10 - 11 - 2024

لا تظلموا المرأة ولا الرجل!

لا تظلموا المرأة ولا الرجل!

الشطر الأول من هذا العنوان، بالتأكيد يزعج المجموعات الذكورية بكافة كتائبها المسلحة بالفوقية وإنكار حقوق المرأة ، ويعجب النسويات المعتدلات أو المتطرفات على السواء ، والشطر الثاني يجلب لنا دعوات دعاة إعادة الاعتبار للرجل الحقيقي وانصافه وسخط المتطرفات والمتضررات ، والمجتمع بين أولئك وهؤلاء يئن من سياسيات الأرض المحروقة للمهوسيين بالصراع الجندري.

إن انصاف المرأة والرجل ، تكليف إلهي وواجب إنساني، وظلمهما، تحت أي مزاعم ، جريمة عظمى ، وورد في الحديث القدسي : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)، كما انهى الله تعالى الجدل منذ الأزل بقوله :" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

وبوضح شديد، إن منظومة الأسرة هي حلبة الصراع الحقيقية بيننا وبين أعداء القيم، وهي الهدف الرئيسي من اشعال الحرائق بين الجنسين قبل الزواج أو بين الزوجين بعد الارتباط.

ولقد أحسن الأزهر الشريف في بيانه العظيم في 5 مايو الجاري ، عندما حذر من "التسلل إلى داخل المجتمعات المسلمة واستهداف الدين الإسلامي؛ خاصة فيما يتعلق بمنظومة الأسرة وقواعد الميراث التي حددها القرآن الكريم وفسرتها السنة النبوية الشريفة، وذلك من خلال محاولة تشويه العدل الإلهي الممثل في قواعد الميراث في الإسلام، وتصويرها بالظالمة للمرأة، والمغتصبة لحقوقها، والزج بهذه الدعوات في المؤتمرات والندوات والمطالبة بتغييرها بدعوى إنصاف المرأة ومساواتها في الحقوق مع الرجل".

 كما دعا الأزهر الجميع وفق بيانه إلى النظر والتأمل في قواعد الزواج والميراث التي شرعها الله في الإسلام، واستلهام العبر من مبادئها والأصول التي بنيت عليها الحكمة والعدل الإلهي؛ والنظر في واقع المجتمعات التي جنبت الدين ونصبت الإنسان بديلًا عن الخالق الحق، وما نتج عن ذلك من تفكك أسري، وزواج بلا ود أو رحمة، وأطفال بلا أب أو أم وبلا حقوق، ومحاولة دراسة هذا النظام الإلهي الذي حافظ على المرأة وكرمها، وكفل لها حقوقها وجعلها من أهم مقومات المجتمع المتحضر". أ.هـ

وبناء عليه، دعونا نتفق على تركيز الجهود على الإنصاف وتقوية الروابط الإنسانية والعاطفية والأسرية بين الجنسين، وتعزيز الحقوق والتوعية بالواجبات في كافة محطات العمر، ووقف الحرائق وحملات نشر التيه والحيرة، وانشاء جيل جديد يقر الحقوق ويعززها بصدق بعيدا عن أصحاب الغلو والتطرف، أودعاة الانفلات والانسلاخ، أوالرغبات المحمومة للمتطرفين في اختطاف المرأة وعزلها في "جيتو نسوي"، وبعيدا كذلك عن حوار الطرشان المستمر بين أولئك الأباطرة ، ما جعل الأمور تتجه للأسوأ ونسب الطلاق للأعلى ونسب أطفال الشقاق لمعدلات خطيرة.

كثيرة هي الكتب والمقالات والمؤتمرات التي تناولت انصاف المرأة عن علم واعتدال، وكثيرة هي تحذيرات الرجال الأسوياء ، من استمرار علو صوت التحريض والتخبيب والتفريق والتطرف النسوي والذكوري، واهدار حقوق الرجال في المنظومة الاجتماعية تحت رهاب اهدار حقوق المرأة أو سعار اعطائها ما لها وما ليس لها.

إن الإنصاف هو الحل ، والعدل هو السبيل، والهدوء هو الأمل، وإن النساء شقائق الرجال ، وفي وحدتهما قوة لا تغلب، وفي تفريقهما وبث الشقاق بينهما جرائم لا تعد ولا تحصى، فلا تظلموا المرأة أو الرجل عن قصد أو بدون قصد ، والله من وراء القصد.
---------------------------
بقلم : حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي