نتعرض لكثير من المواقف الصعبة والتي لا تؤثر فينا، لكن عندما تكون الصدمة من أحبابنا يختلف الوضع اختلافًا كثيرًا. وهنا نتساءل لماذا يصعب تجاوز الصدمة مِمَن نحب؟
والإجابة: أننا وضعناهم في موضع أكبر مما يستحقون وبرمجنا عقولنا على أنهم موضع حبنا واهتمامنا ومصدر سعادتنا، أعطيناهم الثقة كاملة ولم نتوقع منهم أي غدر أو تقلب حال، وهنا تأتي عين المحب التي لا ترى العيب أو تراه ولكن تتجاوز عنه إما تبرره أو لا تهتم به لأنها لا تريد أن ترى إلا ما تحب أن تراه ولا تريد أن تلوث الشعور الذي ارتبط بذلك الشخص.
ويتأرجح الانسان بانسانيته بين حالتين أما العقل أو القلب، والأفعال بينهما إما تعكس صورة الفكر والعقل وما ينزع له، أو صورة القلب والمحبة وما يميل له بعاطفته
أما نحن فلا نضمن أيهما يغلب على الآخر بداخل من نحب، وما نرجوه نحن منهم وما نتوقعه، فربما يغلب العقل وتُكسر قلوبنا لذا لابد أن نتفادى هذه الأزمة.
ويتجلى الرد هنا بقول الإمام (علي) رضي الله عنه " أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونًا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما"
ويوضح هذا أننا لا نضمن تقلب الزمن وتقلب الأحوال، وحقيقة الحياة أنها لا تبقى على حال، ومن ثم فالأفراد تتقلب بطبيعة تقلب الدنيا من حولهم، لذا علينا حماية انفسنا من الصدمات ولا يكون ذلك إلا بتصحيح أفكارنا وتقبل تغير الناس، فمهما كانت محبتنا لهم علينا أن نتوقع تقلب قلوبهم وأحوالهم وأحوال الدنيا من حولهم ولا نضع احد في منزلة مقدسة فالقدسية لله وحده ولرسله.
ونَخلُص من ذلك أن توقعاتنا هي التي تسبب لنا الصدمة وليس فعل الاخر، فأغلب الخذلان الذي نتعرض له ليس جديدا، بل تعرض له قبلنا الكثيرون وسيتعرض له بعدنا الكثيرون وما دام الأمر كذلك ومعروف فلماذا نصدم؟
الإجابة: هي أننا وثقنا أننا لن نقع فيما وقع فيه غيرنا لأن من نحبهم مستحيل أن يخذلونا وهذا الفكر هو السبب الحقيقي وراء الأزمة لأن أحيانا لاتصدمنا الأخطاء بقدر ما يصدمنا أصحابها، ولكي لا نُصدم من أحد ويؤثر ذلك فينا وربما بعض الصدمات تُذهب بأصحابها فلابد أن نتوقع كل شيء من كل شخص مهما كانت محبتنا له، وهذا سيحفظ علاقتنا بالناس ويحفظ سلامة صدورنا ونقاء أنفسنا وهذا هو و أعظم المكاسب وعلينا أن لا نغفل عن الحقيقة وهي في قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام حبب من شئت فإنك مفارقه)
وختام ذلك لا تحزن عند الصدمات فلولاها لبقينا مدة طويلة مخدوعين فهي صادقة رغم قسوتها.
ولنعلم جيدا ونوقن أننا سنتعافى مهما بلغ حجم الصدمة ومهما طال الوقت فستمر وتكون ذكرى ويتبقى منها العبرة والعظة والصلابة التي استنتجناها منها.
------------------
بقلم: شيماء الاشقر