19 - 03 - 2024

جدل حول رفع المركزي للفائدة .. من المستفيد والمتضرر من القرار؟

جدل حول رفع المركزي للفائدة .. من المستفيد والمتضرر من القرار؟

استهدف الحفاظ على استمرار تدفق الأموال الساخنة والاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية  
- سيد قاسم: المواطن البسيط هو الأكثر عرضة وتأثراً بتبعات قرارات رفع الفائدة
- محمد عبدالهادي: كل رفع 1% للفائدة يزيد عجز الموازنة وفوائد الدين 28 مليار جنيه 
- جون لوكا: يشجع الأفراد على الإدخار في الشهادات البنكية لكنه يرفع تكلفة الإقراض
- اسامة زرعي: زيادة الفائدة تحد من قروض الأفراد الموجهة لشراء السلع الترفيهية

يجمع خبراء اقتصاد أن قرار المركزي المصري بزيادة سعر الفائدة 2% للمرة الثانية على التوالي هذا العام بعد ارتفاع بنحو 1% في مارس الماضي، يستهدف كبح جماح ارتفاعات الأسعار،ووقف هروب ما يسمى بالأموال الساخنة من الأسواق والتي ظلت لسنوات تدعم الاقتصاد المصري.

وعلى الرغم من التأثيرات السلبية المتوقعة لارتفاع سعر الفائدة على مستويات الأسعار، إلا أن الاقتصاديين يرون أنها خطوة ضرورية لمواجهة الضغوط المحلية والخارجية التي يتعرض لها الاقتصاد المصري جراء التبعات السلبية للحرب الأوكرانية الروسية.

خطوة متوقعة

يرى د. سيد قاسم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أن الشركات الناشئة بمختلف قطاعاتها تعيش حالة من التأرجح  بين السياسة التقشفية المطلوبة خلال الفترة القادمة، وبين قرارات الفيدرالي الأمريكي التي تطلب من اقتصاديات العالم تجهيز شراع السفينة الاقتصادية لتسعي فى إتجاه معاكس لكبح جماح قوى التضخم.

والحقيقة أن مشهد التضخم العالمي يزداد توتراً، ويرجع ذلك إلى التصريحات التى يدلي بها رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالي الأمريكي وقراراته التي تسعى إلى إبطاء معدل النمو لدفع التضخم إلى الانخفاض، بالاضافة الى التأكيد على مواصلة رفع اسعار الفائدة أكثر من مرة خلال الاجتماعات المقبلة.

ويضيف أن قرار المركزي المصري برفع الفائدة بمعدل 200 نقطة، خطوة كانت متوقعة، وسيكون لها الأثر الإيجابي فى كبح جماح التضخم واحتواء الضغوط التضخمية، من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق، وبالتالي يتراجع الاستهلاك والاستثمار وتعيد الأسواق برمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.

ويتابع أن المواطن البسيط هو الأكثر عرضة وتأثراً بتبعات قرارات رفع الفائدة والتى ستعمل على سحب معدل السيولة من السوق وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، كما ستتأثر الشركات الناشئة متناهية الصغر، مما سيزيد من انخفاض مستوى هذه الشركات، وسينعكس على معدل البطالة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي كان المواطن البسيط منتظراً أن ينعم بثمار منظومة الاصلاح الاقتصادي، والتى تحمل تبعتها فترة طويلة، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن.

منع الهروب

ويستغرب د. محمد عبد الهادى خبير أسواق المال، من قرار المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، بعدما صرح رئيسه طارق عامر في آخر إجتماع له أن الدولة سوف تتخذ كافة الإجراءات لكبح التضخم المرتفع في ظل انخفاض سلاسل الإمداد والتوريد، نتيجة للحرب الروسية الاوكرانية، وتأثير ذلك علي ارتفاع التضخم.

ويضيف أن دولا مثل انجلترا ارتفع معدلات التضخم فيها إلى 7.3% أعلى معدل منذ 13 عاماً، ولم يغير بنك انجلترا سياسته إلى رفع أسعار الفائدة وكذلك الحال المانيا التي ارتفع فيها التضخم إلى 6.3% بعد أن سجل 7% ودعا رئيس ألمانيا شعبه إلى التخلي عن الرفاهية.

ويتابع أن قرار رفع أسعار الفائدة في مصر جاء وفق ما ذكره المركزي بسبب التحديات العالمية المتلاحقة وتأثير الدول في محاولة السيطرة علي عدم خروج الإستثمارات الأجنبيه بقدر المستطاع، وخاصة أن مشروع الموازنه العامة للدولة يعاني من عجز نتيجة لانخفاض الإيرادات عن المصروفات، ولذلك تسعى الدولة إلى سد العجز عن طريق إصدار سندات وأذون الخزانة والاقتراض.

