18 - 04 - 2024

الدحيح والعصور الوسطى

الدحيح والعصور الوسطى

الدحيح في حلقة (تاريخ الفلك)، والمنشورة على اليوتيوب بتاريخ 9 نوفمبر ٢٠٢١ وفي الدقيقة 7.24 تقريبا قال ما نصه: (سنة ٤٧٦ سقطت الإمبراطورية الرومانية بعد ما تمت الإطاحة بآخر أباطرة الرومان روميلوس، ودخلت أوروبا فيما يعرف بالعصور المظلمة لمدة ١٠٠٠ سنة تقريبا، والمؤرخين بيشيروا للفترة دي بالعصور المظلمة .. ياترى الكهربه كانت قاطعة يا أبو حميد .. عزيزي لم يكن هناك كهربا بس هي اتسمت كده بسبب غياب وشح الكتابات التاريخية، وندرة الانجازات الحضارية، وتفشي الجهل والحروب؛ دا غير الفقر وانعدام الأمان وانحطاط عام في جميع جوانب الحياة؛ كانت عصور مظلمة قوي يا عزيزي ربنا ما يعودها على البشرية أبدا).

والسؤال الآن .. ما الخطأ الذي وقع فيه الدحيح؟

الإجابة ببساطة أنه (كبر مخه) فلم يذكر الحقيقة كاملة، لأنه يعرف؛ مثلما يعرف فريق الإعداد أن الحقيقة كاملة ستجلب له المشاكل، فالعصور المظلمة أو الوسطى عصور مملوءة بالفساد الكنسي هذه هي الحقيقة دون مواربة. ولكنه بالبلدي (اشترى دماغه) بمعنى آخر، وجد نفسه سيدخل في صدام (هو في غنى عنه)، خاصة لو قام أحدهم بالصيد في الماء العكر بمنطق (الدحيح مش مسيحي) -وقبل أن تعتقد أننى أحمل الأمور أكثر مما تحتمل أدخل على صفحة بها نقاش بين أطراف مختلفي الديانة، ستجد نظرية المؤامرة حاضرة بقوة أن لم تكن هي أساس النقاش- كما أنه من ناحية أخرى يريد الحفاظ على جمهوره من المسيحيين، أو لأن معلومة من هذا النوع لن تخدم الحلقة .. إلخ

أمور كثيرة جعلت الدحيح وفريقه الرائع ينتقون الكلمات بعناية فائقة. ولكن كل هذالا ينفي الحقيقة ولا يجملها ولن يخفيها؛ ففترة العصور الوسطى هي فترة من أكثر فترات التاريخ الإنساني انحطاطا؛ حيث الحكم الديني الفاشي بكل ما فيه من فساد كهنوتي، والذي (وصل للركب)، ولو كنت يا عزيزي القارىء سمعت عن شيء اسمه (صكوك الغفران) فهذا الأمر ما هو إلا التحابيش، لأن هذه الفترة كانت مملؤة بالمؤامرات والدسائس، ناهيك عن قيام الباباوات بحرق الهراطقة، علاوة  على محاكم التفتيش، و بالطبع مناخ مثل هذا لن تجد للفنون أي أثر،  فالفن حرام. ملخص الأمر هي فترة شديدة الانحاط في التاريخ الإنساني، وكما قال الدحيح : (ربنا ما يعودها على البشرية أبدا). ولا يعود أى حكم ديني مهما كان

السؤال الأهم وهو سؤال بعيد كل البعد عن الدحيح؛ هو سؤال خاص بنا هل تعتقدون أن التكتيم والتعتيم والتجاهل هو الحل؟ هل تعتقدون أن مثل هذه الأجواء ستخلق مناخا صحيا للتقدم؟ بالطبع لا ..فما فعله الدحيح - وله كل الحق - هو نفس ما نفعله ولكن للأسف الشديد التاريخ يخبرنا بما هو عكس ذلك؛ فأي دولة تقدمت اعتمدت على المكاشفة والصراحة والوضوح وإطلاق العنان للحرية وللفكر، فمنطق اركن المعلومة دي، وصهين على المعلومة دي، واخفي المعلومة دي، لم يعد يصلح ، خاصة ونحن نعيش ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، نحن بمثل هذه الطريقة في التفكير لا نحل الأمور، الحل يكون بالمكاشفة أي بوضع الأمور على طاولة الحوار ومناقشتها بعقلانية، هل نستطيع داخل مناهجنا تدريس العصور الوسطى بعقلانية؟.
------------------------------
بقلم : مينا ناصف

مقالات اخرى للكاتب

إحنا مش ضد اليهود!





اعلان