتى الآن.
----------------------------
تقرير- آمال رتيب
من المشهد الأسبوعية