 ولذلك فإن كافة المتغيرات في المحافظة على الاستثمارات الأجنبية في ظل التحديات العالمية، تدفع إلى رفع أسعار الفائدة، كما أن المركزي اتخذ قراره وفق المفاضلة والمبادلة بين الخيارات علي الرغم من علمه بمدى تأثيره علي الاستثمار، ولكن أهم مسبباته كبح التضخم.

وبحسب عبدالهادي، فإن أن أي رفع لسعر الفائدة بنحو 100 نقطة سوف يؤدي إلي زيادة في عجز الموازنة ورفع فوائد الدين بقيمه 28 مليار جنيه، فضلاً عن أنه يؤدي إلى انخفاض حركة الإنتاج والصناعة، وبالتالي تسعى الدولة إلى سحب السيولة من الأفراد، بحيث تدفع الأسعار نحو الانخفاض في ظل ارتفاع التضخم إلى 14%.

ويوضح أن تداولات البورصة سوف تتأثر بقرار رفع الفائدة ، ويتوقع أن تشهد البورصة انسحاباً لجزء من الاستثمارات نتيجة المفاضلة بين البدائل الاستثمارية للمستثمرين الراغبين في عائد ثابت دون مخاطرة إلا إذا قامت الحكومة باتخاذ خطوات أهمها في ذلك التوقيت ضخ سيولة بالسوق كي تحافظ علي الاستثمار بالبورصة في ظل الضغوط الداخليه والخارجية.

ويتابع أنه من المتوقع أن يؤثر رفع أسعار الفائدة علي قيمة الجنيه المصري، وهو ما حدث عندما رفعت الفائدة في شهر مارس إذ تراجعت قيمة الجنيه 18% أمام الدولار، وبالتالي سوف يتأثر سعر الجنيه أمام الدولار خاصة أنه تأثر بالفعل نتيجة لارتفاع الفائدة الأمريكية، وأدى ذلك إلى ارتفاع كبير لكافة الأسعار ومزيد من الضغوط علي زياده نفقات المواطن، وإن كانت هذه المتغيرات مكتسبة من الخارج، نتيجة للوضع الضبابي للحرب الروسية الاوكرانيه وتأثيراتها علي العالم كله.

خطوة ضروية 

علي نفس المنوال، يقول جون لوكا الخبير الاقتصادي، إن قرار المركزي المصري برفع الفائدة خطوة ضرورية للحفاظ على سعر الجنيه وامتصاص وسحب السيولة من السوق المحلي، مما يقلل من القدرة الشرائية، ويؤدي لكبح ارتفاع الأسعار.

ويضيف أن رفع الفائدة يشجع الأفراد على الادخار في الشهادات البنكية، لكنه في المقابل يرفع نسبة الفائدة على القروض القائمة والجديدة، وإن كانت هناك مبادرات طرحتها الحكومة لتيسير تمويلات المشروعات التنموية سيحميها من تأثير ارتفاع تكلفة الاقتراض.

الأمر الثاني أن رفع الفائدة هدفه الحد من خروج الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين والحفاظ على جاذبية الأصول المحلية، إضافة إلى تخفيف الضغط على العملة الأجنبية، واستقرار سعر الصرف ومواجهة معدل التضخم.

ولذلك فإن رفع الفائدة هدفه الرئيسي الحفاظ على استمرار تدفق الأموال الساخنة، وهي الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية والتي شهدت تراجعاً خلال الفترة الماضية متجهة إلى أمريكا بعد رفع سعر الفائدة في بنوكها، ولكن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة ضرورية للاقتصاد المصري في الحفاظ على توافر العملة الصعبة ودعم العملة المحلية.

ويوضح لوكا، أن لجوء المركزي لرفع أسعار الفائدة جاء لاستباق الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم، إضافة لتخفيف الضغط على العملة الأجنبية، كما أن تحول الاقتصاد المصري من الاقتصاد النقدي لاقتصاد حقيقي مرتبط بمشروعات كبيرة تدر عائدا قويا وفعليا، فهذا سيجنبه الصدمة التي تضرب عدداً من الاقتصادات في المنطقة.

ويتفق أسامة زرعي الباحث  الاقتصادي والمحلل الفني مع الآراء السابقة في أن رفع الفائدة بنسبة 2% سيعمل على امتصاص السيولة، للحد من قروض الأفراد للسلع الترفيهية، وكذلك الحد من الموجة التضخمية الناجمة عن الصراعات التي يعيشها العالم ، كما أنه يساعد البنك المركزي في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، الذي تحقق خلال الفترة الماضية، ومدى استخدامه لمرونة سعر الصرف، لتكون بمثابة امتصاص للصدمات.
--------------------------
تقرير : بسمة رمضان
من المشهد الأسبوعي







اعلان