29 - 03 - 2024

لبيك اللهم حبا بالبيوت

لبيك اللهم حبا بالبيوت

كثيرة هي المفاهيم المشرقة التي أنارت درب الحب في العالم ، ومع استمرار التحديات التي تداهم الأسر المصرية والعربية في عقر دارها، نحتاج أن نستغل هذه الأيام الطيبة (العشر الأوائل من ذي الحجة) مع قرب حلول عيد الاضحى المبارك أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات، إلى التذكير بأهمية الحب والوئام في البيوت، مرددين مع الحجيج : لبيك اللهم لبيك حبا ومودة.

يقول تعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "، وعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :من أحب الناس إليك؟ قال: "عائشة".

ويقول صاحب القلم الرحيم الكاتب الصحفي الراحل عبد الوهاب مطاوع :" الحب في مفهومه الحقيقي عطاء بلا تحفظات ولا حسابات يقابله غالبًا عطاء مماثل إن لم يزد عنه من جانب الشريك المحب".

ويقول مطاوع رحمه الله كذلك :"لكل غرس حصاد ومن لم يزرع بذور الحب والعطاء لأبنائه في الصغر ليس من حقه أن يشكو حصد الجفاء في الكبر".

والكثير يتحدث عن الحب المشروط أو الحب المطلق (غير المشروط) ، ولكن نريد اليوم التحدث عما نسميه "الحب الايجابي"، فهو الطريق الثالث الأجدى.

إن الحب المشروط ، وفق البعض ، يقوم على اشتراط التغيير للأفضل مقابل أي مشاعر حب ، أو بحسب البعض، اشتراط مظاهر معينة أو صفات محددة أو افعال بعينها مقابل استمرار تبادل الحب وتدفقه، أما الحب غير المشروط فهو الذي يقوم على حب الآخر دون شرط أو قيد ، مع تقبله كما هو، وعدم انتظار رده على ذات الدرجة من العطاء العاطفي وغيره.

ويعتبر أنصار الحب المطلق "غير المشروط" ، الحب المشروط ، علاقة مرضية مادية لا تمت للحب بصلة، فيما يعتبر أنصار الحب المشروط، الحب المطلق علاقة استباحة متكاملة الأركان، واستنزاف ، وبين هذا وذلك ندعو إلى الحب الإيجابي الذي يستفيد من محاسن الحبين ومكارمهما ، ويتجنب سلبياتهما.

ومن ايجابيات الحب غير المشروط، أنه يبني على المودة الخالصة بدون تغير بسبب مادي أو غير مادي، وغير مقترن بأي مصلحة أو استغلال ، فهو حب من أجل الحب ، ويكثر في العلاقة بين الوالدين وأبنائهم ، ويتواجد بين بعض الأزواج.

ومن ايجابيات الحب المشروط أنه قد يكون سببا في التغيير للأفضل إذا حدثت اضطرابات في العلاقات ، فيكون دافعا للتغيير وبداية جديدة لبداية أرسخ إذا تم تحديد الشروط لتلافي تلك الاضطرابات، كما أنه قد يوفر سبل للتوافق والاستقرار بين المقبلين على الزواج إذا كان أحدهم عقلاني بدرجة أكبر.

وفي رأينا أن الحب الإيجابي في البيوت، هو "حب مطلق" بضوابط ، يقوم على العطاء النبيل والوفاء الجميل والمودة المتجددة والتسامح الرصين ، ولكن بضوابط تبدأ من عدم الاستباحة للآخر أو استغلاله أو العمل على السيطرة عليه أو امتلاكه واستبعاده أو احتقار قراره أو مساحاته باسم الحب.

إن الأمر الذي يساعد على نمو الحب الإيجابي في البيوت هو حب الله، فما كان لله دام واتصل ، ومن كان لغيره انقطع وانفصل، كما جاء في الأثر، وحب الله يؤدي بلا شك إلى صناعة حب ايجابي في البيوت ، فمنه عزوجل مداد الوداد الأبقى.

ومن هنا نقول لبيك اللهم لبيك حبا بالبيوت.
----------------------------
بقلم حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان